الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن الحادة تمنع من الطيب والزينة ونحوها بسبب الإحداد؛ لخلاف الحسن، والشعبي، والحكم؛ في عدم إيجاب الإحداد، وإباحة الزينة والطيب للحادة بعد ثلاث.
[5 - 407] جواز استعمال السدر والزيت للحادة في مشط رأسها:
يجوز للحادة أن تمشط شعرها بالسدر، والزيت، ونُفي الخلاف في ذلك.
من نفى الخلاف: ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "تجمع الحادة رأسها بالسدر، والزيت، . . . لا أعلم في ذلك خلافًا"(1).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره ابن عبد البر من المالكية من أنه لا خلاف في جواز استعمال السدر للحادة في مشط رأسها، وافق عليه الحنفية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، وابن حزم (5).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت: دخل عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة، وقد جعلت على عيني صبرًا، فقال:"ما هذا يا أم سلمة؟ "، فقلت: إنما هو صبر يا رسول اللَّه، ليس فيه طيب، قال:"إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل، وتنزعينه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب والحناء، فإنه خضاب"، قالت: قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول اللَّه؟ قال: "بالسدر تغلفين به رأسك"(6).
2 -
عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت (7). قال ابن عبد البر: ويشبه ألا يكون مثله رأيًا (8).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الحنفية (9)، والشافعية (10)،
(1)"الاستذكار"(6/ 240).
(2)
"المبسوط"(6/ 59)، "فتح القدير"(4/ 338).
(3)
"المهذب"(3/ 131)، التهذيب (6/ 265).
(4)
"الكافي"(5/ 43)، "الإنصاف"(9/ 303).
(5)
"المحلى"(10/ 64).
(6)
أخرجه أبو داود (2305)(2/ 292)، والنسائي (3537) (6/ 148). قال ابن حجر: وأعله عبد الحق، والمنذري بجهالة حال المغيرة ومن فوقه. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 338).
(7)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 468).
(8)
"الاستذكار"(6/ 240).
(9)
"المبسوط"(7/ 59)، "فتح القدير"(4/ 340).
(10)
"الحاوي"(14/ 321)، "روضة الطالبين"(7/ 410).
والحنابلة (1)، وابن حزم (2)، إلى عدم إباحة استعمال الزيت في دهن الشعر.
ثانيًا: فرَّق المالكية بين ما إذا كانت الأدهان مطيبة، أو غير مطيبة؛ فقالوا: إن كانت الأدهان مطيبة فلا يجوز استعمالها في الرأس، وإن كانت غير ذلك جاز (3).
أدلة هذين القولين:
1 -
أن استعمال الزيت يحدث زينة، وهى منهى عنها زمن الإحداد (4).
2 -
أن الحادة ممنوعة من استعمال الزينة أثناء العدة، لما قد تسببه من شهوة الرجال إليها، أو شهوتها هي للرجال، والدهن من الزينة (5).
النتيجة:
أولًا: صحة ما ذكر من أنه لا خلاف في جواز استعمال السدر في مشط الرأس وغسله؛ للأسباب التالية:
1 -
لعدم وجود مخالف في ذلك كما قيل.
2 -
لا يعترض على ذلك بأن الحسن البصري ومن وافقه لا يرون وجوب الإحداد؛ لأن الجمهور هنا يقولون بإباحة استعمال السدر في مشط الرأس، والذين لا يرون وجوب الإحداد من باب أولى أن يوافقوا على استعمال السدر وغيره.
ثانيًا: عدم صحة ما ذكر من أنه لا خلاف في جواز استعمال الزيت في مشط الرأس؛ لما يأتي:
1 -
وجود خلاف عن الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وابن حزم إذ منعوا استعمال الزيت في مشط الشعر.
2 -
تفريق المالكية في الزيت فإن كان مطيبًا لم يجز استعماله، وإن كان غير مطيب جاز استعماله.
[6 - 408] لا إحداد على غير الزوجة:
إذا توفي الرجل لزم امرأته أن تعتد للوفاة، وأن تحد، وقد تكون هذه الزوجة حرة أو أمة، فإن كانت أمة يملكها ملك يمين، أو أم ولد له، فلا إحداد عليهن، ونُقل
(1)"الإنصاف"(9/ 303)، "الفروع"(9/ 259).
(2)
"المحلى"(10/ 63).
(3)
"المدونة"(2/ 15)، "المعونة"(2/ 675).
(4)
"الحاوي"(14/ 320).
(5)
"الحاوي"(14/ 319)، "البيان"(11/ 81).
الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "لا أعلمهم يختلفون في أن لا حداد على أم الولد إذا مات سيدها"(1).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "ولا إحداد على غير الزوجات، كأم الولد إذا مات سيدها، قال ابن المنذر: لا أعلمهم يختلفون في ذلك، وكذلك الأمة التي يطؤها سيدها، إذا مات عنها"(2).
3 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن لا إحداد على أم الولد ولا على الأمة إذا توفي عنهما سيدهما"(3).
4 -
ابن القيم (751 هـ) حيث قال: "الإحداد لا يجب على الأمة، ولا على أم الولد إذا مات سيدهما؛ لأنهما ليسا بزوجين، قال ابن المنذر: لا أعلمهم يختلفون في ذلك"(4).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره علماء الشافعية، والحنابلة من الإجماع على أن الإحداد لا يجب على غير الزوجات -فلا يجب على الإماء، وأمهات الأولاد- وافق عليه الحنفية (5)، والمالكية (6)، وابن حزم (7).
• مستند الإجماع: عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا"(8).
• وجه الدلالة: الإحداد على الزوجات بنص الحديث، وأما من كانت غير زوجة مما يملكه الإنسان ملك يمين من الإماء، وأمهات الأولاد فلا إحداد عليهن؛ لأنهن لسن زوجات (9).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع على أنه لا إحداد على غير الزوجات؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
(1)"الإشراف"(1/ 270).
(2)
"المغني"(11/ 284).
(3)
"شرح مسلم"(10/ 91).
(4)
"زاد المعاد"(5/ 699).
(5)
"بدائع الصنائع"(4/ 463)، "فتح القدير"(4/ 341).
(6)
"المدونة"(2/ 17)، "المعونة"(2/ 675).
(7)
"المحلى"(10/ 111).
(8)
سبق تخريجه.
(9)
"البيان"(11/ 78).
ثانيًا: يبقى خلاف الحسن البصري ومن معه قائمًا في عدم وجوب الإحداد على الزوجات.
[7 - 409] لا إحداد على غير زوج:
إذا توفي قريب للمرأة، أخ، أو أب، أو ابن، فليس لها أن تحدّ عليه أكثر من ثلاثة أيام، والإحداد في مدة عدة الوفاة إنما هو على الزوج فقط، ونُفي الخلاف في ذلك.
من نفى الخلاف: ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "ولا نعلم خلافًا في عدم وجوبه على الزوجة بسبب غير الزوج، من الأقارب"(1).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره ابن الهمام من أنه لا خلاف في أنه لا إحداد على ميت غير الزوج، وافق عليه المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، وابن حزم الظاهري (5).
• مستند نفي الخلاف: عن زينب بنت أم سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة رضي الله عنها حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة، خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها، ثم قالت: واللَّه ما لي بالطيب من حاجة؛ غير أني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا"(6).
• وجه الدلالة: هذه أم المؤمنين أم حبيبة لما توفي أبوها أتت بطيب بعد ثلاثة أيام فمست منه، مما يدل على أن الإحداد لا يجب على غير الزوج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الحل عن الإحداد على غير الزوج (7).
النتيجة:
صحة ما ذكر من أنه لا خلاف أنه لا إحداد على غير الزوج.
[8 - 410] لا يجب الإحداد على المطلقة طلاقًا رجعيًّا بسبب الطلاق:
إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا يملك رجعتها فيه، فلا يجب عليها أن تحد في فترة
(1)"فتح القدير"(4/ 336).
(2)
"التاج والإكليل"(5/ 493)، "مواهب الجليل"(5/ 493).
(3)
"روضة الطالبين"(7/ 411)، "التهذيب"(6/ 262).
(4)
"منتهى الإرادات"(4/ 410)، "الإقناع" للحجاوي (4/ 17).
(5)
"المحلى"(10/ 70).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
"فتح القدير"(4/ 336).
العدة، إظهارًا للحزن على الطلاق، بل سبق القول: إن لها أن تتزين له في فترة العدة، ونقل الإجماع على أنه لا يجب عليها إحداد جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "المطلقة طلاقا رجعيًّا مفارقة لزوجها بتمام عدتها، . . . ولا خلاف في أنه لا إحداد عليها لا في العدة ولا بعد العدة"(1).
2 -
ابن عبد البر (413 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن لا إحداد على المطلقة الرجعية"(2).
3 -
علاء الدين السمرقندي (540 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أنه لا يجب الإحداد على المطلقة طلاقًا رجعيًّا"(3).
4 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "ولا إحداد على رجعية، بغير خلاف نعلمه"(4).
5 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أنه لا يجب الإحداد على أم الولد، ولا على الأمة إذا توفى عنها سيدها، ولا على الزوجة الرجعية"(5).
6 -
ابن القيم (751 هـ) حيث قال: "وليس الإحداد من لوازم العدة ولا توابعها ولهذا لا يجب على الموطوءة بشبهة. . . ولا الرجعية اتفاقا"(6).
7 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "أما الرجعية: فلا إحداد عليها، إجماعا"(7).
8 -
الشوكاني (1250 هـ) حيث قال: "لا إحداد على المطلقة، فأما الرجعية فإجماع"(8).
9 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "لا يجب على المطلقة الرجعية أن تحد على زوجها الحي؛ بلا خلاف"(9).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أنه لا يجب الإحداد على المطلقة طلاقًا رجعيًّا، هو قول الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وسفيان
(1)"المحلى"(10/ 72).
(2)
"التمهيد"(18/ 321).
(3)
"تحفة الفقهاء"(2/ 251).
(4)
"المغني"(11/ 285).
(5)
"شرح مسلم"(10/ 91).
(6)
"زاد المعاد"(5/ 700 - 701).
(7)
"فتح الباري"(9/ 585).
(8)
"نيل الأوطار"(7/ 90).
(9)
"حاشية الروض المربع"(7/ 80).
الثوري (1).
• مستند الإجماع:
1 -
أن الرجعية في حكم الزوجات، لها أن تتزين لزوجها، وتستشرف له، ليرغب فيها، وتنفق عنده، كما تفعل في صلب النكاح، بل هي مندوبة إلى ذلك (2).
2 -
أن الإحداد إنما يجب عند فقد الزوج، والرجعية ليست كذلك، بل هي ذات زوج، بدليل أنه يلحقها إيلاؤه، وظهاره، ولعانه (3).
النتيجة:
سبق أن للرجعية أن تتزين لزوجها؛ والقول بوجوب الإحداد عليها يتعارض مع ذلك، وعليه فقد تحقق الإجماع على أنه لا يجب على المطلقة طلاقًا رجعيًّا أن تحد على زوجها في عدتها منه.
[9 - 411] سقوط الإحداد عن المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل:
تنتهي عدة المرأة الحامل سواء كانت عدة طلاق، أو عدة وفاة بوضع الحمل، فإن كانت حاملًا، وقد توفي عنها زوجها؛ لزمتها عدة الوفاة، ولزمها الإحداد على زوجها، فإن وضعت فقد انتهت عدتها، ومن ثم انتهى الإحداد مع العدة، ونُقل الاتفاق على ذلك.
• من نقل الاتفاق: ابن القيم (751 هـ) حيث قال: "إن الإحداد تابع للعدة بالشهور، أما الحامل؛ فإذا انقضى حملها سقط وجوب الإحداد عنها اتفاقًا"(4).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره ابن القيم من الاتفاق على أن الإحداد يسقط عن الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل، وافق عليه الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، وابن حزم (8).
• مستند الاتفاق:
1 -
أن سُبيعة الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة، وكان ممن
(1)"الإشراف"(1/ 272).
(2)
"المغني"(11/ 285)، "تبيين الحقائق"(3/ 36).
(3)
"الأم"(5/ 343).
(4)
"زاد المعاد"(5/ 697).
(5)
"بدائع الصنائع"(4/ 430)، "البناية"(5/ 599).
(6)
"المعونة"(2/ 674)، "التفريع"(2/ 119).
(7)
"العزيز شرح الوجيز"(9/ 491)، "روضة الطالبين"(7/ 408).
(8)
"المحلى"(10/ 62).
شهد بدرًا، فتوفي عنها في حجة الوداع؛ وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلَّت من نفاسها، تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَك فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح؟ إنكِ واللَّه ما أنت بناكح حتى تمر عليكِ أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك؛ جمعت عليَّ ثيابي حتى أمسيت، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي (1).
2 -
عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا"(2).
• وجه الدلالة: من الحديثين: أن زوج سبيعة قد توفي عنها وهي حامل، وقد ولدت بعد موته بقليل، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم لها أن عدتها قد انتهت بوضع حملها، ولها أن تتزوج إن بدا لها، وأن المرأة تحد على زوجها إن مات أربعة أشهر وعشرا، فلما كان أنّ عدتها انتهت بوضع حملها تبعها الإحداد في الانتهاء.
3 -
أن الإحداد تابع للعدة من الوفاة؛ فإن انتهت، سواء بالحمل أو بالشهور، فقد انتهى الإحداد بانتهائها (3).
النتيجة:
صحة ما ذكر من الاتفاق على أن الإحداد يسقط عن الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل؛ ولا مخالف في ذلك.
[10 - 412] المطلقة قبل الدخول لا إحداد عليها: الإحداد مرتبط بالعدة كما سبق، فإن تُوفي زوج المرأة لزمتها العدة والإحداد، فإن طلقها قبل الدخول، فلا عدة ولا إحداد عليها، ونقل الاتفاق على ذلك.
• من نقل الاتفاق: ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "المطلقة قبل الدخول لا إحداد عليها اتفاقًا"(4). ونقله عنه الشوكاني (5).
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"زاد المعاد"(5/ 697).
(4)
"فتح الباري"(9/ 585).
(5)
"نيل الأوطار"(7/ 90).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره ابن حجر، والشوكاني من الاتفاق على أنه لا إحداد على المطلقة قبل الدخول؛ لعدم وجوب العدة عليها أصلًا، وافق عليه الحنفية (1)، والمالكية (2)، والحنابلة (3)، وابن حزم (4).
• مستند الاتفاق:
1 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
2 -
أن العدة تجب لمعرفة براءة الرحم، وبراءته متيقنة هنا؛ لعدم دخول الزوج، فانتفت العدة (5).
النتيجة:
صحة ما ذكر من الاتفاق على أنه لا إحداد على المطلقة قبل الدخول؛ لعدم وجود مخالف.
[11 - 413] إباحة الإحداد للمطلقة البائن:
إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا بائنًا أُبيح لها الإحداد، وإظهار الأسف والحزن على فراقه، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
المرداوي (885 هـ) حيث قال بعد أن ذكر الأقوال في الإحداد على البائن: "وحيث قلنا لا يجب الإحداد، فإنه يجوز إجماعًا"(6).
2 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "ويباح الإحداد لبائن من حيّ، بالإجماع"(7).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره علماء الحنابلة من الإجماع على إباحة الإحداد للمطلقة البائن، وافق عليه المالكية (8)، والإمام ألشافعي في الجديد (9). وهو قوله ابن عمر رضي الله عنهما، وأبي الزناد، وعطاء، وربيعة (10).
• مستند الإجماع: أن هذه المرأة معتدة من طلاق بائن، أشبه الوفاة، فيباح لها
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 416)، "الاختيار"(3/ 173).
(2)
"التفريع"(2/ 119)، "المعونة"(2/ 674).
(3)
"الإنصاف"(9/ 270)، "شرح منتهى الإرادات"(3/ 191).
(4)
"المحلى"(10/ 26).
(5)
"المغني"(11/ 194).
(6)
"الإنصاف"(9/ 303).
(7)
"حاشية الروض المربع"(7/ 80).
(8)
"المدونة"(2/ 12)، "المعونة"(2/ 674).
(9)
"الحاوي"(14/ 317)، "البيان"(11/ 78).
(10)
"المدونة"(2/ 12)، "الإشراف"(1/ 272).
إظهار التأسف على فراق زوجها (1).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية (2)، والإمام الشافعي في القديم (3)، والإمام أحمد في رواية عنه، وعليها أكثر الحنابلة (4)، إلى أن الإحداد يجب على المطلقة البائن. وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي عبيد، وأبي ثور (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن الإحداد شُرع إظهارًا للمصيبة على فوات نعمة النكاح، والنكاح في الطلاق البائن قد فات، فيجب إظهار التأسف والحزن لفواته (6).
2 -
أن المبتوتة عدتها أغلظ من عدة المتوفى عنها زوجها، إذ تمنع من الخروج نهارًا، ولا تمنع منه المتوفى عنها زوجها، فكانت المبتوتة بالإحداد أولى (7).
النتيجة:
أولًا: عدم تحقق الإجماع على أن الإحداد يباح للمطلقة لبائن على فراق زوجها؛ لما يلي:
1 -
خلاف عن الحنفية، والإمام الشافعي في القديم، ورواية عن الإمام أحمد، بوجوب الإحداد، ولا يخفى الفرق بين الإباحة، والوجوب من حيث التكليف.
2 -
يترتب على القول بالوجوب؛ لحوق الإثم عند عدم الإحداد.
3 -
أن القائلين بإباحة الإحداد يرون أنه لا يسن (8)، فكيف يقولون إنه يباح بالإجماع؟ !
ثانيًا: يمكن حمل ما قيل من الإجماع على إباحة الإحداد على أنه قول الذين لا يرون وجوبه؛ فقد قال ابن المنذر: "قال الشافعي: أحب أن تفعل، ولا يبين لي أن أوجبه"(9). وقال الماوردي: الإحداد مستحب للمبتوتة، وفي وجوبه قولان (10).
(1)"حاشية الروض المربع"(7/ 80).
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 463)، "فتح القدير"(4/ 336).
(3)
"الحاوي"(14/ 317)، "البيان"(11/ 78).
(4)
"الإنصاف"(9/ 301)، "شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 487).
(5)
"الإشراف"(1/ 272).
(6)
"المبسوط"(6/ 60، "بدائع الصنائع" (4/ 463).
(7)
"الحاوي"(14/ 317).
(8)
"الإنصاف"(9/ 303)، "حاشية الروض المربع"(7/ 80).
(9)
"الإشراف"(272/ 1).
(10)
"الحاوي"(14/ 317).