الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الخلاف في المسألة: خالف ابن حزم الجمهور؛ فقال: لا تجب العدة إلا من طلاق، أو وفاة، أو المعتقة إذا اختارت نفسها، وأما سائر وجوه الفسخ، سواء كانت من نكاح صحيح أو نكاح فاسد، فلا عدة في شيء من ذلك (1).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن عدة الطلاق، والوفاة، مذكورة في القرآن، وعدة المعتقة التي اختارت نفسها جاءت بها السنة، فقال تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن زوج بريرة كان عبدًا أسود؛ اسمه "مغيث"، فخيرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأمرها أن تعتد (2). ولو كانت العدة على غيرهن، لبينها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3).
2 -
أن العدة لا تكون إلا من نكاح صحيح، ولا تجب إلا من زوج، ومن كان عقده فاسدًا؛ فنكاحه غير صحيح وليس بزوج (4).
النتيجة:
أولًا: عدم تحقق ما ذكر من أنه لا خلاف في وجوب العدة من النكاح الفاسد؛ لوجود خلاف عن ابن حزم.
ثانيًا: يحمل ما ذكر من نفي الخلاف؛ أنه لا خلاف في المذاهب الأربعة بوجوب العدة في النكاح الفاسد؛ وإن اختلفوا في بعض الأنكحة الفاسدة.
[19 - 372] فسخ النكاح إذا وقع في العدة:
سبق بحث مسألة التصريح والتعريض بالخطبة في العدة؛ إذ يحرم التصريح في العدة بالخطبة، ويُباح التعريض في المتوفى عنها زوجها. فإن وقع النكاح في العدة فهو مفسوخ، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "وجوب العدة تمنع من عقد النكاح قبل انقضائها، فإن نكحت في عدتها كان النكاح باطلًا بالإجماع"(5).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن كل نكاح عقدته امرأة وهي في عدتها
(1)"المحلى"(10/ 26 - 28).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"المحلى"(10/ 26 - 27).
(4)
"المحلى"(10/ 27).
(5)
"الحاوي"(14/ 331).
الواجبة عليها، لغير مطلقها أقل من ثلاث، فهو مفسوخ أبدًا" (1).
3 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وجملة الأمر أن المعتدة لا يجوز لها أن تنكح في عدتها؛ إجماعًا، أَيّ عدة كانت"(2).
4 -
الزركشي (772 هـ) حيث قال: "ولو طلقها أو مات عنها، فلم تنقضِ عدتها حتى تزوجت؛ فُرّق بينهما، . . . أما كونه يفرق بينهما والحال هذه؛ فلأنه نكاح باطل اتفاقًا"(3).
• الموافقون على الإجماع:
ما ذكره الجمهور من الإجماع على فسخ النكاح إذا وقع في العدة، وافق عليه الحنفية (4)، والمالكية (5)، وهو قول عمر، وعلي رضي الله عنهما، والشعبي (6).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235].
• وجه الدلالة: لا يجوز للرجل أن ينكح المرأة المعتدة حتى تنقضي عدتها، فتبلغ الأجل الذي أجله اللَّه في كتابه لانقضائها (7).
2 -
عن سعيد بن المسيب، وعن سليمان بن يسار أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي، فطلقها، فنكحت في عدتها، فضربها عمر بن الخطاب، وضرب زوجها بالمخفقة ضربات، وفرق بينهما (8).
• وجه الدلالة: يؤخذ من فعل عمر رضي الله عنه أنه لم يضربهما، ولم يفرق بينهما إلا لتحريم النكاح في العدة.
3 -
أن العدة إنما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم؛ لئلا يفضي إلى اختلاط المياه، وامتزاج الأنساب (9)، فإذا وقع النكاح في العدة، لم يؤمن من ذلك.
(1)"مراتب الإجماع"(ص 136).
(2)
"المغني"(11/ 237).
(3)
"شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 472).
(4)
"بدائع الصنائع"(4/ 445)، "البناية شرح الهداية"(5/ 623).
(5)
"الذخيرة"(4/ 193)، "مواهب الجليل"(5/ 33).
(6)
"الاستذكار"(5/ 473)، "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 248).
(7)
"تفسير الطبري"(2/ 527)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 176).
(8)
سبق تخريجه.
(9)
"المغني"(11/ 237).