الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جهة الأم، ولم يذكره من جهة الأب (1).
2 -
اللبن ينفصل من المرأة، ولا ينفصل من الرجل، فلا تلحق به الحرمة (2).
النتيجة:
أولًا: عدم تحقق الإجماع على أن التحريم يقع بلبن الفحل؛ للأسباب التالية:
1 -
وجود خلاف قديم عن بعض الصحابة، والتابعين، وكثير من الفقهاء، يقضي بعدم التحريم بلبن الفحل.
2 -
نفى ابن القيم أن تكون دعوى الإجماع هنا صحيحة فقال: "ولا يمكن دعوى الإجماع في هذه المسألة؛ ومن ادعاه فهو كاذب. . .)، ثم ذكر الخلاف عن السلف في ذلك (3).
ثانيًا: العمل على التحريم بلبن الفحل؛ لأن الاحتياط في باب التحريم أولى (4).
[16 - 436] رضاع الكبير لا يُحرِّم:
الكبير هو: من تجاوز الحولين، فلو أن امرأة أرضعت كبيرًا فلا يتعلق بذلك الرضاع تحريم، فلا يعد المرتضع ابنًا للمرأة، ولا يكون أبناؤها إخوة له، ونحو ذلك، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: "اتفق الفقهاء على أن لا يحرِّم رضاع الكبير"(5).
2 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن رضاع الكبير غير محرِّم"(6).
3 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "الحرمة مبنية على وجود اللبن، . . . والحرمة لا تتعلق بصورة الإرضاع ووجود اللبن؛ كما في الكبير بالإجماع، بل تتعلق باعتبار إنشاز العظم، وإنبات اللحم"(7).
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 66)، "زاد المعاد"(5/ 565).
(2)
"فتح الباري"(9/ 183).
(3)
"زاد المعاد"(5/ 560 - 561).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 89)، "زاد المعاد"(5/ 98)، "عارضة الأحوذي"(5/ 72).
(5)
"عارضة الأحوذي"(5/ 78).
(6)
"الإفصاح"(2/ 147).
(7)
"البناية شرح الهداية"(5/ 270).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن رضاع الكبير لا يحرِّم وافق عليه: الشافعية (1). وهو قول عمر، وعلى فيما صح عنه (2)، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وسائر أمهات المؤمنين، غير عائشة رضي الله عنهم (3) وقال به سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والشعبي، وابن شبرمة، والثوري، والأوزاعي، وداود (4).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول اللَّه! ، إنه أخي من الرَّضاعة، قالت: فقال: "انظرن من إخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة"(5).
• وجه الدلالة:
1 -
جعل النبي صلى الله عليه وسلم الرضاعة المحرِّمة ما استعمل لطرد الجوع، ولا يندفع الجوع بالرضاع إلا في حق الصغير، أما في حق الكبير فلا يدفعه الرضاع (6).
2 -
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء من الثدي، وكان قبل الفطام"(7). وهذا نص في المسألة.
3 -
عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الرضاع ما أنبت اللحم، وأنشز العظم"(8).
• وجه الدلالة: الذي ينبت اللحم وينشز العظم هو رضاع الصغير دون الكبير (9).
• الخلاف في المسألة: ذهب ابن حزم (10) إلى أن رضاع الكبير يُحرِّم كما يحرم رضاع الصغير ولا فرق. وهو قول عائشة رضي الله عنهما من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (11)، والليث بن سعد،
(1)"الحاوي"(14/ 426)، "العزيز شرح الوجيز"(9/ 561).
(2)
"الاستذكار"(6/ 255).
(3)
"الاستذكار"(6/ 256)، "المحلى"(10/ 202).
(4)
"المحلى"(10/ 202 - 205).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"بدائع الصنائع"(5/ 74).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
أخرجه أبو داود (2059)(2/ 222)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 455). قال ابن حجر: ما ذكره أبو داود فيه أبو موسى، وأبوه، وهما مجهولان. وقال الألباني: ضعيف، والصواب وقفه. انظر:"التلخيص الحبير"(4/ 4)، "ضعيف سنن أبي داود"(ص 201)، "ضعيف الجامع الصغير"(ص 908).
(9)
"بدائع الصنائع"(5/ 74).
(10)
"المحلى"(10/ 202). وقال: ولو أنه شيخ كبير.
(11)
"الاستذكار"(6/ 254).
وعطاء، وإسماعيل ابن عُليَّة (1)، وهو اختيار ابن تيمية (2)، ورجحه الشوكاني (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: الآية 23].
• وجه الدلالة: جعل اللَّه سبحانه وتعالى الرضاع محرِّمًا من غير فصل بين حال الصغر وحال الكبر (4).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن سالمًا مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت سهلة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن سالمًا قد بلغ مبلغ الرجال، وعقل ما عقلوا، وإنه يدخل علينا، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئًا. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أرضعيه تحرمي عليه، ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة"، فرجعت فقالت: إني قد أرضعته، فذهب الذي في نفس أبي حذيفة (5).
• وجه الدلالة: حمل أصحاب هذا القول حديث سالم مولى أبي حذيفة على العموم، وليست حالة خاصة به، فيستوي في تحريم الرضاع الصغير والكبير (6).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن رضاع الكبير لا يُحرِّم؛ وذلك لوجود خلاف في المسألة، يرى التحريم.
* * *
(1)"الاستذكار"(6/ 255)، "عارضة الأحوذي"(5/ 78).
الذين يقولون: إن رضاع الكبير يحرِّم، أن يحلب له اللبن في إناء ثم يشربه، وليس له أن يلقم الثدي كما يفعل الصغير؛ لأن ذلك لا ينبغي. انظر:"الاستذكار"(6/ 255).
(2)
"مجموع الفتاوى"(34/ 60)، "الإنصاف"(9/ 334).
(3)
"نيل الأوطار"(7/ 113).
(4)
"بدائع الصنائع"(5/ 73).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"الاستذكار"(6/ 254)، "بدائع الصنائع"(5/ 74).