الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ - أن عليًّا رضي الله عنه أنكر على شريح، ونقض حكمه في امرأة ماتت وتركت ابني عم، أحدهما زوج، والآخر أخ لأم، فأعطى شريح النصف للزوج، والباقي للأخ لأم، فبلغ ذلك عليا فقال: الزوج النصف، والأخ لأم السدس، والباقي بينهما (1).
ب - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ما يوجب الغسل؟ فقالت: هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثلَ الفرُّوج، يسمع الديكة تصرخ، فيصرخ معها (2)، إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل (3).
• وجه الدلالة: هذا إنكار من عائشة لأبي سلمة في مناظرته للصحابة، والدخول معهم في الاجتهاد (4).
• الترجيح: يترجح لدي القول الأول القائل بأن خلافهم معتبر في منع الإجماع، وذلك لما يأتي:
1 -
أن المجتهدين من التابعين هم بعض الأمة الذين شهدوا الواقعة، فوجب الأخذ بقولهم.
2 -
أن ما أنكره عليٌّ على شريح ليس لأن قوله غير معتبر، بدليل أنه حكم عليه في مخاصمته في درعه لما رد شهادة ابنه، ولم ينكر عليه علي رضي الله عنه (5).
3 -
أما إنكار عائشة رضي الله عنها على أبي سلمة: فيحتمل أنها لم تره بلغ مرتبة الاجتهاد، أو لأنه ترك التأدب مع ابن عباس. ثم إن قولها معارض بقول أبي هريرة لما قال: أنا مع ابن أخي (6).
المسألة الثالثة: هل يعتبر خلاف الظاهرية خرقًا للإجماع
؟
إذا خالف الظاهرية الجمهور في مسألة فرعية ما، فهل يعتبر خلافهم، فلا ينعقد الإجماع بدون قولهم، أم أن قولهم غير معتبر، فينعقد الإجماع بدونهم؟
(1) أخرجه البيهقي في "الكبرى"(6/ 239).
(2)
تريد بذلك مخالفته لابن عباس في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها.
(3)
أخرجه هذه القصة مالك في "الموطأ"(ص 66)، والبيهقي في "الكبرى"(1/ 166). وأصل الحديث أخرجه مسلم (349)"مسلم بشرح النووي"(4/ 35).
(4)
"العدة"(4/ 1168).
(5)
"الواضح"(5/ 200)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 302).
(6)
انظر: "شرح مختصر الروضة"(3/ 65)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 302).
• خلاف بين الفقهاء على أقوال، أذكر أهمها (1):
القول الأول: أن خلاف الظاهرية غير معتبر، ولا يعتد به مطلقًا، وممن حكى عدم اعتباره: الكرخي، والجصاص من الحنفية (2)، والنووي (3)، والزركشي (4)، من الشافعية.
• أدلة هذا القول:
1 -
ذكر النووي أن الظاهرية هم من جملة العوام، فليسوا من العلماء؛ لتعطيلهم القول بالقياس، وأن أغلب أحكام الشريعة قائمة على الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها (5).
2 -
أن هؤلاء تجرؤوا على الأئمة، وظنوا أنهم الذين على الحق، وأن غيرهم على الباطل، فمن أجل هذا لا يعتد بقولهم (6).
القول الثاني: أن خلافهم يعتبر مطلقًا، وممن حكى ذلك: أبو منصور البغدادي (7)، وابن الصلاح (8) من الشافعية، وقال: إنه الصحيح من المذهب، وهو الذي استقر عليه الأمر (9)، واختاره ابن القيم من الحنابلة (10)، والشوكاني (11).
(1) هناك بحث للدكتور عبد السلام بن محمد الشويعر في مجلة البحوث الإسلامية (العدد: 67)، عن الاعتداد بخلاف الظاهرية في الفروع الفقهية، هل يعتد به أم لا؟ خلص فيه إلى القول بالاعتداد به. وقد استفدت من هذا البحث.
(2)
"الفصول في الأصول" للجصاص (3/ 269).
(3)
"شرح مسلم"(3/ 115)، و"المجموع"(2/ 156).
(4)
"البحر المحيط"(6/ 291).
(5)
"تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 183).
(6)
"البحر المحيط"(6/ 291).
(7)
هو أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي، أخذ عن أبي إسحاق الإسفراييني، وغيره، إمام في الأصول والفروع، كان يدرِّس في سبعة عشر علمًا، ألف المصنفات في الرد على المعتزلة، من كتبه:"الملل والنحل"، و"الفرق بين الفرق" توفي سنة (427 هـ). انظر في ترجمته:"طبقات الشافعية" للسبكي (3/ 142)، و"طبقات ابن قاضي شهبة"(1/ 216).
(8)
هو أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصلاح، ولد في دمشق، وأخذ عن والده، ورحل، حتى برع في المذهب، كان أحد فضلاء عصره، في التفسير، والحديث، والفقه، توفي سنة (643 هـ). انظر في ترجمته:"طبقات الشافعية" للسبكي (4/ 428)، و"طبقات ابن قاضي شهبة"(1/ 444).
(9)
"تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 183).
(10)
"زاد المعاد"(5/ 331). قال ابن القيم: (والعجب من متعصبٍ يقول: لا يعتد بخلاف الظاهرية).
(11)
"إرشاد الفحول"(ص 147).