الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة، سواء اقترن طلاقه عند الحنابلة بـ "لم"، أو اقترن بنية، أو قرينة تدل على الفور، فإنه يقع على الفور، وإن تجرد عن "لم"(3).
• مستند الاتفاق: أن "متى" ظرف زمان، وكذلك "ما" تكون مصدرية نائبة عن ظرف الزمان؛ قال تعالى قاصًّا لكلام عيسى عليه السلام:{وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31] أي: مدة دوامي حيًّا، فصار المعنى: إضافة طلاقها إلى زمن خالٍ عن طلاقها، فلما سكت، وجد الزمان المضاف إليه، فيقع الطلاق (4).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنابلة إلى أن من قال لامرأته: أنت طالق ما لم أطلقك، أو متى لم أطلقك، فإنه يقع على التراخي إذا اقترن بنية، أو قرينة تدل على التراخي، وإن اقترن طلاقه بـ "لم"(5).
• دليل هذا القول: إذا اقترن الطلاق بشيء من أدوات الشرط، نحو: متى، وما، وأي، وغير ذلك؛ اقتضى أنها طالق في مُطلَق الزمان، فيقع على التراخي، إلا أن تصاحبه قرينة، أو نية؛ فإن صاحبته قرينة تدل على الفور وقع على الفور، وإن صاحبته قرينة تدل على التراخي كان على التراخي (6).
النتيجة:
أولًا: صحة ما ذكر من الاتفاق على أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ما لم أطلقك، أو متى لم أطلقك أنه يقع على الفور مطلقًا على قول الجمهور إذا اقترن بـ "لم"، أو صاحبته قرينة أو نية تدل على الفور على قول الحنابلة.
ثانيًا: إذا خلا الطلاق في هذه المسألة عن قرينة أو نية تدل على الفور، فلا يقال بصحة الاتفاق فيه، لوجود خلاف عن الحنابلة أنه إذا صحبته قرينة أو نية تدل على التراخي، فيقع على التراخي، وإن اقترن بـ "لم".
[61 - 236] لا كفارة في يمين الطلاق، ويلزم الطلاق إن حنث:
إذا حلف رجل بالطلاق فحنث فيه، كأن يقول: امرأتي طالق إن فعلت كذا، فلم
(1)"مواهب الجليل"(5/ 341)، "التاج والإكليل"(5/ 341)
(2)
"الحاوي"(13/ 75)، "روضة الطالبين"(7/ 131).
(3)
"الكافي"(4/ 473)، "الإنصاف"(9/ 62).
(4)
"بدائع الصنائع"(4/ 293)، "الهداية"(1/ 256).
(5)
"الكافي"(4/ 473)، "الإنصاف"(9/ 62).
(6)
"المغني"(10/ 444).
يفعل، فإن الطلاق يلزمه، ولا كفارة يمين عليه إذا لم يبر بيمينه؛ لأن كفارة اليمين لا تنفعه، ونقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "لا خلاف بين علماء الأمة سلفهم وخلفهم أن الطلاق لا كفارة فيه، وأن اليمين بالطلاق كالطلاق على الصفة، وأنه لازم مع وجود الصفة"(1).
2 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "أن يقول: امرأتي طالق، أو أنت طالق، أو فلانة طالق، أو هي مطلقة، ونحو ذلك، فهذا يقع به الطلاق، ولا تنفع فيه الكفارة بإجماع المسلمين"(2). وقال أيضًا: "وهذا بخلاف إيقاع الطلاق؛ فإنه إذا وقع على الوجه الشرعي وقع باتفاق الأمة، ولم تكن فيه كفارة باتفاق الأمة، بل لا كفارة في الإيقاع مطلقًا، وإنما الكفارة خاصة في الحلف"(3).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره ابن عبد البر، وابن تيمية من الإجماع على أن من حلف بالطلاق، فلم يوفِ بيمينه، أنه لا كفارة عليه، ويلزمه الطلاق -وافق عليه الحنفية (4)، والشافعية (5).
• مستند الإجماع: أن الحالف بالطلاق أن لا يفعل فعلًا، أو أن يفعله إنما هو مطلق على صفة ما، فإذا وجدت الصفة التي علق بها طلاق امرأته لزمه ذلك (6).
• الخلاف في المسألة: ذهب أشهب من المالكية (7)، وابن حزم (8) أنه لا يلزم باليمين بالطلاق شيء سواء بر أو حنث، فلا كفارة عليه، ولا يقع طلاقه.
• دليل هذا القول:
1 -
قال تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89].
قال ابن حزم: وجميع المخالفين لنا لا يختلفون في أن اليمين بالطلاق، والعتاق، والمشي إلى مكة، وصدقة المال، لا كفارة في حنثه في شيء منه إلا بالوفاء بالفعل، أو
(1)"التمهيد"(20/ 90).
(2)
"مجموع الفتاوى"(33/ 58).
(3)
"مجموع الفتاوى"(20/ 12).
(4)
"المبسوط"(9/ 8)، "تحفة الفقهاء"(1/ 196).
(5)
"الأم"(7/ 113)، "المهذب"(3/ 31).
(6)
"مقدمات ابن رشد"(ص 326).
(7)
قيده أشهب فيمن حلف على امرأته بطلاقها أن لا تفعل فعلًا فتفعله قاصدة لتحنيثه، أنه لا شيء عليه. انظر:"مقدمات ابن رشد"(ص 326)، قال ابن رشد: وهو شذوذ.
(8)
"المحلى"(9/ 477).