الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
القاعدة عند المالكية تقول: "الشك في الزيادة كتحققها)، فينزل المشكوك فيه هنا بمنزلة المتحقق، فيقع الطلاق للاحتياط (1).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن من شك هل طلق واحدة أم اثنتين، أم ثلاثًا أنه يبني على الأقل؛ لوجود خلاف عن المالكية في أمره بالأخذ بالأكثر.
[29 - 204] طلاق الحر ثلاث، وطلاق العبد طلقتان:
للحر أن يطلق ثلاث تطليقات، وللعبد أن يطلق طلقتين، ونُقل الاتفاق على ذلك.
• من نقل الاتفاق:
1 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن العدد الذي يوجب البينونة في طلاق الحر ثلاث تطليقات إذا وقعت متفرقات"(2).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "ولا خلاف في أن الحر الذي زوجته حرة، طلاقه ثلاث، وأن العبد الذي تحته أمَة، طلاقه اثنتان"(3). ونقله عنه ابن قاسم (4).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره ابن رشد من الاتفاق على أن طلاق الحر ثلاث، وطلاق العبد اثنتان، وما ذكره ابن قدامة، وابن قاسم من الحنابلة، من أنه لا خلاف أن الحر الذي تحته حرة أن طلاقه ثلاث، وأن العبد الذي تحت أمة أن طلاقه اثنتان، وافق عليه الشافعية (5)، فالطلاق عندهم معتبر بالرجال، فيطلق الحر ثلاث تطليقات، حرة كانت امرأته أو أمة، ويطلق العبد تطليقتين، حرة كانت امرأته أو أمة. وهو قول عثمان، وزيد، وابن عباس، وعائشة، وأم سلمة رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، والقاسم ابن محمد، وسالم، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز، ويحيى الأنصاري، وربيعة الرأي، وأبي الزناد، وسليمان بن يسار (6).
• مستند الاتفاق: ما ورد من الآيات في ذكر الطلاق؛ نحو: قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: الآية 229] وقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: الآية 230].
(1)"إيضاح المسالك إلى قواعد مالك"(ص 201)، القاعدة:(27).
(2)
"بداية المجتهد"(2/ 103).
(3)
"المغني"(10/ 534).
(4)
"حاشية الروض المربع"(6/ 520).
(5)
"المهذب"(3/ 5)، "الوسيط"(5/ 400).
(6)
"زاد المعاد"(5/ 274 - 275).
• وجه الدلالة: ذكر اللَّه تعالى أن الطلاق مرتان، ثم ذكر أنه إن طلقها ثالثة فلا تحل له إلا من بعد زوج، فيكون طلاق كل زوج ثلاث تطليقات، إلا ما استُثني من الرقيق (1).
3 -
تخصص الآيات الواردة في طلاق الحر، بما ورد في العبد أنه على النصف من الحر في الحدود، وفي العدة، ونحوها، فيكون طلاقه على النصف من طلاق الحر (2).
4 -
أن مكاتبًا لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم طلق امرأة حرة تطليقتين، فاستفتى عثمان بن عفان فقال: حرمت عليك (3).
5 -
أن ابن عمر كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين، فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، حرة كانت أو أمة (4).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الحنفية (5)، والإمام أحمد في رواية عنه (6)، إلى أن الطلاق معتبر بالنساء، فيملك زوج الحرة ثلاث تطليقات، حرًّا كان أو عبدًا، ويملك زوج الأمة تطليقتين حرًا كان أو عبدًا. وهو قول علي، وابن مسعود رضي الله عنهما، والحسن، وابن سيرين، وقتادة، والنخعي، والشعبي، وعكرمة، ومجاهد، والثوري، والحسن بن حي (7).
• أدلة هذا القول: حملوا ما ورد من الأدلة التي ذكرت الطلاق على أن المراد بها الحرة، لقرائن وردت في كتاب اللَّه؛ منها: قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: الآية 229]. قالوا: الأمة لا تملك الافتداء بغير إذن المولى (8)، وقوله تعالى:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: الآية: 230]. قالوا: والأمة لا تستيطع أن تنكح نفسها بغير إذن
(1)"عارضة الأحوذي"(5/ 123)، "بداية المجتهد"(2/ 103).
(2)
"عارضة الأحوذي"(5/ 123)، "حاشية الروض المربع"(6/ 519).
(3)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 449).
(4)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 450).
(5)
"بدائع الصنائع"(4/ 207)، "البناية شرح الهداية"(5/ 302).
(6)
"الإنصاف"(9/ 3)، "الشرح الكبير"(22/ 307).
(7)
"زاد المعاد"(5/ 275)، "بدائع الصنائع"(4/ 208).
(8)
"بدائع الصنائع"(4/ 209).
مولاها (1)، وقوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: الآية 230]. قالوا: أي: يتناكحا بعد طلاق الزوج الثاني، وهذا في الحر والحرة (2).
استدلوا بما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان"(3).
• وجه الدلالة: جعل النبي صلى الله عليه وسلم طلاق الإماء اثنتين؛ إذ دخلت لام الجنس على الأَمَة، فيشمل بذلك كل أَمَة، سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، فلا تطلق سوى طلقتين (4).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء"(5).
ثانيًا: قال عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما (6)، وعثمان البتي: ينظر لحال الزوجين، فأيهما كان رقيقًا كان الطلاق بسبب رقه تطليقتين، فالحر يطلق الأمة تطليقتين، وتعتد بحيضتين، والعبد يطلق الحرة تطليقتين، وتعتد بثلاث حيض (7).
ثالثًا: يرى ابن حزم أنه لا فرق بين طلاق الحر وطلاق العبد، فالزوج يطلق ثلاث تطليقات، حرًا كان أو عبدًا، سواء كانت الزوجة حرة أو أمة (8). وقواه الزركشي من
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 209).
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 209).
(3)
أخرجه أبو داود (2189)(2/ 257)، والترمذي (1184)(2/ 398)، وابن ماجه (2080) 1/ 653).
قال أبو داود: وهو حديث مجهول. وقال الترمذي: حديث عائشة حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر بن أسلم لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث. قال الدارقطني: ليس في البصرة أنكر من حديث مظاهر عن عائشة. وقال ابن حجر: روي حديث ابن عمر عنه موقوفًا، وروي مرفوعًا، والمرفوع فيه عمر بن شبيب، وعطية العوفي؛ وهما ضعيفان. وصحح الدارقطني، والبيهقي الموقوف.
انظر: "سنن الدارقطني"(4/ 27)، "السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 369)، "التلخيص الحبير"(3/ 212 - 213).
(4)
"بدائع الصنائع"(4/ 209).
(5)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 370). قال الزيلعي: حديث غريب مرفوعًا، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس. انظر:"نصب الراية"(3/ 298).
(6)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 369).
(7)
"زاد المعاد"(5/ 274)، "عارضة الأحوذي"(5/ 122).
(8)
"المحلى"(9/ 502).