الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: ذهب ابن حزم (1) إلى القول بعدم إباحة وطء أيّ أمة غير مسلمة بملك اليمين، وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما، والربيع بن خثيم (2)، والحسن البصري (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25].
• وجه الدلالة: هذا نص في إباحة نكاح الأمة المؤمنة فقط، ولم يرد إباحة نكاح الأمة الكتابية (4).
2 -
كما يحرم نكاح الأمة الكتابية، يحرم وطؤها بملك اليمين، كالمجوسية (5).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع في إباحة وطء إماء أهل الكتاب، بملك اليمين؛ لخلاف ابن حزم ومن معه من السلف في منع وطئهن.
[20 - 70] تحريم وطء المسلم للكافرة غير الكتابية بنكاح، أو ملك يمين:
يحرم على المسلم أن يطأ امرأة كافرة -غير كتابية- سواء كان هذا الوطء بنكاح، أو ملك يمين، ونقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الشافعي (204 هـ) حيث قال: "ولا اختلاف بين أحد من أهل العلم في تحريم الوثنيات -عفائف كنَّ أو زوانٍ- على من آمن، زانيًا كان أو عفيفًا"(6).
2 -
الماوردي (405 هـ)، حيث قال عن المجوس:"لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، وهذا قول سائر الصحابة، والتابعين، والفقهاء"(7). وقال أيضًا: ". . . لأن إبراهيم الحربي (8) رواه عن سبعة عشر صحابيًّا لا يعرف لهم مخالف، فصار
(1)"المحلى"(9/ 12).
(2)
هو أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوري الكوفي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وكان من أشد أصحاب ابن مسعود ورعًا، وقال علقمة: انتهى الزهد إلى ثمانية، فذكر منهم الربيع. قال ابن معين: لا يسأل عن مثله. مات بعد سنة (63)، وقيل: سنة (61 هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب"(3/ 210)، طبقات خليفة بن خياط (ص 141).
(3)
"المحلى"(9/ 14)، "الاستذكار"(5/ 494).
(4)
"المحلى"(9/ 14).
(5)
"المغني"(9/ 552).
(6)
"الأم"(5/ 219).
(7)
"الحاوي"(11/ 309).
(8)
هو إبراهيم بن إسحاق بن بشير الحربي، سمع من الإمام أحمد، ونقل عنه، كان إمامًا في العلم، رأسًا في الزهد، عارفًا بالفقه، بصيرًا بالأحكام، حافظًا للحديث، صنّف كتبًا كثيرة؛ منها:"غريب الحديث"، =
إجماعًا" (1).
3 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "وأما نكاح الكافرة غير الكتابية (2)، فلا يخالفنا الحاضرون في أنه لا يحل وطؤهن بزواج، ولا بملك يمين"(3).
4 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لمسلم نكاح مجوسية، ولا وثنية، ولا خلاف بين العلماء في ذلك"(4). وقال أيضًا: "ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين، فهذا أيضًا قول جمهور أهل العلم، ولم يختلف فيه فقهاء أهل الأمصار من أهل الرأي، والآثار"(5). وقال أيضًا: "وإجماع فقهاء الأمصار على أن نكاح المجوسيات والوثنيات -وما عدا اليهوديات والنصرانيات من الكافرات- لا يحل"(6).
5 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه لا يجوز للمسلم نكاح المجوسيات، ولا الوثنيات، ولا غيرهن من أنواع المشركات، اللاتي لا كتاب لهن، وسواء في ذلك حرائرهن وإماؤهن"(7). ونقله عنه ابن قاسم (8). وقال أيضًا: "وأجمعوا على أن المسلم تحل له أمته الكتابية، دون المجوسية والوثنية، وسائر أنواع الكفار"(9).
6 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه لا يجوز لمسلم أن ينكح الوثنية"(10).
7 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وليس للمجوس كتاب، ولا تحل ذبائحهم، ولا نكاح نسائهم، نص عليه أحمد، وهو قول سائر الفقهاء"(11). وقال أيضًا: "وسائر
= و"دلائل النبوة"، و"ذم الغيبة"، وغيرها، توفي سنة (285 هـ). انظر ترجمته في:"المنهج الأحمد"(1/ (174)، "الدر المنضد"(1/ 67).
(1)
"الحاوي"(11/ 309).
(2)
أي: المشركة غير اليهودية والنصرانية والمجوسية، فإن ابن حزم يرى أن المجوس أهل كتاب كما سيأتي.
(3)
"المحلى"(9/ 17).
(4)
"الاستذكار"(5/ 495).
(5)
"الاستذكار"(5/ 494).
(6)
"التمهيد"(2/ 128).
(7)
"الإفصاح"(2/ 104).
(8)
"حاشية الروض المربع"(6/ 305).
(9)
"الإفصاح"(2/ 107).
(10)
"بداية المجتهد"(2/ 74).
(11)
"المغني"(9/ 547).
الكفار غير أهل الكتاب، كمن عبد ما استحسن من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان، فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم" (1). وقال أيضًا:"وقد أخذ الصحابة سبايا فارس، وهم مجوس، فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن، وهذا ظاهر في إباحتهن، لولا اتفاق أهل العلم على خلافه"(2).
8 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "وأما المجوس فالعلماء مجمعون -إلا من شذ منهم- على أن ذبائحهم لا تؤكل، ولا يتزوج منهم"(3).
9 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "إن نكاح المجوسيات لا يجوز، كما لا يجوز نكاح الوثنيات، وهذا مذهب الأئمة الأربعة، وذكره الإمام أحمد عن خمسة من الصحابة في ذبائحهم ونسائهم، وجعل الخلاف في ذلك من جنس خلاف أهل البدع"(4).
10 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "ولا يجوز لمن لا يحل له نكاح الكفار وطء إمائهم بملك اليمين"(5).
11 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "ولا يجوز تزوج المجوسيات، أي: بإجماع الأئمة الأربعة، وفقهاء الأمصار، والصحابة"(6).
12 -
الشعراني (973 هـ)، فذكره بنحو ما قال قاضي صفد (7).
13 -
الحصكفي (1088 هـ) حيث قال: "وحرم نكاح الوثنية بالإجماع"(8).
14 -
الشوكاني (1250 هـ) حيث قال: ". . . وهي (9) تحرم على الفاسق المسلم بالإجماع"(10).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على تحريم وطء الكافرات
(1)"المغني"(9/ 548).
(2)
"المغني"(9/ 554).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(6/ 44).
(4)
"مجموع الفتاوى"(32/ 182)، وانظر:"مختصر الفتاوى المصرية"(ص 427).
(5)
"رحمة الأمة"(ص 398).
(6)
"البناية شرح الهداية"(4/ 542).
(7)
"الميزان"(3/ 187).
(8)
"الدر المختار متن "حاشية ابن عابدين" (4/ 125).
(9)
أي: المشركة.
(10)
"نيل الأوطار"(6/ 261).
من غير أهل الكتاب سواء كان بنكاح، أو ملك يمين، هو قول الحسن البصري، والزهري، والأوزاعي، والثوري، وإسحاق (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221].
2 -
وقال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].
3 -
وقال تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10].
• وجه الدلالة من الآيات: رخص اللَّه سبحانه وتعالى في نكاح نساء أهل الكتاب، فيبقى من عداهم على التحريم، فلا يحل نكاح المجوسية والوثنية؛ ولأن النكاح يقع على العقد وعلى الوطء، فتدخل فيه الحرة والأمة من المشركين (2).
4 -
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب، غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم"(3).
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن المجوس ليسوا بأهل كتاب، فلا يحل وطء نسائهم بنكاح أو ملك يمين (4).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب المالكية في قول (5)، إلى القول بإباحة نكاح المجوسيات بملك اليمين، وهو اختيار ابن تيمية، وابن القيم، في سائر الوثنيات (6).
وهو قول طاوس، ومجاهد، وعطاء، وعمرو بن دينار، وأبي ثور (7).
(1)"الإشراف"(1/ 76).
(2)
"المغني"(9/ 547)، "بدائع الصنائع"(3/ 464).
(3)
أخرجه مالك في "الموطأ" بلفظ: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"(ص 33)، وأخرجه عبد الرزاق مرسلًا (10028)(6/ 69)، والبيهقي مرسلًا في "الكبرى" (9/ 192). قال ابن حجر عن المرسل: وفي إسناده قيس بن الربيع، وهو ضعيف. وقال البيهقي: هذا مرسل، وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 172)، "السنن الكبرى" للبيهقي (9/ 192).
(4)
"بدائع الصنائع"(3/ 464).
(5)
"عيون المجالس"(3/ 1094)، "المعونة"(2/ 576).
(6)
"زاد المعاد"(5/ 132)، "حاشية الروض المربع"(6/ 311).
(7)
"الاستذكار"(5/ 494 - 495)، "التمهيد"(3/ 134 - 135)، "الجامع لأحكام القرآن"(5/ 123)، "البناية شرح الهداية"(4/ 542)، "المغني"(9/ 547)، "مختصر الفتاوى المصرية"(ص 427).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24].
2 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين بعثًا قِبَل أوطاس، فأصابوا لهم سبايا، فكأن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن، من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل اللَّه سبحانه وتعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24]، فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن (1).
3 -
وعنه رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة"(2).
• وجه الدلالة: أن سبايا أوطاس كن من العرب، وهم عبدة أوثان، وهذا ظاهر في إباحتهن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستبراء بوضع الحمل للحامل، والحيض لغير الحامل، ولم يقل حتى تسلم؛ ولو كان الوطء متوقفًا على الإسلام؛ لكان بيانه أهم من بيان الاستبراء (3).
4 -
كان أكثر سبايا الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم من كفار العرب، وهم عبَدَة أوثان، ولم يكونوا يرون تحريمهن، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريمهن، ولا أمر أصحابه باجتنابهن، فمحمد بن الحنفية (4) أُمه من سبي بني حنيفة (5)، وأخذ الصحابة من سبايا فارس، فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن (6).
5 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط في وطء سبايا أوطاس أن يسلمن، بل اشترط الاستبراء
(1) أخرجه مسلم (1456)"شرح النووي"(10/ 30).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"المغني"(9/ 553)، "زاد المعاد"(5/ 133).
(4)
هو محمد بن علي بن أبي طالب، أمه من سبي بني حنيفة، وكان غاية في العلم، نهاية في العبادة، وكان شديد القوة، روى عن أبيه، وابن عباس، وسلمة بن الأكوع، وأبي هريرة وأبي سعيد، وعائشة، وجابر بن عبد اللَّه، وغيرهم، توفي سنة (80)، وقيل:(81 هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب"(2/ 276)، "شذرات الذهب"(1/ 88).
(5)
حي من بكر بن وائل من العدنانية، وهم بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، منازلهم اليمامة. انظر:"نهاية الأرب"(ص 223)، "جمهرة أنساب العرب"(ص 309).
(6)
"المغني"(9/ 553).
فقط؛ وحصولُ الإسلام في جميع السبايا، وكانوا عدة آلاف بحيث لم يتخلف عن الإسلام منهن جارية واحدة؛ مما يعلم أنه في غاية البعد، فإنهن لم يُكرَهن على الإسلام، فلم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشترط إسلام المسبية في موضع واحد البتة (1).
ثانيًا: ذهب ابن حزم (2) إلى القول بإباحة عقد النكاح على نساء المجوس، دون وطء إمائهم بملك اليمين، وأنهم أهل كتاب، وهو قول أبي ثور في إباحة نكاح نساء المجوس (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"(4).
2 -
جمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابة بعد هزيمة المجوس، فقالوا: بأي شيء نجري في المجوس من الأحكام؛ فإنهم ليسوا بأهل كتاب، وليسوا بمشركين من مشركي العرب، فتجري فيهم الأحكام التي أجريت في أهل الكتاب أو المشركين، فقال علي بن أبي طالب: بل هم أهل كتاب. . . الخبر بطوله (5).
3 -
يروى أن حذيفة تزوج بمجوسية (6).
4 -
أنهم يقرون بالجزية؛ فأشبهوا اليهود والنصارى (7).
النتيجة:
أولًا: ثبوت الإجماع في تحريم عقد النكاح على نساء المجوس، ولا ينظر لخلاف ابن حزم، وأبي ثور؛ إذ يريان إباحة ذلك؛ لما يأتي:
1 -
أن أبا ثور هو أول من قال بإباحة نكاح نساء المجوس، وقد خالف الإجماع الذي سبقه على تحريم عقد النكاح عليهن، فقد قال إبراهيم الحربي: روي عن بضعة
(1)"زاد المعاد"(5/ 132 - 133).
(2)
"المحلى"(9/ 12).
(3)
"البيان"(9/ 261).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
أخرجه ابن حزم بسنده في "المحلى"(9/ 18).
(6)
الذي في كتب الآثار أن حذيفة تزوج يهودية، وقيل: نصرانية.
انظر: "مصنف عبد الرزاق"(10056)، "مصنف ابن أبي شيبة"(3/ 296)، "سنن سعيد بن منصور"(1/ 193). وصححه الألباني كما سبق.
وذكره ابن المنذر بقوله: وقد روينا أن حذيفة تزوج مجوسية. وابن حزم عن الحسن أن امرأة حذيفة كانت مجوسية. انظر: "الإشراف"(1/ 76)، "المحلى"(9/ 18).
(7)
"المغني"(9/ 547).
عشر نفسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: "لا تجوز مناكحة المجوس"، ولا يعلم فيه خلاف، حتى جاءنا من الكرخ (1)، يعني أبا ثور (2).
2 -
أن المجوس ليسوا أهل كتاب، فإن قوله صلى الله عليه وسلم:"سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، دليل على أنه لا كتاب لهم، وإنما أراد صلى الله عليه وسلم حقن دمائهم (3).
3 -
أما ما قيل عن علي رضي الله عنه: أنه قال: إنهم أهل كتاب؛ فقد سئل الإمام أحمد عن ذلك، فاستعظمه جدًّا، وقال: هذا باطل (4).
4 -
وصف الخلاف في هذه المسألة بأنه شذوذ، ولا يقوله إلا أهل البدع (5).
5 -
ما قيل عن حذيفة: أنه تزوج مجوسية؛ فقد ضعّف أحمد هذه الرواية، وقال: أبو وائل يقول: تزوج حذيفة يهودية، وهو أوثق؛ وقال ابن سيرين: كانت امرأة حذيفة نصرانية. ومع تعارض هذه الروايات لا يثبت حكم لإحداهن إلا بترجيح (6).
6 -
لو ثبت هذا عن حذيفة لا يجوز الاحتجاج به؛ لمخالفته الكتاب العزيز، وأقوال سائر العلماء (7).
7 -
أن المراد بالمجوس عبدة النار، فكونهم كان لهم كتاب لا أثر له، فالحاصل الآن أنهم داخلون في المشركين (8).
8 -
أما إقرارهم بالجزية فلأننا غلبنا حكم التحريم لدمائهم، فيجب أن يغلب حكم التحريم في ذبائحهم ونسائهم (9).
ثانيًا: عدم ثبوت الإجماع على تحريم وطء إماء المجوس وغيرهم من أهل الشرك
(1) محلة في بغداد، نسب إليها عدد من العلماء، والكرخ كلمة نبطية، وليست عربية؛ معناها: الجمع، يقال: كرخت الماء إذا جمعته في موضع.
انظر: "معجم البلدان"(4/ 507)، "لسان العرب"(3/ 48).
(2)
"عيون المجالس"(3/ 1059)، "الحاوي"(11/ 308).
(3)
"المغني"(9/ 458).
(4)
"المغني"(9/ 458).
(5)
"الجامع لأحكام القرآن"(6/ 44)، "مجموع الفتاوى"(32/ 182)، "مختصر الفتاوى المصرية"(ص 427).
(6)
"المغني"(9/ 458).
(7)
"المغني"(9/ 458).
(8)
"فتح القدير"(3/ 230).
(9)
"المغني"(9/ 548).