الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[17 - 370] وجوب العدة بالخلوة:
إذا خلا الرجل بزوجته، ثم طلقها قبل أن يمسها، فقد لزمتها العدة، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "ولها المهر كاملًا، وعليها العدة بالإجماع إن كان الزوج قد خلا بها"(1).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "إن العدة تجب على كل من خلا بها زوجها، وإن لم يمسها، . . . ولنا إجماع الصحابة، . . . وهذه قضايا اشتهرت، فلم تنكر فصارت إجماعًا"(2). وذكره في الكافي (3).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الكاساني، وابن قدامة من الإجماع على وجوب العدة بالخلوة وافق عليه المالكية (4)، والإمام الشافعي في القديم (5).
وهو قول الخلفاء الراشدين، وزيد، وابن عمر رضي الله عنهما، وبه قال علي بن الحسين، وعروة، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق (6).
• مستند الإجماع:
1 -
عن زرارة بن أوفى أنه قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابًا، وأرخى سترًا فقد وجب المهر، ووجبت العدة (7).
2 -
عن عمر وعلي رضي الله عنهما قالا: من أغلق بابًا وأرخى سترًا، فلها الصداق كاملًا، وعليها العدة (8).
3 -
الخلوة الصحيحة أقيمت مقام الدخول في وجوب العدة، مع أنها ليست بدخول حقيقة؛ لكونها سببا مفضيا إليه، فأقيمت مقامه احتياطًا، إقامة للسبب مقام المسبب فيما يحتاط فيه (9)، والاحتياط في باب الفروج واجب؛ إذ الأصل فيها التحريم (10).
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 593).
(2)
"المغني"(11/ 197 - 198).
(3)
"الكافي"(4/ 341).
(4)
"القوانين الفقهية"(ص 237)، "مواهب الجليل"(5/ 471).
(5)
"الحاوي"(14/ 250، "البيان" (11/ 7).
(6)
"المغني"(11/ 197).
(7)
هذا الأثر مرسل؛ لأن زرارة لم يدرك الخلفاء الراشدين. وسبق تخريجه.
(8)
فيه انقطاع، وسبق تخريجه.
(9)
"بدائع الصنائع"(4/ 416).
(10)
"المنثور في قواعد الفقه"(1/ 177).
• الخلاف في المسألة: ذهب الإمام الشافعي في الجديد (1)، وابن حزم (2)، إلى أن الخلوة قبل المسيس لا تُوجِب العدة. وهو قول ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم، وشريح، والشعبي، وطاوس، وابن سيرين (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237].
2 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
• وجه الدلالة: نص اللَّه عز وجل على وجوب نصف الصداق المسمى في حال الطلاق قبل الدخول، ونص عز وجل على عدم وجوب العدة إذا عُدم الدخول، ولم يفرق بين أن يكون خلا بها، أو لم يخل بها (4).
3 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق؛ لأن اللَّه عز وجل يقول: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237](5).
4 -
أن الخلوة دون مسيس قد عريت عن الإصابة، فلم يتعلق بها حكم، كالخلوة من غير النكاح (6).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن العدة تجب بالخلوة؛ لوجود خلاف عن الإمام الشافعي في الجديد، وابن حزم، وهو قول ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم، وشريح، والشعبي، وطاوس، وابن سيرين، بأن الخلوة قبل المسيس لا توجب العدة.
(1)"الحاوي"(14/ 250)، "البيان"(11/ 7).
(2)
"المحلى"(9/ 80).
(3)
"صنف عبد الرزاق"(6/ 288)، "المغني"(10/ 153)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 187).
(4)
"البيان"(11/ 8).
(5)
أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 513)، والشافعي في "الأم" (5/ 311). قال ابن حجر: في إسناده ضعف. وقال الإمام أحمد: يرويه ليث؛ وليث ليس بالقوي. انظر: "التلخيص الحبير"(3/ 193)، "المغني"(10/ 154).
(6)
"البيان"(11/ 8).