الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النخعي؛ فقال الحسن: للأب أن يزوج ابنته صغيرة كانت أو كبيرة، ثيبًا كانت أو بكرًا، وإن كرهت (1).
وقال النخعي: يزوج ابنته إن كانت في عياله، فإن كانت بائنة في بيتها استأمرها (2).
النتيجة:
تحقق الإجماع على أنه لا بد من رضى الثيب في النكاح، ولا يلتفت لخلاف الحسن، والنخعي، للأسباب التالية:
1 -
قال إسماعيل بن إسحاق (3): لا أعلم أحدًا قال في البنت بقول الحسن، وهو قول شاذ، خالف فيه أهل العلم، والسنة الثابتة، لما روته خنساء بنت خذام (4).
2 -
وقال العيني: ولم يلتف أحد من الأئمة إلى هذين القولين لمخالفتهما السنة الثابتة في خنساء وغيرها (5).
3 -
وصف هذا الخلاف بأنه شاذ، فلا يلتفت إليه (6).
[10 - 30] تزويج الصغيرة:
نُقل الإجماع على جواز إنكاح الأب ابنته الصغيرة بغير رضاها، وأن له أن يجبرها.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن إنكاح الأب ابنته الصغيرة جائز، إذا زوجها بكفء"(7). ونقله عنه ابن قدامة (8).
2 -
الجوهري (350 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن تزويج الصغيرة جائز عليها"(9).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "أجمع العلماء على أن للأب أن يزوج ابنته
(1) أخرجه عبد الرزاق (10300)(6/ 145)، وابن أبي شيبة (3/ 459).
(2)
"عمدة القاري"(20/ 130)، و"المغني"(9/ 406).
(3)
هو إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل الجهضمي الأزدي، من أهل البصرة، وبها نشأ، واستوطن بغداد، من فقهاء المالكية، كان فاضلًا، عالمًا متفننًا، شرح مذهب مالك ولخصه، واحتج له، توفي سنة (282 هـ). انظر ترجمته في:"تاريخ بغداد"(6/ 284)، و"الديباج المذهب"(ص 151).
(4)
"المغني"(9/ 406).
(5)
"عمدة القاري"(20/ 130).
(6)
انظر: "بداية المجتهد"(2/ 14)، و"المغني"(9/ 406)، و"فتح الباري"(9/ 130).
(7)
"الإجماع"(ص 56).
(8)
"المغني"(9/ 398).
(9)
"نوادر الفقهاء"(ص 83).
الصغيرة، ولا يشاورها" (1). ونقل الإجماع أيضًا في الاستذكار (2). وقال أيضًا:"والأب له أن يزوج الصغيرة بإجماع المسلمين"(3).
4 -
البغوي (516 هـ) حيث قال: "اتفق أهل العلم على أنه يجوز للأب والجد تزويج البكر الصغيرة"(4).
5 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: "فأما البكر الصغيرة، فلا خلاف أنها أحق من وليها بنفسها بين المسلمين، أي: أن أباها يزوجها ولا يلتفت إليها؛ إذ ليس فيها ملتفت"(5).
(6)
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن الأب يملك تزويج البكر الصغيرة من بناته"(6).
(7)
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "أجمعوا على أن الأب يجبر البكر غير البالغ، وأنه لا يجبر الثيب البالغ"(7). وقال أيضًا: "اتفقوا على أن الأب يجبر ابنه الصغير على النكاح، وكذلك ابنته الصغيرة البكر، ولا يستأمرها، إلا ما روي عن ابن شبرمة (8) "(9).
8 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها (10) "(11).
9 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "إذا كانت صغيرة فإنه يزوجها بغير رضاها؛ لأنه لا إذن لها ولا رضى، بغير خلاف"(12).
10 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "وأجمع المسلمون على جواز تزويجه بنته البكر
(1)"التمهيد"(19/ 98).
(2)
"الاستذكار"(5/ 400).
(3)
"التمهيد"(19/ 84).
(4)
"شرح السنة"(5/ 31).
(5)
"عارضة الأحوذي"(5/ 22)، ويبدو أن العبارة فيها تقديم وتأخير.
(6)
"الإفصاح"(2/ 90).
(7)
"بداية المجتهد"(2/ 14).
(8)
هو أبو شبرمة عبد اللَّه بن شبرمة الضبي القاضي، فقيه الكوفة، أخذ عن الشعبي وغيره، قال حماد بن زيد: ما رأيت بالكوفة أفقه من ابن شبرمة، كان عفيفًا صارمًا، يشبه النُّسَّاك، شاعرًا، جوادًا، توفي سنة (144 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص 85)، و"شذرات الذهب"(1/ 215).
(9)
"بداية المجتهد"(2/ 15).
(10)
أي: أن للأب تزويجها بلا إذنها.
(11)
"المغني"(9/ 398).
(12)
"الجامع لأحكام القرآن"(13/ 250).
الصغيرة" (1).
11 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "فإن الشرع لا يمكن غير الأب والجد من إجبار الصغيرة باتفاق الأئمة"(2).
12 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "يجوز تزويج الصغيرة بالكبير إجماعًا، ولو كانت في المهد"(3).
وقال ابن حجر أيضًا ونسبه للمهلب (4): "أجمعوا أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر، ولو كانت لا يوطأ مثلها"(5). وقال أيضًا: "والبكر الصغيرة يزوجها أبوها اتفاقًا، إلا من شذ"(6).
13 -
العيني (855 هـ)، فذكره بنحو ما ذكر ابن حجر (7).
14 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "للأب أو وصيه تزويج ابنته البكر التي لها دون تسع سنين بغير إذنها ورضاها، إذا وضعها في كفء بلا نزاع"(8).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على جواز إنكاح الأب ابنته الصغيرة بغير رضاها، وأن له أن يجبرها وافق عليه ابن حزم (9).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].
• وجه الدلالة: جعل اللَّه سبحانه وتعالى عدة اللائي لم يحضن ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح أو فسخ، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها فيعتبر، وأن نكاحها قبل البلوغ جائز (10).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لِسِتِّ سنين، وبنى بي وأنا بنت
(1)"شرح مسلم"(9/ 174).
(2)
"مجموع الفتاوى"(32/ 57).
(3)
"فتح الباري"(9/ 39).
(4)
هو أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة التميمي، من أهل العلم المتفننين في الفقه، والحديث، والعبادة، صحب الأصيلي، وتفقه معه، وكان صهره. له شرح على البخاري، وله اختصار عليه سماه:"النصيح في اختصار الصحيح"، توفي سنة (435 هـ). انظر ترجمته في:"الديباج المذهب"(ص 427)، و"شجرة النور الزكية"(1/ 170).
(5)
"فتح الباري"(9/ 129).
(6)
"فتح الباري"(9/ 130).
(7)
"عمدة القاري"(20/ 78).
(8)
"حاشية الروض المربع"(6/ 256).
(9)
"المحلى"(9/ 38).
(10)
"المغني"(9/ 398)، و"فتح الباري"(9/ 129).
تسع سنين (1).
3 -
تزوج قدامة بن مظعون (2) رضي الله عنه ابنة الزبير حين نَفِسَتْ، فقيل له، فقال: ابنة الزبير إن مت ورثتني، وإن عشت كانت امرأتي (3).
4 -
زوج علي رضي الله عنه أم كلثوم ابنته وهي صغيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (4).
• وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أن عائشة، وابنة الزبير، وأم كلثوم بنت علي كنَّ صغيرات، وعندئذٍ لم يكنَّ في حال يعتبر إذنهن فيه (5).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب ابن شبرمة، وأبو بكر الأصم (6) إلى أنه ليس للأب أن يزوج ابنته الصغيرة، التي يقل عمرها عن تسع سنين إلا بعد البلوغ (7).
• دليل هذا القول: تأوُّل ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت ست سنين بأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، مثل زواجه بأكثر من أربع نسوة، ونحو ذلك (8).
ثانيًا: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه أن البنت التي تزيد على تسع سنين، وقبل البلوغ ليس لأبيها أن يجبرها، وهي اختيار ابن تيمية. وقال بعض المتأخرين من الأصحاب: وهي الأقوى (9).
• دليل هذا القول:
1 -
حديث عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بها وهي بنت تسع سنين"(10).
(1) أخرجه البخاري (5134)(6/ 163)، ومسلم (1422)"شرح النووي"(9/ 174).
(2)
هو أبو عمرو قدامة بن مظعون بن حبيب الجمحي، أخو عثمان بن مظعون، وخال حفصة وعبد اللَّه ابني عمر، يعد من السابقين الأولين للإسلام، شهد بدرًا وما بعدها مع النبي صلى الله عليه وسلم، توفي سنة (36 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 375)، و"الإصابة"(5/ 322).
(3)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 114)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 17).
(4)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 114).
(5)
"المغني"(9/ 398).
(6)
هو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ المعتزلة، وكان دينًا، وقورًا، صبورًا على الفقر، كان فيه ميل عن علي رضي الله عنه. من مصنفاته: كتاب "خلق القرآن"، وكتاب "الحجة والرسل"، و"الأسماء الحسنى"، و"افتراق الأمة"، توفي سنة (201 هـ). انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء"(9/ 402).
(7)
"نوادر الفقهاء"(ص 83)، و"بداية المجتهد"(2/ 14)، و"المحلى"(9/ 38)، و"فتح القدير"(3/ 274).
(8)
"المحلى"(9/ 39).
(9)
"الإنصاف"(8/ 54 - 55)، و"الشرح الكبير"(20/ 119 - 120).
(10)
سبق تخريجه.