الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: يفسد النكاح بفساد الصداق، فيفرق بين الزوجين سواء كان قبل الدخول أو بعده، وهذا قول الإمام مالك في الرواية الثانية عنه (1)، ورواية عن الإمام أحمد (2)، وحمل ابن قدامة وغيره هذه الرواية على الاستحباب (3)، وهو قول ابن حزم (4)، وأبي عبيد (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
من عقد على صداق محرّم فقد فعل المنهي عنه -كما في نكاح الشغار- فيفسد عندئذٍ النكاح لفساد صداقه، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نكاح الشغار، لكون بضع إحدى المرأتين مهرًا للأخرى، فيقاس هذا عليه، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وجب تركه؛ لقوله تعالى:{وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7](6).
2 -
كل عقد قام على مالا يصح التعاقد عليه، فإنه لا يصح، وإذا كان العقد غير صحيح، فما يبنى عليه غير صحيح أيضًا، فلا تكون زوجية حينئذٍ (7).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع على أن المال الحرام لا يصح أن يعقد به نكاح امرأة مسلمة ابتداءً.
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع على صحة النكاح إذا كان الصداق محرّمًا لما يأتي:
1 -
ورود خلاف عن الإمام مالك في إحدى الروايتين عنه، ورجحها القاضي عبد الوهاب، في التفريق بين الزوجين قبل الدخول، وعدم التفريق بينهما بعد الدخول إذا كان عقد النكاح على صداق محرّم.
2 -
خلاف وارد عن الإمام مالك في الرواية الأخرى عنه، ورواية عن الإمام أحمد، وابن حزم، وأبي عبيد، في فساد النكاح بسبب فساد الصداق، ومن ثم وجب التفريق بين الزوجين، سواء كان قبل الدخول أو بعده.
[15 - 128] تستحق المرأة المتعة بالطلاق، قبل فرض المهر، وقبل الدخول:
إذا عقد رجل على امرأة، ثم طلقها قبل أن يفرض لها المهر، وقبل أن يدخل بها
(1)"عيون المجالس"(3/ 1135)، "مقدمات ابن رشد"(5/ 268).
(2)
"الإنصاف"(8/ 245)، "الشرح الكبير"(21/ 129).
(3)
"المغني"(10/ 116)، "الإنصاف"(8/ 245).
(4)
"المحلى"(9/ 86).
(5)
"المغني"(10/ 116)، "الاستذكار"(5/ 466).
(6)
"الاستذكار"(5/ 466)، "المغني"(10/ 116)، "الحاوي"(12/ 8).
(7)
"المحلى"(9/ 87).
فلها المتعة (1)، ونقل الإجماع على وجوب المتعة لها جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الطبري (310 هـ) حيث قال: "وأجمع الجميع على أن المطلقة غير المفروض لها قبل المسيس، لا شيء لها على زوجها المطلقها غير المتعة"(2). وقال أيضًا: "إجماع الحجة على أن المتعة للمطلقة غير المفروض لها قبل المسيس، واجبة"(3).
2 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "بوجوب المتعة قال عمر بن الخطاب، وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهما، وليس يعرف لهما في الصحابة مخالف، فصار إجماعًا"(4).
3 -
البغوي (516 هـ) حيث قال: "اتفق أهل العلم على أن المطلقة قبل الفرض، وقبل المسيس، تستحق المتعة"(5).
4 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "وأجمع أهل العلم على أن التي لم يفرض لها، ولم يدخل بها، لا شيء لها غير المتعة"(6).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من وجوب المتعة للمطلقة قبل فرض المهر، وقبل الدخول، وافق عليه الحنفية (7)، والإمام مالك في رواية عنه، رجحها القرطبي (8)، والصحيح من المذهب عند الحنابلة (9)، وابن حزم (10). وهو قول عمر، وعلي، وابن عمر، وعبد اللَّه بن عمرو، وابن عباس رضي الله عنهم، والحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جبير، وجابر بن زيد، والشعبي، والنخعي، والثوري، وأبي قلابة،
(1) المتعة: اسم للمال الذي يدفعه الرجل إلى امرأته لمفارقته إياها.
انظر: "الاختيار"(3/ 102)، "الحدود" لابن عرفة (ص 183)، "روضة الطالبين"(6/ 303)، "حاشية الروض المربع"(6/ 393).
(2)
"تفسير الطبري"(2/ 536).
(3)
"تفسير الطبري"(2/ 536).
(4)
"الحاوي"(12/ 102).
(5)
"شرح السنة"(5/ 98).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 183).
(7)
"بدائع الصنائع"(3/ 542)، "الاختيار"(3/ 102).
(8)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 182).
(9)
"الإنصاف"(8/ 299)، "شرح الزركشي"(5/ 306).
(10)
يرى ابن حزم أن المتعة فرض على كل مُطلِّق، سواء طلق واحدة، أو اثنتين، أو ثلاثًا، وطئها أم لم يطأها، فرض لها الصداق، أم لم يفرض شيئًا، ويجبره الحاكم على ذلك، أحب أم كره.
انظر: "المحلى"(10/ 3).
والزهري، وقتادة، وإسحاق (1).
• مستند الإجماع:
1 -
• وجه الدلالة: جاءت الآية بوجوب المتعة للمطلقة، والأمر يقتضي الوجوب، فيبقى على الوجوب حتى يأتي ما يصرفه (2).
2 -
وقال تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} [البقرة: 241].
• وجه الدلالة: أولًا: جاءت الآية بوجوب المتعة لكل مطلقة، وليس أدل على الوجوب من قوله تعالى:{حَقًا} ، فأوجب المتعة على كل متقٍ يخاف اللَّه، فمن منعها فليس بمتقٍ للَّه (3).
ثانيًا: جعل اللَّه سبحانه وتعالى المتعة للمطلقات بلام التمليك، فدل على استحقاقهن لها (4).
ثالثًا: قدّر اللَّه سبحانه وتعالى المتعة بالمعروف، وما لا يجب فإنه غير مقدر (5).
3 -
أن المتعة بدل عن نصف الصداق في غير المفروض لها، والصداق واجب، فتجب المتعة عندئذٍ (6).
• الخلاف في المسألة: ذهب الإمام مالك في رواية، وهي قول أصحابه من بعده (7)، إلى أن المتعة مستحبة، وليست واجبة للمطلقة قبل الدخول، وقبل فرض المهر. وهو قول ابن أبي ليلى، والقاضي شريح، والليث، وأبي عبيد (8).
• دليل هذا القول: قال تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} [البقرة: 236].
• وجه الدلالة: أولًا: خصّ اللَّه سبحانه وتعالى المحسنين بالمتعة،
(1)"الحاوي"(12/ 102)، "المغني"(10/ 139)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 182).
(2)
"بدائع الصنائع"(3/ 543)، "الذخيرة"(4/ 448).
(3)
بدائع الصنائع" (3/ 543)، "المحلى" (10/ 3)، "الحاوي" (12/ 102).
(4)
"الحاوي"(12/ 102)، "الحامع لأحكام القرآن"(3/ 182).
(5)
"الحاوي"(12/ 102).
(6)
"الذخيرة"(4/ 448).
(7)
"الذخيرة"(4/ 448)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 182).
(8)
"المغني"(10/ 139)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 182)، "سبل السلام"(3/ 293).