الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهؤلاء جميعًا يقولون بتحريم نكاح المتعة -كما سيأتي في المسألة التالية- ومن ثم منْع كل ما يترتب عليها من أحكام.
• مستند الإجماع: كانت المتعة مباحة أول الأمر، ومن الأحكام التي اختصت بها: أنه لا ولي، ولا شهود، ولا ميراث فيها، وأن الفرقة تقع بانتهاء الأجل دون طلاق، وبعد أن حُرِّمت المتعة تبعها في التحريم الأحكام التي تختص بها (1).
النتيجة:
تحقق الإجماع في أن المتعة قبل أن تُحرَّم كانت نكاحًا إلى أجل لا ميراث فيها، ولا ولي، ولا شهود، وأن الفرقة تقع بانتهاء الأجل دون طلاق، ثم لمَّا حرمت تناول التحريم جميع أحكامها.
[5 - 85] تحريم نكاح المتعة:
كانت المتعة مباحة في أول الإسلام، ثم حُرِّمت إلى يوم القيامة، وما ورد فيها من إباحة فقد نسخ، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "ولا أعلم أحدًا يجيز اليوم نكاح المتعة إلا بعض الرافضة، ولا معنى لقول يخالف القائلُ به الكتابَ والسنة"(2).
2 -
الطحاوي (321 هـ) حيث قال: "فهذا عمر رضي الله عنه نهى عن متعة النساء بحضرة أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم ينكر عليه منهم منكر، وفي هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه من ذلك، وفي إجماعهم على النهي في ذلك عنها دليل على نسخها وحجة"(3).
3 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "نكاح المتعة مفسوخ، . . . والمسألة عندنا إجماع أنه لا يجوز، وبه قال عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وابن الزبير رضي الله عنهم، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والفقهاء بأسرهم، والأوزاعي، والثوري"(4).
4 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: ". . . ولأنه إجماع (5) الصحابة، روي ذلك عن
(1) انظر: المصادر السابقة.
(2)
"الإشراف"(1/ 61).
(3)
"شرح معاني الآثار"(3/ 27).
(4)
"عيون المجالس"(3/ 1121 - 1122).
(5)
أي: في تحريم نكاح المتعة، كما يتضح من خلال كلامه السابق.
أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وابن الزبير، وأبي هريرة، وابن عمر" (1). وقال أيضًا:"فإن قيل: قد خالفهم ابن عباس، ومع خلافه لا ينعقد الإجماع، قيل: قد رجع ابن عباس عن إباحتها، وأظهر تحريمها. . . فصار الإجماع برجوعه منعقدًا، والخلاف به مرتفعًا، وانعقاد الإجماع بعد ظهور الخلاف أوكد؛ لأنه يدل على حجة قاطعة، ودليل ظاهر"(2).
5 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار؛ منهم: مالك وأصحابه من أهل المدينة، وسفيان، وأبو حنيفة من أهل الكوفة، والشافعي ومن سلك سبيله من أهل الحديث والفقه والنظر، والليث بن سعد من أهل مصر والمغرب، والأوزاعي في أهل الشام، وأحمد وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود، والطبري على تحريم نكاح المتعة؛ لصحة نهي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عندهم عنها"(3). ونقله عنه ابن قدامة (4). وقال أيضًا: "وأما سائر العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين، وفقهاء المسلمين، فعلى تحريم المتعة"(5).
6 -
البغوي (516 هـ) حيث قال: "اتفق العلماء على تحريم نكاح المتعة، وهو كالإجماع بين المسلمين، وروي عن ابن عباس شيء من الرخصة للمضطر إليه بطول العُزبة، ثم رجع عنه حيث بلغه النهي"(6).
7 -
القاضي عياض (544 هـ) حيث قال: "اتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحًا إلى أجل. . . ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء، إلا الروافض، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول بإباحتها، وروي عنه أنه رجع عنه"(7). وقال أيضًا: "وأجمعوا على أنه متى وقع نكاح المتعة الآن حكم ببطلانه، سواء كان قبل الدخول، أو بعده"(8). ونقله عنه النووي (9)، وابن حجر (10).
8 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن نكاح المتعة باطل، لا خلاف بينهم في ذلك"(11).
(1)"الحاوي"(11/ 452).
(2)
"الحاوي"(11/ 453).
(3)
"الاستذكار"(5/ 508).
(4)
"المغني"(10/ 46).
(5)
"التمهيد"(10/ 121).
(6)
"شرح السنة"(5/ 78).
(7)
"إكمال المعلم"(4/ 537).
(8)
"إكمال المعلم"(4/ 537).
(9)
"شرح مسلم"(9/ 151).
(10)
"فتح الباري"(9/ 209).
(11)
"الإفصاح"(2/ 107).
9 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "وأما الإجماع: فإن الأمة بأسرهم امتنعوا عن العمل بالمتعة، مع ظهور الحاجة لهم إلى ذلك"(1).
10 -
المرغيناني (593 هـ) حيث قال: "قلنا ثبت النسخ بإجماع الصحابة رضي الله عنهم، وابن عباس رضي الله عنهما صح رجوعه إلى قولهم فتقرر الإجماع"(2).
11 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "وأما نكاح المتعة: فإنه وإن تواترت الأخبار عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتحريمه، إلا أنها اختلفت في الوقت الذي وقع فيه التحريم. . . وأكثر الصحابة، وجميع فقهاء الأمصار على تحريمه"(3).
12 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "قال ابن العربي: وقد كان ابن عباس يقول بجوازها، ثم ثبت رجوعه عنها فانعقد الإجماع على تحريمها"(4).
13 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "قال المازري (5): ثبت أن نكاح المتعة كان جائزًا في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة - المذكورة هنا - أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المستبدعة"(6).
14 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن نكاح المتعة باطل، لا خلاف بينهم في ذلك. . .، وما ورد في إباحته منسوخ بإجماع العلماء قديمًا وحديثًا بأسرهم"(7).
15 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أنه متى وقع الآن أبطل سواء
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 478).
(2)
"الهداية"(1/ 212).
(3)
"بداية المجتهد"(2/ 97).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 116)، وانظر:"القبس شرح موطأ مالك بن أنس" لابن العربي (2/ 714 - 715).
(5)
هو أبو عبد اللَّه محمد بن علي المازري التميمي، لا يعرف إلا بالإمام المازري، أصله من "مازر" مدينة في صقلية، نزل المهدية من بلاد إفريقية، وكان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه، ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر، ألف في الفقه والأصول، وشرح صحيح مسلم، والتلقين لعبد الوهاب، توفي سنة (536 هـ).
انظر ترجمته في: "الديباج المذهب"(ص 374)، "شجرة النور"(1/ 186).
(6)
"شرح مسلم"(9/ 151)، وانظر:"المعلم" للمازري (2/ 86).
(7)
"رحمة الأمة"(ص 218).
كان قبل الدخول أم بعده" (1). وقال أيضًا: "قال الخطابي (2): تحريم المتعة كالإجماع، إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى علي وآل بيته، فقد صح عن علي أنها نسخت" (3).
16 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "ادعى غير واحد من العلماء الإجماع على تحريم نكاح المتعة"(4). وقال أيضًا: "ثم أجمعت الصحابة على أن المتعة قد انتسخت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم"(5).
17 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "قلنا: قد ثبت النسخ بإجماع الصحابة رضي الله عنهم، هذه عبارة المصنِّف (6) "(7).
18 -
ابن نجيم (970 هـ)، حيث نقل إجماع الصحابة على تحريمها عن المرغيناني صاحب الهداية (8).
19 -
الشعراني (973 هـ) فذكره بنحو ما قال قاضي صفد (9).
20 -
ابن عابدين (1252 هـ) حيث قال: "وذكر في "الفتح" (10) أدلة تحريم نكاح المتعة، وأنه كان في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وعلماء الأمصار"(11).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على تحريم نكاح المتعة،
(1)"فتح الباري"(9/ 210).
(2)
هو أبو سليمان حمْد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البُستي، من نسل زيد بن الخطاب رضي الله عنه، كان محدثًا، فقيهًا، أديبًا، صنف التصانيف البديعة، منها:"غريب الحديث"، "معالم السنن"، في شرح سنن أبي داود، و"أعلام السنن"، في شرح البخاري، توفي سنة (388 هـ) انظر ترجمته في:"طبقات الشافعية" للسبكي (2/ 207)، "وفيات الأعيان"(2/ 241).
(3)
"فتح الباري"(9/ 210)، وانظر:"معالم السنن" للخطابي (3/ 164).
(4)
"البناية شرح الهداية"(4/ 564).
(5)
"البناية شرح الهداية"(4/ 564).
(6)
أي: المرغيناني "صاحب الهداية".
(7)
"فتح القدير"(3/ 247)، وانظر:"الهداية"(1/ 212).
(8)
"البحر الرائق"(3/ 114)، وانظر:"الهداية"(1/ 212).
(9)
"الميزان"(3/ 188).
(10)
أي: "فتح القدير" للكمال بن الهمام.
(11)
"حاشية ابن عابدين"(4/ 149).
وافق عليه ابن حزم (1)، وهو قول أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وابن الزبير، وأبي هريرة، وابن عمر رضي الله عنهم، والثوري، والليث، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد، والطبري، وداود (2).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور على تحريم نكاح المتعة، وافق عليه ابن حزم، وهو قول أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وابن الزبير، وأبي هريرة، وابن عمر رضي الله عنهم، والثوري، والليث، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد، والطبري، وداود.
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: 25].
• وجه الدلالة: النكاح الذي بإذن الأهلين هو النكاح الشرعي بولي وشاهدين، ونكاح المتعة ليس كذلك (3).
2 -
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)} [المؤمنون: 5 - 7].
• وجه الدلالة: حرّم اللَّه سبحانه وتعالى الفروج إلا بنكاح صحيح أو ملك يمين، وليست المتعة نكاحًا صحيحًا، ولا ملك يمين، فوجب أن يكون فاعلها ملومًا، ويكون من العادين (4).
3 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية (5).
4 -
عن سبرة بن معبد الجهني (6) رضي الله عنه قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة،
(1)"المحلى"(9/ 127).
(2)
"عيون المجالس"(3/ 1121)، "الحاوي"(11/ 452)، "الاستذكار"(5/ 508)، "المحلى"(9/ 129).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 114).
(4)
"الحاوي"(11/ 450)، "الاستذكار"(5/ 506).
(5)
أخرجه البخاري (5115)(6/ 157)، ومسلم (1407)"شرح النووي"(9/ 159).
(6)
هو أبو الربيع سبرة بن معبد الجهني، روى عنه ابنه الربيع، نزل المدينة، وشهد الخندق وما بعدها، كان رَسُولَ عليٍّ إلى معاوية يطلب منه بيعة أهل الشام، توفي في خلافة معاوية. انظر ترجمته في: =
وقال: "ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئًا فلا يأخذه"(1).
5 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المتعة، قال: وإنما كانت لمن لم يجد، فلما نزل الطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت (2).
6 -
وعنه رضي الله عنه قال: نسخ صوم رمضان كل صوم، ونسخت الزكاة كل صدقة، ونسخ الطلاق والعدة والميراث المتعة، ونسخت الأضحية كل ذبح (3).
7 -
وقال ابن مسعود: المتعة منسوخة؛ نسخها الطلاق، والعدة، والميراث (4).
8 -
قيل لابن عمر: إن ابن عباس يرخص في متعة النساء، فقال: ما أظن ابن عباس يقول هذا. قالوا: بلى، واللَّه إنه ليقوله. قال: أما واللَّه ما كان ليقول هذا في زمن عمر، وإن كان عمر لينكل بكم عن مثل هذا، وما أعلمه إلا السفاح (5).
9 -
قال ابن الزبير: المتعة هي الزنا الصريح (6).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب زفر من الحنفية إلى أن نكاح المتعة صحيح، ويبطل شرط التوقيت (7). وذكر المجد ابن تيمية (8) أنه يتخرج على قول الإمام أحمد:
= "الإصابة"(3/ 26)، "أسد الغابة"(2/ 406).
(1)
أخرجه مسلم (1406)"شرح النووي"(9/ 159).
(2)
أخرجه الدارقطني (3603)(3/ 181). قال الألباني: وإسناده لا بأس به. انظر: "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(5/ 527).
(3)
أخرجه البيهقي (7/ 207)، وعبد الرزاق (14046)(7/ 505).
(4)
أخرجه البيهقي (7/ 207)، وعبد الرزاق (14044)(7/ 505).
(5)
أخرجه عبد الرزاق (14035)(7/ 502)، وابن أبي شيبة (3/ 390). قال الألباني: صحيح على شرط الشيخين. انظر: "إرواء الغليل"(6/ 318).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 390)، وسعيد بن منصور (1/ 253).
(7)
"بدائع الصنائع"(3/ 479)، "الهداية"(1/ 212).
(8)
هو مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد اللَّه، ابن تيمية الحراني، الإمام، الفقيه، المقرئ، المحدث، المفسر، الأصولي، النحوي، ولد بحران، ثم انتقل إلى بغداد، فأقام بها ست سنين، أخذ فيها الفقه، والخلاف، والعربية، وغير ذلك، له مصنفات عدة؛ منها:"المحرر في الفقه"، "مسودة في الأصول"، زاد فيها ولده، وحفيده أبو العباس، توفي سنة (652 هـ). انظر ترجمته في: "المقصد =
أنه يصح، ويلغو الشرط (1).
• دليل هذا القول: أن النكاح قد ذكر هنا، وشرط فيه شرط فاسد، والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة، فيبطل الشرط، ويبقى النكاح صحيحًا (2).
ثانيًا: ورد عن الإمام أحمد رواية بالصحة مع الكراهة (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24].
وفي قراءة ابن مسعود: {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن} (4). وهذه صفة المتعة (5).
2 -
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا أحرمهما وأنهى عنهما، متعة النساء، ومتعة الحج (6).
• وجه الدلالة: أخبر أن المتعة كانت جائزة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإنما نهى عمر عنها، ونهيه لا يؤثر فيما كان مباحًا في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (7).
ثالثًا: أنها مباحة لا حرمة فيها. ونقل ذلك عن أسماء بنت أبي بكر (8)، وأبي سعيد
= الأرشد" (2/ 162)، "المنهج الأحمد" (3/ 51).
(1)
"المحرر"(2/ 52)، "الإنصاف"(8/ 163).
(2)
"بدائع الصنائع"(3/ 479)، "الهداية"(1/ 212).
(3)
"الروايتين والوجهين"(2/ 109)، "الإنصاف" (8/ 163). قال ابن تيمية: توقف الإمام أحمد عن لفظ الحرام، ولم ينفه. انظر:"الإنصاف"(8/ 163).
(4)
أخرجه الطبري في "التفسير"(5/ 12)، وأخرجه السيوطي كذلك عن ابن عباس، وأبي بن كعب، والسدي. وانظر:"الدر المنثور"(2/ 484).
(5)
"الروايتين والوجهين"(2/ 109).
(6)
أخرجه البيهقي (7/ 206)، وسعيد بن منصور (1/ 252).
(7)
"الروايتين والوجهين"(2/ 109).
(8)
هي أم عبد اللَّه أسماء بنت أبي بكر "ذات النطاقين"، زوج الزبير بن العوام، أسلمت بعد سبعة عشر إنسانًا، روى عنها ابن عباس، وعروة، وغيرهما، عاشت طويلًا، وعميت وبقيت إلى أن قتل ابنها عبد اللَّه، توفيت سنة (73 هـ).
انظر ترجمتها في: "أسد الغابة"(7/ 7)، "الإصابة"(8/ 12).
الخدري، وعمران بن حصين، وجابر بن عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن عباس، وعمرو بن حريث (1)، ومعاوية، وسلمة (2) ومعبد ابني أمية بن خلف. وعليه أكثر أصحاب عطاء وطاوس، وبه قال ابن أبي مليكة (3)، وابن جريج (4)(5).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3].
• وجه الدلالة: الأمر بالنكاح على عمومه في المتعة المقدرة، والنكاح المؤبد (6).
2 -
وقال تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24]. وفي قراءة ابن مسعود: {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن} (7).
• وجه الدلالة: هذا نص في إباحتها، وقراءة ابن مسعود أبلغ في الإباحة (8).
3 -
عن جابر رضي الله عنه وسلمة بن الأكوع رضي الله عنه قالا: خرج منادي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أذن لكم أن تستمتعوا. يعني: متعة النساء (9).
(1) هو أبو سعيد عمرو بن حريث بن عمرو المخزومي القرشي، له ولأبيه صحبة، وكان عمره لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة، شهد القادسية، وأبلى فيها بلاءً حسنًا، سكن الكوفة، ومات بها سنة (85 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 200)، "الإصابة"(4/ 510).
(2)
هو سلمة بن أمية بن خلف الجمحي، سكن مكة، استمتع بامرأة فولدت له، فجحد ولده، فبلغ ذلك عمر، فنهى عمر عن المتعة، وكان هو وأخوه معبد ممن ثبت على تحليل المتعة، قاله ابن حجر. انظر ترجمته في:"الإصابة"(3/ 121)، (6/ 130)، "سير أعلام النبلاء"(3/ 326).
(3)
هو عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن أبي مليكة زهير التيمي، أخذ عن عائشة، وأسماء، وابن عباس وغيرهم، وكان عالمًا، مفتيًا، صاحب حديث وإتقان، معدود في طبقة عطاء وقد ولي القضاء لابن الزبير والأذان أيضًا، توفي بمكة سنة (119 هـ). انظر ترجمته في:"سير أعلام النبلاء"(5/ 88)، "طبقات الفقهاء"(ص 58).
(4)
هو أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الرومي المكي، مولى بني أمية، أخذ عن عطاء وطبقته، وهو أول من صنَّف الكتب بالحجاز، قال الإمام أحمد: كان من أوعية العلم، ولم يطلب العلم إلا في الكهولة، ولو طلبه في شبابه لأخذ عن بعض الصحابة. توفي سنة (150 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الفقهاء"(ص 60)، "شذرات الذهب"(1/ 226).
(5)
انظر: "الإشراف"(1/ 61)، "الحاوي"(11/ 449)، "المغني"(10/ 46)، "المحلى"(9/ 129)، "الاستذكار"(5/ 505 - 506)، "الجامع لأحكام القرآن"(5/ 116)، "شرح مسلم" للنووي (9/ 152).
(6)
"الحاوي"(11/ 449).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
"الحاوي"(11/ 449).
(9)
أخرجه مسلم (1405)"شرح النووي"(9/ 159).
4 -
عن عطاء قال: جاء جابر بن عبد اللَّه معتمرًا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر (1).
• وجه الدلالة من هذه الأحاديث: هذه نصوص قد تضافرت في إباحة نكاح المتعة (2).
5 -
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا أحرمهما وأنهى عنهما، متعة النساء، ومتعة الحج (3).
• وجه الدلالة: أخبر عمر رضي الله عنه عن إباحتها على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وما ثبت إباحته بالشرع، لم يكن له تحريمه بالاجتهاد (4).
ثالثًا: أن المتعة تباح عند الضرورة فقط، كما يحتاج المضطر لأكل الميتة والدم. وهذا مروي عن ابن عباس (5).
النتيجة:
أولًا: عدم تحقق الإجماع على تحريم نكاح المتعة؛ للخلاف الوارد عن السلف في ذلك.
ثانيًا: لا يعني القول بعدم تحقق الإجماع أنها مباحة؛ لما يأتي:
1 -
الاستدلال بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] على إباحة المتعة، وأنه يدخل فيه النكاح المؤبد، والنكاح المؤقت، قول مردود، حيث إن المتعة غير داخلة في النكاح؛ لأن اسم النكاح يطلق على ما اختص بالدوام، وعلى سبيل التأبيد (6).
2 -
يجاب عن الاستدلال بقراءة ابن مسعود على إباحة المتعة بما يأتي:
الأول: أن عليًّا وابن مسعود رويا أنها نسخت بالطلاق والعدة والميراث (7).
الثاني: أنها محمولة على الاستمتاع بهن في النكاح، وقول ابن مسعود: إلى أجل مسمى؛ يعني به المهر دون العقد (8).
(1) أخرجه مسلم (1405)"شرح النووي"(9/ 159).
(2)
"الحاوي"(11/ 450).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
"الحاوي"(11/ 450).
(5)
"سنن البيهقي"(7/ 207)، "التمهيد"(10/ 121)، "إكمال المعلم"(4/ 535)، "الحاوي"(11/ 453).
(6)
"الحاوي"(11/ 453).
(7)
"الحاوي"(11/ 453).
(8)
"الحاوي"(11/ 453).
الثالث: قراءة ابن مسعود هذه شاذة؛ لا يحتج بها قرآنًا، ولا خبرًا، ولا يلزم العمل بها (1).
3 -
ما ورد عن جابر وسلمة بن الأكوع، وغيرهما في إباحتها منسوخ بما ذكر من النصوص الدالة على التحريم، ولعله لم يبلغهم نهي عمر عنها (2).
4 -
ما ورد عن جابر فهو معارض بمثله، فقد أخرج مسلم عنه أنه قال: فعلناها مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم نهانا عنها عمر، فلم نعد إليها (3).
5 -
قد ورد في حديث سبرة الجهني تحريمها إلى يوم القيامة، وما حُرِّم إلى يوم القيامة فقد أمنَّا نسخه (4).
6 -
ما ورد عن عمر رضي الله عنه في النهي عنها، وافقه عليه أكابر الصحابة، وإنما كان إمامًا فاختص بالإعلان والتأديب، ولم يكن بالذي يقدم على التحريم بغير دليل، ولو فعل لما سكت عنه الصحابة رضي الله عنهم، ونهي عمر لم يكن عن اجتهاد، بل كان مستندًا إلى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها (5).
7 -
أما ما ورد عن ابن عباس في إباحتها، فقد قال له عروة بن الزبير: أهلكت نفسك، قال: وما هو يا عروة؟ ! قال: تفتي بإباحة المتعة، وكان أبو بكر وعمر ينهيان عنها، فقال: أعجبُ منك! أُخبر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتخبرني عن أبي بكر وعمر، فقال عروة: إنهما أعلم بالسنة منك، فسكت (6).
8 -
ثبت النص الصريح الصحيح بتحريمها إلى يوم القيامة، مما يجعل الخلاف فيها مخالفًا للسنة.
9 -
ما ورد عن ابن عباس بالقول بإباحتها، فقد ثبت عنه الرجوع (7).
10 -
جميع من روى عن ابن عباس حلها، فلم تكن رواياتهم إلا معلولة، أو قاصرة عن الدلالة (8).
(1)"شرح مسلم" للنووي (9/ 151).
(2)
"الحاوي"(11/ 454)، "فتح الباري"(9/ 208).
(3)
أخرجه مسلم (1405)"شرح النووي"(9/ 155).
(4)
"المحلى"(9/ 130).
(5)
"الحاوي"(11/ 454)، "فتح الباري"(9/ 209).
(6)
"الحاوي"(11/ 453).
(7)
انظر: "سنن البيهقي"(7/ 207).
(8)
"فتح الباري"(9/ 206).