الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما أنزل اللَّه الحجاب، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"احتجبا منه"، فقلت: يا رسول اللَّه أليس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه"(1).
النتيجة:
تحقق الإجماع على تحريم نظر المرأة إلى الرجل إن كان بشهوة؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[15 - 18] النظر بين الزوجين:
يجوز لكلٍّ من الزوجين أن ينظر إلى جميع بدن الآخر، حتى الفرجين، ونُفي الخلاف في ذلك.
• من نفى الخلاف:
1 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "المرأة كلها عورة، . . . إلا ما لا خلاف فيه من أنه لا يحل لغير الزوج النظر إليه من الفرج والدبر"(2).
= عبد اللَّه المخزومية، وهو ابن خال خديجة، هاجر إلى المدينة قبل النبي صلى الله عليه وسلم، خرج إلى القادسية، وشهد القتال، وبها استشهد. انظر ترجمته في:"الإصابة"(4/ 494)، و"أسد الغابة"(3/ 364).
(1)
أخرجه أبو داود (4112)(4/ 63)، والترمذي (2787)(4/ 356)، والنسائي في "الكبرى" (9241) (5/ 393). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال النووي: حديث حسن، ولا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بغير حجة معتمدة. انظر:"شرح مسلم"(10/ 81).
قال ابن حجر: وليس في إسناده سوى نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري، وقد وثق. وقال أيضًا: حديث أم سلمة أخرجه أصحاب "السنن"، من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها، وإسناده قوي، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان؛ وليست بعلة قادحة، فإن الزهري يصفه بمكاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحد، فلا ترد روايته. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 148)، و"فتح الباري"(9/ 325).
قال ابن قدامة: فأما حديث نبهان فقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين؛ يعني هذا الحديث، وحديث:(إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه)، وكأنه أشار إلى ضعف حديثه؛ إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول. وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول، لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وحديث فاطمة:(اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فلا يراك حين تضعين ثيابك) صحيح. فالحجة به لازمة، ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال أحمد وأبو داود. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: كان حديث نبهان لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وحديث فاطمة لسائر الناس؟ قال: نعم. وإن قدر التعارض فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال. انظر: "المغني"(9/ 507).
(2)
"المحلى"(9/ 163).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "لا يحل لأحد أن يبدي عورته، ويكشف فرجه إلى آدمي ينظر إليه من رجل أو امرأة، إلا من كانت حليلته امرأته أو سريته، وهذا ما لا أعلم فيه خلافًا بين المسلمين"(1).
3 -
ابن القطان (628 هـ) حيث قال: "لا يحرم على أحد الزوجين إبداء شيء لصاحبه من نفسه، ولا خلاف فيه"(2).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره علماء المالكية، وابن حزم من إباحة نظر كل من الزوجين إلى بدن الآخر، حتى الفرجين وافق علية الحنفية (3)، والشافعية في أحد الوجهين (4)، والحنابلة في المذهب (5).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} [المؤمنون: 5، 6].
• وجه الدلالة: أمر سبحانه وتعالى بحفظ الفرج إلا عن الزوجة وملك اليمين، فلا ملامة في ذلك، وهذا عموم في رؤيته، ولمسه، ومخالطته (6).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد (7).
قال ابن حجر: وحديث عائشة نص في المسألة (8).
3 -
عن معاوية بن حيدة (9) رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول اللَّه، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:"احفظ عورتك، إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك"(10).
(1)"التمهيد"(12/ 171).
(2)
"النظر في أحكام النظر"(ص 126).
(3)
"بدائع الصنائع"(6/ 484)، و"حاشية ابن عابدين"(9/ 526).
(4)
"العزيز شرح الوجيز"(7/ 479)، و"روضة الطالبين"(6/ 21).
(5)
"الإنصاف"(8/ 32)، و"كشاف القناع"(5/ 16).
(6)
"المحلى"(9/ 165).
(7)
أخرجه البخاري (250)(1/ 78).
(8)
"فتح الباري"(1/ 455).
(9)
هو معاوية بن حيدة بن معاوية بن قشير، من بني عامر بن صعصعة، يعد في أهل البصرة، وهو جد بهز بن حكيم. قال ابن معين: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده؛ إسناده صحيح إذا كان من دون بهز ثقة. انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(5/ 200)، و"الإصابة"(6/ 118).
(10)
أخرجه أبو داود (4017)(4/ 40)، والترمذي (2803)(4/ 352)، والنسائي في "الكبرى"(8972) =
• وجه الدلالة: في هذا الحديث دلالة على إباحة النظر إلى عورة الزوجة (1).
4 -
أنه يحل الاستمتاع بالفرج، فجاز النظر إليه ولمسه، كبقية البدن (2).
• الخلاف في المسألة: نُقل القول بكراهة النظر إلى الفرجين بين الزوجين، فقد قال الأقفهسي (3) من المالكية: المراد بالفرج القبل، لا الدبر؛ لأنه لا يجوز التمتع بالدبر، فلا يجوز النظر إليه (4)، والوجه الصحيح عند الشافعية (5)، وقول لبعض الحنابلة (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
ما روت مولاة عائشة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا رأى مني (7).
2 -
ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "النظر إلى الفرج يورث الطمس"(8). أي: العمى.
= (5/ 313)، وابن ماجه (1920) (1/ 602). قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(1)
"المحلى"(9/ 163).
(2)
"المغني"(9/ 496).
(3)
هو القاضي جمال الدين عبد اللَّه بن مقداد الأقفهسي، انتهت إليه رياسة المذهب المالكي بمصر، أخذ عن خليل، وانتفع به غيره، له شرح على "مختصر خليل"، وشرح على "الرسالة"، توفي سنة (823 هـ). انظر ترجمته في:"شجرة النور الزكية"(1/ 346).
(4)
"مواهب الجليل"(5/ 23).
(5)
"العزيز شرح الوجيز"(7/ 479)، و"روضة الطالبين"(6/ 21)، و"شرح مسلم" للنووي (4/ 26).
(6)
"الإنصاف"(8/ 32)، و"الكافي"(4/ 218)، و"كشاف القناع"(5/ 16).
(7)
أخرجه ابن ماجه (1922)(1/ 603).
قال البوصيري: إسناده ضعيف؛ لجهالة التابعي (الراوي عن عائشة). قال الألباني: وعلة الحديث جهالة الراوي عن عائشة، سواء كان رجلًا أو امرأة. انظر:"مصباح الزجاجة"(2/ 109)، و"إرواء الغليل"(6/ 214).
(8)
أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(2/ 271)، عن ابن عباس بلفظ: إذا جامع الرجل زوجته فلا ينظر إلى فرجها، فإن ذلك يورث العمى.
قال ابن حجر: وفي سنده بقية؛ قال ابن حبان: كان بقية يروي عن كذابين وثقات، ويدلس، وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه، ويسوونه، فيشبه أن يكون سمع هذا من بعض الضعفاء عن ابن جريج ثم دلس عنه فالتزق به، وهذا موضوع. وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 295): سألت أبي عنه فقال: موضوع، وبقية مدلس. قال ابن حجر: وخالف ابن الصلاح فقال: إنه جيد الإسناد. قال: وفيه نظر. انظر: "التلخيص الحبير"(3/ 149).