الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
قال ابن جزي: وقد افترى من نسب جوازه لمالك (1).
[3 - 144] العزل عن الحرّة لا يكون إلا بإذنها:
ليس للزوج أن يعزل (2) عن امرأته الحرّة إلا بإذنها، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "لا خلاف بين العلماء أيضًا في أن الحرة لا يعزل عنها إلا بإذنها؛ لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به"(3). وذكره في الاستذكار (4)، ونقله عنه ابن حجر (5)، والعيني (6)، والشوكاني (7).
2 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أنه ليس له العزل عن الحرة إلا بإذنها"(8). ونقله عنه ابن حجر (9)، والشوكاني (10)، وابن قاسم (11).
3 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "وأما المنكوحة؛ فإن كانت حرة، يكره له العزل من غير إذنها، بالإجماع"(12).
4 -
القرافي (684 هـ)، حيث قال في معرض حديثه عن العزل عن الحرة:"قال صاحب القبس: اجتمعت الأمة على جوازه"(13).
5 -
البابرتي (786 هـ) حيث قال: "عزل عن أمته المملوكة له، ولا إذن فيه إلى أحد، وعزل عن المرأة الحرة، والإذن فيه إليها، وهذان بالاتفاق"(14).
6 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "فأجمعوا في الحرة أن العزل لا يجوز بغير
(1)"القوانين الفقهية"(ص 211).
(2)
معناه: أن ينزع إذا قرب الإنزال، فينزل خارج الفرج.
انظر: "المغني"(10/ 228)، "العزيز شرح الوجيز"(8/ 179)، "روضة الطالبين"(6/ 194).
(3)
"التمهيد"(3/ 148).
(4)
"الاستذكار"(6/ 228).
(5)
"فتح الباري"(9/ 371).
(6)
"عمدة القاري"(20/ 195).
(7)
"نيل الأوطار"(6/ 322).
(8)
"الإفصاح"(2/ 115).
(9)
"فتح الباري"(9/ 371).
(10)
"نيل الأوطار"(6/ 322).
(11)
"حاشية الروض المربع"(6/ 432).
(12)
"بدائع الصنائع"(6/ 503).
(13)
"الذخيرة"(4/ 419)، وانظر:"القبس شرح موطأ مالك بن أنس" لابن العربي (2/ 762).
(14)
"العناية على الهداية"(3/ 400).
رضاها" (1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن العزل عن الحرة لا يكون إلا بإذنها، هو قول على، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وجابر، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي أيوب الأنصاري (2)، والحسن بن علي (3)، وخباب (4) رضي الله عنه، وسعيد بن المسيب، وطاوس، وعطاء، والنخعي (5).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ذكر العزل عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "ولِمَ يفعل ذلك أحدكم؟ "، ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم، "فإنه ليست نفس مخلوقة إلا اللَّه خالقها"(6).
2 -
عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والقرآن ينزل (7).
3 -
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها (8).
(1)"البناية شرح الهداية"(5/ 221).
(2)
هو أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري، شهد العقبة، وبدرًا، وأحدًا وما بعدها، وكان على مقدمة جيش على يوم النهروان، استشهد في غزوة غزاها المسلمون للقسطنطينية سنة (51 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(6/ 22)، "الإصابة"(2/ 199).
(3)
هو الحسن بن علي، ابن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، سيد شباب الجنة، سماه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن، وعن عنه يوم سابعه، وحلق شعره، وأمر أن يتصدق بزنته فضة، ولي الخلافة بعد أبيه، ثم سلمها لمعاوية (سنة 41)، قيل: إنه مات مسمومًا، سنة (49)، وقيل:(50 هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 13)، "الإصابة"(2/ 60).
(4)
هو أبو عبد اللَّه خبَّاب بن الأرتّ بن جندلة بن سعد، اختلف في نسبه؛ فقيل: خزاعي، وقيل: تميمي، وهو عربي، لحقه سبي في الجاهلية، فبيع بمكة، وهو من السابقين الأولين في الإسلام، وممن عذب في اللَّه تعالى، نزل الكوفة، ومات بها، سنة (37 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(2/ 149)، "الإصابة"(2/ 221).
(5)
"الإشراف"(1/ 137)، "المغني"(10/ 229)، "فتح القدير"(3/ 401).
(6)
أخرجه البخاري (5210)(6/ 88)، ومسلم (1438)"شرح النووي"(10/ 13).
(7)
أخرجه البخاري (5209)(6/ 188)، ومسلم (1440)"شرح النووي"(10/ 13).
(8)
أخرجه ابن ماجه (1928)(1/ 605). قال ابن حجر: فيه ابن لهيعة، وقد ضُعِّف. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 188).
• وجه الدلالة: دلت الأحاديث على أن العزل كان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يكون إلا بإذن الحرة، وأن الجماع من حقها، فلا يكون العزل إلا بإذنها (1).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الشافعية في أحد الوجهين (2)، والحنابلة في قول (3)، وابن حزم (4)، إلى منْع العزل مطلقًا، سواء أذنت أم لا.
وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن عمر، وابن مسعود رضي الله عنه (5).
• دليل هذا القول: عن جدامة بنت وهب (6) قالت: حضرت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أناس، فسألوه عن العزل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ذلك الوأد الخفي"(7).
• وجه الدلالة: كل شيء أصله الإباحة حتى يأتي ما ينقله إلى التحريم، والعزل كان مباحًا فجاء ما ينقله إلى التحريم، بنص هذا الحديث (8).
ثانيًا: لا يحرم على الرجل أن يعزل عن امرأته الحرة، سواء أذنت أم لم تأذن، وهو قول لبعض متأخري الحنفية، خصوصًا عند فساد الزمان (9)، والشافعية في الوجه
(1)"التمهيد"(3/ 148).
(2)
"العزيز شرح الوجيز"(8/ 179)، "روضة الطالبين"(6/ 194).
(3)
"الإنصاف"(8/ 348)، "الفروع"(5/ 330).
(4)
"المحلى"(9/ 222).
(5)
"الإشراف"(1/ 137)، "المغني"(10/ 228)، المحلي (9/ 224).
(6)
هي جدامة بنت وهب الأسدية، من بني أسد بن خزيمة، أسلمت بمكة، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت مع قومها إلى المدينة، روت عنها عائشة أم المؤمنين. انظر ترجمتها في:"أسد الغابة"(7/ 49)، "الإصابة"(8/ 49).
(7)
أخرجه مسلم (1442)"شرح النووي"(10/ 15).
(8)
"المحلى"(9/ 223). يرى ابن حزم أن هذا الحديث ناسخ لجميع الأحاديث الواردة في إباحة العزل؛ لأن الوأد محرّم، والعزل من الوأد بنص هذا الحديث، فيكون ناسخًا للإباحة في العزل.
قال ابن حجر: الظاهر أن حديث جدامة بنت وهب هو المنسوخ، فقد روى أصحاب السنن من حديث أبي سعيد أنه قيل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اليهود زعموا أن العزل هو الموءودة الصغرى، فقال:"كذبت يهود، لو أراد اللَّه أن يخلقه لم يستطع أن يصرفه". وعكسه ابن حزم. انظر: "المحلى"(9/ 223)، "التلخيص الحبير"(3/ 188).
(9)
"فتح القدير"(3/ 401)"حاشية ابن عابدين"(4/ 335).