الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أن يشترطه المبتاع" (1).
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن المملوك لا يملك شيئًا أصلًا، وما أضيف للعبد من المال في هذا الحديث إنما هو للاختصاص والانتفاع، ولذلك يقال: السرج للدابة، ونحو ذلك، وعلى هذا إذا كان مال العبد لسيده، فللسيد أن يعفو عن صداق أمته؛ لأنها لا تملك، ولا مال لها (2).
1 -
السيد هو المستحق لصداق أمَته، فله أن يعفو عنه (3).
2 -
لا يثبت للسيد على عبده دين؛ بدليل ما لو أتلف ماله، فإنه لا ضمان عليه في الحال، ولا بعد العتق (4).
النتيجة:
صحة ما ذكر أنه لا خلاف أن للسيد أن يعفو عن صداق أمته.
[19 - 132] لا يحل لأحد أن يطأ فرجًا وهب له دون رقبته، بغير صداق:
الوطء المشروع لا يكون إلا بطريقين:
الأولى: النكاح الشرعي الصحيح. الثانية: ملك اليمين.
فإذا وُهِبَ فرج لرجل ليطأه؛ فينظر: إن كانت أمَةً وهبت له فيحل له وطؤها بملك اليمين، وإن كانت وهبت له مع دفع صداق، فهذا زواج له شروطه.
وإن كانت حرةً، فإذا وهبت فرجها لشخص ليطأها فهو زنى، فإن الحرة لا توطأ إلا بنكاح صحيح يسمى فيه المهر. ولا يجوز لأحد أن يتزوج بلا مهر إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم (5)
ونَقَل الإجماع على أنه لا يجوز هبة فروج النساء دون مهر -والمهر لا يكون إلا بنكاح شرعي صحيح- جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن هبة فروج النساء، أو عضو من عبد أو أمَة، أو عضو من حيوان لا يجوز ذلك، وكذا الصدقة به،
(1) أخرجه البخاري (2379)(3/ 112)، ومسلم (1534)"شرح النووي"(10/ 157).
(2)
انظر: "شرح مسلم للنووي"(10/ 157)، "فتح الباري"(5/ 62).
(3)
"فتح القدير"(3/ 399).
(4)
"نهاية المحتاج"(4/ 364).
(5)
انظر: "الحاوي"(11/ 22)، "العزيز شرح الوجيز"(7/ 449)، "مجموع فتاوى ابن تيمية"(32/ 62).
والعطية، والهدية" (1).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "أجمع علماء المسلمين أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وهب له وطؤه دون رقبته، بغير صداق"(2). وكذا قال في الاستذكار (3).
3 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: "إذا أحلت المرأة جاريتها لزوجها فهي إعارة الفروج. . . مذهب طاوس أن الإحلال جائز. . . ولم يثبت، وما هو إلا إجماع"(4).
4 -
الرافعي (623 هـ) حيث قال: "وقد حكي عن عطاء بن أبي رباح أنه يباح وطء الجارية بإذن مالكها. . . وإن قيل إن ذلك مذهبه؛ لكن الإجماع انعقد بعده على التحريم"(5).
5 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "ولم يجعل خالصًا له من دون المؤمنين إلا الموهوبة التي تهب نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فجعل هذا من خصائصه: له أن يتزوج الموهوبة بلا مهر، وليس هذا لغيره باتفاق المسلمين"(6).
6 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يطأ فرجًا وهب له دون الرقبة بغير صداق"(7).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من أنه لا يحل أن توهب الفروج دون رقبتها، وافق عليه الحنفية (8)، والحنابلة (9). وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما، والحسن البصري، وعمرو بن دينار، والأوزاعي، والثوري (10).
• مستند الإجماع:
1 -
• وجه الدلالة: أمر اللَّه سبحانه وتعالى بحفظ الفرج، ووطء الفرج بغير استباحة شرعية ينافي الحفظ المأمور به، والاستباحة الشرعية لا تكون إلا بالزواج، أو ملك اليمين،
(1)"مراتب الإجماع"(ص 173).
(2)
"التمهيد"(21/ 111).
(3)
"الاستذكار"(5/ 408).
(4)
"عارضة الأحوذي"(6/ 184).
(5)
"العزيز شرح الوجيز"(11/ 147).
(6)
"مجموع الفتاوى"(32/ 62).
(7)
"فتح الباري"(9/ 255).
(8)
"بدائع الصنائع"(9/ 192 - 193)، "الهداية"(1/ 388).
(9)
"الكافي"(5/ 384)، "الإنصاف"(10/ 242 - 243).
(10)
"الإشراف"(1/ 56).
فلا يجوز وطء امرأة بغير صداق، أو ملك يمين (1).
2 -
عن حبيب بن سالم (2) أن رجلًا يقال له: عبد الرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير (3)، وهو أمير على الكوفة، فقال: لأقضين فيك بقضية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوه قد أحلتها له، فجلده مائة (4).
3 -
جاء رجل إلى عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما فقال: إن أمي أحلت لي جاريتها؟ فقال عبد اللَّه بن عمر: فإنها لا تحل لك إلا بإحدى ثلاث: هبة بتة، أو شراء، أو نكاح (5).
4 -
عن نافع أن ابن عمر سئل عن امرأة أحلت جاريتها لزوجها، فقال ابن عمر: لا أدري، لعل هذا لو كان على عهد عمر لرجمه، إنها لا تحل لك جارية إلا جارية إن شئت بعتها، وإن شئت أعتقتها، وإن شئت وهبتها، وإن شئت أنكحتها (6).
5 -
من أحل فرج جاريته، ولم يهب رقبتها، فما طابت نفسه بإخراجها عن ملكه؛ فعلى هذا فما أحل من فرجها فهو حرام مردود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"(7)، فلا ينفذ عليه هبة الفرج (8).
(1)"الإشراف"(1/ 56).
(2)
حبيب بن سالم الأنصاري، مولى النعمان بن بشير وكاتبه، روى عنه وعن أبي هريرة، وعنه خالد بن عرفطة، وقتادة، قال أبو حاتم: ثقة، وقال البخاري: فيه نظر، قال ابن حجر: عن أبي داود أنه ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب"(2/ 161)، "الكاشف"(1/ 308).
(3)
هو النعمان بن بشير الأنصاري، ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثمان سنين وسبعة أشهر، استعمله معاوية على حمص ثم على الكوفة، دعا إلى مبايعة ابن الزبير فخالفه أهل حمص، فخرج من بينهم، فتبعوه وقتلوه في معرة النعمان سنة (64 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(5/ 310)، "الإصابة"(6/ 346).
(4)
أخرجه أبو داود (4458)(4/ 157)، والترمذي (1456) (3/ 134). قال الترمذي: حديث النعمان في سنده اضطراب؛ قال محمد بن إسماعيل البخاري: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث، وإنما رواه عن خالد بن عرفطة. وضعّفه الألباني. انظر:"ضعيف سنن الترمذي"(ص 165).
(5)
أخرجه البيهقي (8/ 239).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 13).
(7)
أخرجه البخاري (2697)(3/ 222)، ومسلم (1718)"شرح النووي"(12/ 14).
(8)
"المحلى"(12/ 206).
• الخلاف في المسألة: يرى ابن عباس رضي الله عنهما، وطاوس، وسفيان الثوري، وعطاء، أن المرأة إذا أحلت لزوجها جاريتها، فله أن يصيبها، وأن ذلك حلال (1)، وله أن يطأ الجارية بإذن مالكها، دون أن يملك رقبتها (2).
أدلة هذا القول:
1 -
عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاوسا يقول: قال ابن عباس: إذا أحلت امرأة الرجل، أو ابنته، أو أخته له جاريتها، فليصبها، وهي لها (3).
2 -
عن طاوس أنه قال: هي أحل من الطعام، فإن ولدت فولدها للذي أحلت له، وهي لسيدها الأول (4).
3 -
عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء. قال: كان يُفعل، يحل الرجل وليدته لغلامه، وابنه، وأخيه، وأبيه، والمرأة لزوجها، وما أحب أن يفعل ذلك، وما بلغني عن ثبت، وقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه (5).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع في أنه لا يحل وطء حرة من باب الهبة إلا بصداق، حتى يكون نكاحًا شرعيًّا مستوفيًا لأركانه وشروطه.
ثانيًا: عدم ثبوت الإجماع في الإماء خاصة، لوجود خلاف صحيح عن ابن عباس، وعطاء، وطاوس.
(1)"المحلى"(12/ 206)، "العزيز شرح الوجيز"(11/ 147).
(2)
"العزيز شرح الوجيز"(11/ 147).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(12852)(7/ 216). قيل لعمرو بن دينار: إن طاوسا لا يرى به بأسا، فقال: لا تعار الفروج. انظر: "مصنف عبد الرزاق"(7/ 216).
(4)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(12851)(7/ 216).
(5)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(12850)(7/ 216). وذكر هذه الآثار ابن حجر، ولم يحكم عليها بصحة أو ضعف. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 37).
إذا وقع الرجل على جارية زوجته فيرى جماهير أهل العلم من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وابن حزم، أن عليه الرجم إن كان عالمًا بالتحريم، وإن لم يكن عالمًا فيعزر.
وما فعله النعمان بن بشير من جلده مائة جلدة ما هو إلا من باب التعزير، على أن الزوج هنا محصن. وقال البيهقي عن ذلك الحكم:"حصول الإجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على ترك القول به دليل على أنه إن ثبت صار منسوخًا بما ورد من الأخبار في الحدود". انظر: "سنن البيهقي"(8/ 241).