الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} [النساء: 22].
2 -
وقال تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23]، معطوفًا على قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]. وجه الدلالة من هذه النصوص: دلت هذه النصوص على تحريم ما نكح الآباء على الأبناء، وما نكح الأبناء على الآباء.
النتيجة:
تحقق الإجماع على ثبوت تحريم ما نكح الآباء على الأبناء، وما نكح الأبناء على الآباء، بمجرد العقد، ولا يشترط في ذلك الدخول.
[5 - 55] المُلاعِنَةُ تحرم على زوجها تحريمًا مؤبدًا:
شرع اللَّه سبحانه وتعالى اللعان بين الزوجين عندما يتهم الرجل امرأته بالزنى، فإذا وقع اللعان بينهما فلا تحل له بعد اللعان أبدا، أكذب الزوج نفسه أم لا، ونقل الاتفاق على ذلك.
• من نقل الاتفاق:
1 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "ما يقع به فسخ النكاح بعد صحته: . . . أن يتم التعانه، والتعانها، . . . ولا خلاف في ذلك"(1).
2 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن فرقة التلاعن واقعة (2) "(3).
3 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "إن الملاعنة تحرم عليه باللعان تحريمًا مؤبدًا؛ فلا تحل له، وإن أكذب نفسه. . . ولا خلاف بين أهل العلم في أنه إذا لم يكذب نفسه لا تحل له"(4). ونقله عنه ابن قاسم (5).
4 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "اتفق الأئمة على أن فرقة التلاعن واقعة بين الزوجين"(6).
• الموافقون على الاتفاق: أولًا: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على أن الملاعنة تحرم على زوجها الذي لاعنها تحريمًا مؤبدًا، إن لم يكذب الزوج نفسه، وافق عليه
(1)"المحلى"(9/ 331).
(2)
أي: بين الرجل وامرأته التي لاعنها.
(3)
"الإفصاح"(2/ 137).
(4)
"المغني"(11/ 149).
(5)
"حاشية الروض المربع"(6/ 286).
(6)
"الميزان"(3/ 232).
الحنفية (1)، والمالكية (2).
ثانيًا: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على أن الملاعنة تحرم على زوجها الذي لاعنها تحريمًا مؤبدًا، إن أكذب نفسه، وافق عليه أبو يوسف، وزفر، والحسن بن زياد (3) من الحنفية (4)، والمالكية (5).
• مستند الاتفاق:
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: "المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان"(6).
2 -
قول عمر، وسهل بن سعد (7)، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود:"مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدًا"(8).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب عثمان البتي (9) أن اللعان لا يتعلق به فرقة
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 53)، "فتح القدير"(4/ 288).
(2)
"المعونة"(2/ 660)، "التفريع"(2/ 100).
(3)
هو الحسن بن زياد اللؤلؤي، صاحب الإمام أبي حنيفة، أخذ عنه، وعن أبي يوسف، وزفر، وكان محبًّا للسنة واتباعها، ولي القضاء، وكان عالمًا بالروايات عن أبي حنيفة، توفي سنة (204 هـ). انظر ترجمته في:"الجواهر المضية"(2/ 56)، "تاج التراجم"(150).
(4)
"بدائع الصنائع"(5/ 53)، "فتح القدير"(4/ 288).
(5)
"المعونة"(2/ 660)، "التفريع"(2/ 100).
(6)
أخرجه الدارقطني (3664)(3/ 192)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 409). وقال: إسناده صحيح.
(7)
هو سهل بن سعد بن مالك الخزرجي، كان اسمه حزنًا، فسماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سهلًا، شهد قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين، مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وعمره خمس عشرة سنة، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة، توفي سنة (91)، وقيل:(96 هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 575)، "الإصابة"(3/ 167).
(8)
قول عمر: أخرجه البيهقي (7/ 410)، وقول سهل: أخرجه الدارقطني (3662)(3/ 192)، والبيهقي (7/ 410)، وقول علي وابن عباس: أخرجه الدارقطني (3665)(3/ 193)، والبيهقي (7/ 410)، وقول ابن مسعود: أخرجه الدارقطني (3666)(3/ 193)، وصحح الألباني هذه الآثار عن هؤلاء الصحابة إلا ما ورد عن علي؛ فإنه قال: ما ورد عن علي؛ فيه قيس بن الربيع، وهو ضعيف. لكن يشهد له ما قبله فإنها ثبتت بأسانيد صحيحة. انظر:"إرواء الغليل"(7/ 187 - 188).
(9)
هو أبو عمرو عثمان بن مسلم البتي البصري، روى عن أنس، والشعبي، وأخذ عنه شعبة، والثوري، وحماد ابن سلمة، كان ثقة، له أحاديث، وكان صاحب رأي وفقه، توفي سنة (143 هـ). انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب"(7/ 153)، "الوافي بالوفيات"(3/ 225).
أبدًا (1).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن اللَّه سبحانه وتعالى لم يذكر في كتابه أنه إذا وقع اللعان بين الزوجين، فيجب وقوع الفرقة بينهما (2).
2 -
قول عويمر (3): "كذبتُ عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها، فطلَّقها ثلاثًا"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ الطلاق، ولو وقعت الفرقة لما نفذ طلاقه (5).
ثانيًا: ذهب الإمام أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن (6)، والإمام أحمد في رواية عنه (7)، إلى أن المرأة تعود لزوجها إن أكذب نفسه، فلا تحرم عليه تحريمًا مؤبدًا في هذه الحالة.
وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن، وسعيد بن جبير (8).
• أدلة هذا القول:
1 -
أنه إذا أكذب نفسه فقد بطل حكم اللعان، فكما يلحق به الولد، ترد إليه المرأة كذلك (9).
2 -
أن السبب الموجب للتحريم هو الجهل بتعيين صدق أحدهما، مع القطع بأن أحدهما كاذب، فإذا انكشف ارتفع التحريم (10).
النتيجة:
أولًا: ما نقل من الاتفاق على وقوع الفرقة بين الزوجين باللعان اتفاق صحيح، ولا ينظر لخلاف عثمان البتي، لما يلي:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين، فكانت سنة أن يفرق بين المتلاعنين، وقول
(1)"المغني"(11/ 145)، "الجامع لأحكام القرآن"(12/ 178)
(2)
"الجامع لأحكام القرآن"(12/ 178)، "فتح الباري"(9/ 538).
(3)
هو عويمر بن أبيض العجلاني الأنصاري، صاحب اللعان، الذي رمى زوجته، فلاعن بينهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما قدم من تبوك سنة تسع للهجرة. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 305)، "الإصابة"(4/ 620).
(4)
أخرجه البخاري (5308)(6/ 219)، ومسلم (1492)"شرح النووي"(10/ 98).
(5)
"المغني"(11/ 145).
(6)
"فتح القدير"(4/ 288)، "البحر الرائق"(4/ 127).
(7)
"الإنصاف"(8/ 121)، "الشرح الكبير"(20/ 301).
(8)
"المغني"(11/ 149)، "الجامع لأحكام القرآن"(12/ 179).
(9)
"بداية المجتهد"(2/ 209)، "بدائع الصنائع"(5/ 54).
(10)
"بداية المجتهد"(2/ 209).