الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحدود، ولا في النكاح، ولا في الطلاق (1).
2 -
كل ما لم يكن المقصود منه المال، لا تقبل فيه شهادة النساء منفردات، فلا تقبل فيه شهادتهن مع الرجال (2).
3 -
أن عقد النكاح يطلع عليه الرجال في غالب الأحوال، فلم يثبت بشهادتهن (3).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية (4)، والإمام أحمد في رواية عنه (5)، وابن حزم (6)، إلى القول بأن النكاح ينعقد بشهادة رجل وامرأتين؛ بل قال ابن حزم: يجوز بشهادة أربع نساء عدول (7).
• دليل هذا القول:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد"(8).
• وجه الدلالة: هذا الحديث عام في قبول شاهدين في عقد النكاح، فكان للنساء مدخل فيه، كغيره من حقوق الآدميين (9).
2 -
أن شهادتهن كانت على عقد على منفعة، فكما تجوز شهادتهن على المنافع، كالإجارة، جازت في عقد النكاح (10).
النتيجة:
عدم صحة ما ذكر من نفي الخلاف في أن النكاح لا ينعقد بشهادة رجل وامرأتين؛ لخلاف الحنفية، والحنابلة في رواية، وابن حزم، وقولهم بانعقاده بشهادة رجل وامرأتين.
[30 - 50] يشترط تكافؤ الزوجين في الدين، فلا تزوج مسلمة لكافر:
اشترط الفقهاء أن يتكافأ الزوجان في الدين، فلا تحل المسلمة للكافر، ونُقل
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 58). قال ابن حجر: روي عن مالك، عن عقيل، عن الزهري، ولا يصح عن مالك. انظر:"التلخيص الحبير"(4/ 207).
(2)
"الروايتين والوجهين"(2/ 86).
(3)
"الشرح الكبير"(20/ 247).
(4)
"الاختيار"(3/ 83)، و"بدائع الصنائع"(3/ 403).
(5)
"الكافي"(4/ 239)، و"الإنصاف"(8/ 102).
(6)
"المحلى"(9/ 49).
(7)
"المحلى"(9/ 49).
(8)
سبق تخريجه.
(9)
"الروايتين والوجهين"(2/ 86).
(10)
"الروايتين والوجهين"(2/ 86).
الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "فأما الكفاءة فإنهم اتفقوا على أن الدين معتبر في ذلك"(1). ونقله عنه ابن قاسم (2).
2 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "ولهذا اتفق الفقهاء على اعتبار الكفاءة في الدين، وعلى ثبوت الفسخ بفوات هذه الكفاءة"(3).
3 -
ابن جزي (741 هـ) حيث قال: "ونكاح كافر مسلمة، يحرم على الإطلاق، بإجماع"(4).
4 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه، فلا تحل المسلمة للكافر أصلًا"(5). ونقله عنه الشوكاني (6).
5 -
العيني (855 هـ) حيث قال: بعد قول البخاري: باب الأكفاء في الدين (أي هذا باب في بيان أن الأكفاء التي بالإجماع، هي أن تكون في الدين، فلا يحل للمسلمة أن تتزوج بالكافر" (7).
6 -
الحطاب (954 هـ) حيث قال: "والمطلوب من الزوج أن يكون كفؤًا في دينه بلا خلاف"(8).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على اشتراط الكفاءة في الدين بين الزوجين، فلا تُزوَّج مسلمة بكافر، وافق عليه ابن حزم (9).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18].
• وجه الدلالة: يلزم من هذا نفي المساواة بين المؤمن وغيره من كل وجه، في الكفاءة وغيرها (10).
(1)"بداية المجتهد"(2/ 29).
(2)
"حاشية الروض المربع"(6/ 279).
(3)
"مجموع الفتاوى"(32/ 317).
(4)
"القوانين الفقهية"(ص 195).
(5)
"فتح الباري"(9/ 159).
(6)
"نيل الأوطار"(6/ 243).
(7)
"صحيح القاري شرح صحيح البخاري"(20/ 83).
(8)
"مواهب الجليل"(5/ 106).
(9)
"المحلى"(9/ 329).
(10)
"البيان"(9/ 201)، و"المبدع"(6/ 124).
2 -
عن أبي حاتم المزني (1) رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول اللَّه، وإن كان فيه؟ قال:"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه"، ثلاث مرات (2).
• الخلاف في المسألة: أولًا: لا بد من بيان مراد الفقهاء بالدِّين المعتبر في الكفاءة، هل هو الدين الذي هو الإسلام؟ أم المراد به الديانة أي: التقوى؟ .
المتأمل لنقولات الفقهاء السابقة يتضع له أن المراد بالدين هو الإسلام، فلا يجوز أن تزوج مسلمة بكافر، وهذا حُكي عليه الإجماع بين الفقهاء، كما سبق. لكن ابن الهمام فسّر المراد بالدين الذي اعتبره الفقهاء في الكفاءة، بأنه التقوى لا اتفاق الدين، فإن الزوجة قد تعير بفسق زوجها (3). وعلى هذا فهل يشترط أن يتكافأ الزوجان في التقوى، أم أنه يجوز أن تزوج المرأة التقية بفاسق من المسلمين؟ خلاف على قولين:
• القول الأول: ذهب الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7)، أنه لا يجوز أن تزوج المسلمة التقية، بالفاسق المسلم.
• دليل هذا القول:
1 -
يستدل بما ذكر في مستند الإجماع.
(1) هو أبو حاتم المزني، يعد في أهل المدينة، اختلف في صحبته؛ فقال الترمذي، وابن حبان: له صحبة، وهو عند أبي داود من التابعين، وقال أبو زرعة: لا أعرف له صحبة. انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(6/ 60)، "الإصابة"(7/ 68).
(2)
أخرجه الترمذي (1087)(2/ 345)، وابن ماجه (1967)(1/ 617)، عن أبي هريرة. قال الترمذي: حديث أبي حاتم المزني حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. قال: وحديث أبي هريرة؛ قد خولف عبد الحميد بن سليمان فيه، فرواه الليث بن سعد عن ابن عجلان، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قال الألباني: ولعل تحسين الترمذي المذكور إنما هو باعتبار شواهده، وخصوصًا حديث أبي هريرة. انظر:"إرواء الغليل"(6/ 266).
(3)
"فتح القدير"(3/ 299).
(4)
"الهداية"(1/ 219)، و"فتح القدير"(3/ 299).
(5)
"المعونة"(2/ 544)، و"القوانين الفقهية"(ص 196).
(6)
"الحاوي"(11/ 141)، و"البيان"(9/ 201).
(7)
"المحرر"(2/ 41)، و"الفروع"(8/ 233).
2 -
أن الفاسق مرذول، مردود الشهادة والرواية، غير مأمون على النفس والمال، مسلوب الولايات، ناقص عند اللَّه تعالى، وعند خلقه، قليل الحظ في الدنيا والآخرة، فلا يجوز أن يكون كفؤًا لعفيفة، ولا مساويًا لها (1).
• القول الثاني: ذهب محمد بن الحسن من الحنفية (2)، وابن حزم (3)، إلى أنه يجوز أن تزوج المرأة المسلمة التقية بمن ليس كفؤًا لها في الديانة، فيصح أن تزوج التقية المسلمة، بالفاسق المسلم.
• دليل هذا القول:
1 -
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].
• وجه الدلالة: سمى اللَّه سبحانه وتعالى جميع المؤمنين إخوة، فيستوي التقي والفاسق، فيجوز أن تزوج المرأة التقية بالفاسق من المسلمين (4).
2 -
أن الديانة من أمور الآخرة، فلا تبتنى عليها أحكام الدنيا (5).
النتيجة:
أولا: تحقق الإجماع على أنه لا يجوز أن تزوج المسلمة بكافر.
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع على أنه يشترط أن يتكافأ الزوجان في الديانة، فلا تزوج المسلمة التقية بفاسق مسلم؛ لخلاف محمد بن الحسن من الحنفية، وابن حزم بجواز ذلك.
ثالثًا: لا يعني القول بوجوب تكافؤ الزوجين في الدين أنه يمنع الرجل المسلم من الزواج بغير مسلمة من أهل الكتاب، فإن ذلك جائز، وسيأتي بيانه في الفصل التالي، بمشيئة اللَّه تعالى.
* * *
(1)"المغني"(9/ 391).
(2)
"الهداية"(1/ 219)، و"فتح القدير"(3/ 299).
(3)
"المحلى"(9/ 151).
(4)
"المحلى"(9/ 151).
(5)
"الهداية"(1/ 219).