الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن عدة الحرة غير الحامل المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر سواء دخل بها أم لا، وافق عليه الحنفية (1)، وابن حزم (2).
• مستند الإجماع:
1 -
قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
2 -
عن زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا"(3).
• وجه الدلالة: بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المتوفى عنها زوجها تمتنع من الزينة والطيب بإحدادها أربعة أشهر وعشرا، وهي مدة العدة.
النتيجة:
تحقق الإجماع على أن عدة الحرة غير الحامل المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، في المدخول بها وفي غيرها، وذلك لعدم وجود مخالف.
[13 - 366] عدة الحامل المتوفى عنها زوجها تنتهي بوضع الحمل:
إذا توفي رجل عن زوجة حامل، فإن عدتها تنقضي بوضع الحمل، وإن لم تبلغ أربعة أشهر وعشرا، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن عدة المتوفى تنقضي بالسقط"(4).
وقال أيضًا: "وأجمعوا أنها لو كانت حاملًا لا تعلم بوفاة زوجها، أو طلاقه، فوضعت حملها، أن عدتها منقضية"(5).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وعلى القول بحديث سبيعة (6)، جماعة
(1)"المبسوط"(6/ 30)، "الهداية"(1/ 308).
(2)
"المحلى"(10/ 62).
(3)
أخرجه البخاري (5335)(6/ 227)، ومسلم (1487)"شرح النووي"(10/ 92).
(4)
"الإجماع"(ص 71).
(5)
"الإجماع"(ص 72).
(6)
هي سُبيعة بنت الحارث الأسلمية، زوجة سعد بن خولة، توفي عنها زوجها في حجة الوداع وهي حامل، فوضعت بعد وفاته بليال، وقيل: بشهر، وقيل: بخمس وعشرين ليلة، انظر ترجمتها في:"أسد الغابة"(7/ 138)، "الإصابة"(8/ 171).
العلماء بالحجاز، والعراق، والشام، ومصر، والمغرب، والمشرق اليوم، ولا خلاف في ذلك" (1).
3 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "اتفقوا على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، أو المطلقة الحامل، أن تضع حملها"(2).
4 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "الحامل التي يتوفى عنها زوجها: فقال الجمهور وجميع فقهاء الأمصار: عدتها أن تضع حملها"(3).
5 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أيضًا على أن المتوفى عنها زوجها إن كانت حاملًا، أجلها وضع حملها"(4).
6 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "أجمع العلماء على أنها لو كانت حاملًا لا تعلم طلاق زوجها، أو وفاته، ثم وضعت حملها، أن عدتها منقضية"(5).
7 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "عدة المتوفى عنها بوضع الحمل، حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله، انقضت عدتها، وحلت للأزواج، هذا قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، والعلماء كافة"(6).
8 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "قال جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار: إن الحامل إذا مات عنها زوجها؛ تحل بوضع الحمل، وتنقضي عدة الوفاة، . . . نقل غير واحد الإجماع"(7).
9 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "اتفق الأئمة على عدة الحامل مطلقًا بالوضع، سواء المتوفى عنها زوجها والمطلقة"(8).
10 -
الشوكاني (1250 هـ) فذكره كما قال ابن حجر (9).
11 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "حصل نزاع بين السلف في المتوفى عنها، أنها تتربص أبعد الأجلين، ثم حصل الاتفاق على انقضائها بوضع الحمل"(10).
(1)"الاستذكار"(6/ 212).
(2)
"الإفصاح"(2/ 143).
(3)
"بداية المجتهد"(2/ 163).
(4)
"المغني"(11/ 227).
(5)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 167 - 168).
(6)
"شرح مسلم"(10/ 89).
(7)
"فتح الباري"(9/ 570 - 571).
(8)
"الميزان"(3/ 260).
(9)
"نيل الأوطار"(7/ 83).
(10)
"حاشية الروض المربع"(7/ 51).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي بوضع الحمل؛ ولو كان بعد وفاة زوجها بيسير، وافق عليه الحنفية (1)، وابن حزم الظاهري (2). وهو قول عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس في إحدى الروايتين عنه، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال به سعيد بن المسيب، والزهري، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور، وأبو عبيد (3).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
2 -
أن سُبيعةْ الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة (4)، وكان ممن شهد بدرًا، فتوفي عنها في حجة الوداع؛ وهي حامل، فلم تنشب (5) أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلّت (6) من نفاسها، تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَك (7) فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح؟ إنكِ واللَّه ما أنت بناكح حتى تمر عليكِ أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك؛ جمعت عليَّ ثيابي حتى أمسيت، فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي (8).
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 430)، "البناية"(5/ 599).
(2)
"المحلى"(10/ 41).
(3)
"سنن الترمذي"(2/ 405)، "الحاوي"(14/ 270، "بدائع الصنائع" (4/ 431)، "الإشراف"(1/ 257).
(4)
هو سعد بن خوْلة، من بني مالك بن حسْل بن عامر بن لؤي، من أنفسهم، وقيل: حليف لهم، وقيل: فارسي من اليمن، من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، شهد بدرًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومات في حجة الوداع. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(2/ 427)، "الإصابة"(3/ 45).
(5)
أي: لم تلبث أن ولدت. انظر: "النهاية في غريب الحديث"(5/ 45).
(6)
أي: خرجت من نفاسها وسلمت منه. انظر: "لسان العرب"(11/ 469).
(7)
هو أبو السنابل بن بَعْكَك بن الحجاج بن الحارث، من بني عبد الدار، اسمه: عمرو، وقيل: عامر، وقيل: حبّة، وقيل: حنة، أسلم في الفتح، وهو من المؤلفة قلوبهم، وكان شاعرًا، وسكن الكوفة، وقيل: بمكة، وقال البخاري: لا أعلم أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم. انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(6/ 152)، "الإصابة"(7/ 161).
(8)
أخرجه البخاري (3991)(5/ 16)، ومسلم (1484)"شرح النووي"(10/ 88).
• الخلاف في المسألة: روي عن علي، وابن عباس رضي الله عنهما في رواية عنه؛ أنهما قالا: إذا توفي الرجل عن زوجته الحامل فإنها تعتد بأبعد الأجلين، فإن كان وضع الحمل هو الأبعد في العدة اعتدت به، وإن كانت الأربعة أشهر وعشر هي الأبعد اعتدت بها (1). وقال بهذا القول سحنون من المالكية (2).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
• وجه الدلالة الاعتداد بوضع الحمل إنما ذكر بعد الطلاق لا في عدة الوفاة بناءً على قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] فكان المراد بأولات الأحمال المطلقات دون غيرهن (3).
2 -
أن في الاعتداد بالحمل جمعًا بين قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] وقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]؛ لأن فيه عملًا بآية عدة الحمل؛ إن كان أجل تلك العدة أبعد، وعملًا بعدة الوفاة؛ إن كان أجلها أبعد (4).
النتيجة:
تحقق الإجماع على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها تنتهي بوضع الحمل؛ والذي يدعو إلى القول بتحقق الإجماع الأسباب التالية:
1 -
ما ورد عن سبيعة الأسلمية أنها حلت بوضعها بعد وفاة زوجها بليال، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها بأنها قد حلت. والقصة صحيحة وردت في الصحيحين.
2 -
ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أنها تعتد بأبعد الأجلين جاء عنه من وجه منقطع لا يصح عنه (5). قال ابن عبد البر: "بينت السنة المراد في المتوفى عنها الحامل؛ لحديث سبيعة، ولو بلغت السنة عليًّا ما عدا القول فيها"(6).
3 -
ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما فقد ثبت رجوعه إلى القول بأنها تعتد بوضع الحمل لما سمع بحديث سبيعة، وصحح ذلك عنه أصحابه عكرمة، وعطاء، وطاوس، وجابر
(1)"الإشراف"(1/ 257)، "الحاوي"(14/ 270)، "المغني"(11/ 228).
(2)
"إكمال المعلم"(5/ 64).
(3)
"بدائع الصنائع"(4/ 431).
(4)
"بدائع الصنائع"(4/ 431).
(5)
"المغني"(11/ 227).
(6)
"الاستذكار"(6/ 213).