الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• ثالثًا: انتُقِد خلاف طاوس، وعطاء بأنه لم يثبت عنهما، فلم يثبته ابن العربي، والرافعي (1)؛ وأثبت ابن حزم خلاف ابن عباس، وطاوس، وقال: هو في غاية الصحة عنهما، ولكنا لا نقول به، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)} ، فقول اللَّه أحق أن يتبع (2).
[20 - 133] يكون الصداق كله للمرأة بموت أحد الزوجين بعد التسمية:
إذا مات أحد الزوجين بعد تسمية الصداق، فإن جميع الصداق يصبح ملكًا للمرأة، سواء وطئها زوجها أم لا، ونقل الاتفاق على ذلك.
• من نقل الاتفاق:
1 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن من مات أو ماتت، وقد سمى لها صداقًا صحيحًا، ووطئها أم لم يطأها، فلها جميع ذلك الصداق"(3).
2 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "لا خلاف في أن أحد الزوجين إذا مات حتف أنفه قبل الدخول في نكاح فيه تسمية، أنه يتأكد المسمى"(4).
3 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "اتفق العلماء على أن الصداق يجب كله بالدخول أو بالموت"(5).
4 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "لا خلاف أن من دخل بزوجته ثم مات عنها، وقد سمى لها، أن لها ذلك المسمى كاملًا، والميراث، وعليها العدة"(6).
5 -
ابن جزي (741 هـ) حيث قال: "ويجب جميعه بالدخول، أو بالموت اتفاقًا"(7).
6 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "وبموت أحد الزوجين يستقر المهر بالاتفاق"(8).
(1)"عارضة الأحوذي"(6/ 184)، "العزيز شرح الوجيز"(11/ 147).
(2)
"المحلى"(12/ 208).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 124).
(4)
"بدائع الصنائع"(3/ 526).
(5)
"بداية المجتهد"(2/ 40).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 187).
(7)
"القوانين الفقهية"(ص 201).
(8)
"رحمة الأمة"(ص 223).
7 -
البابرتي (786 هـ) حيث قال: "وإن تزوجها، ولم يسم لها مهرًا، ثم تراضيا على تسمية، فهو لها؛ إن دخل بها، أو مات عنها، بالاتفاق"(1).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على أن المرأة تملك الصداق كله بموت أحد الزوجين، وافق عليه الحنابلة (2).
• مستند الاتفاق:
1 -
أن موت أحد الزوجين لا يبطل به عقد النكاح بدليل التوارث بينهما (3).
2 -
استحقت المرأة المهر بالعقد، والعقد لم ينفسخ بسبب الموت، بل انتهى، لأن العقد يتم للاستمرار، فتنتهي نهايته عند انتهاء العمر، وإذا انتهى يتقرر فيما مضى (4).
3 -
موت أحد الزوجين ينهي العقد، ويستقر به العوض، كانتهاء الإجارة (5).
• الخلاف في المسألة: أولًا: لم يختلف الفقهاء في ملك الزوجة للمهر بموت أحد الزوجين، إذا مات أحدهما حتف أنفه (6).
ثانيًا: إذا مات أحد الزوجين مقتولًا، سواء قتل نفسه، أو قتله غيره، أو قتل أحد الزوجين صاحبه؛ فهل تملك المرأة المهر؟ خلاف على أقوال:
• القول الأول: ذهب الحنفية (7)، والمالكية (8)، والشافعية في أصح القولين (9)، والحنابلة في الصحيح من المذهب (10)، إلى أن المرأة تملك المهر، في جميع حالات القتل، سواء قتل أحدهما نفسه، أو قتله أجنبي، أو قتل أحد الزوجين صاحبه.
• أدلة هذا القول:
1 -
القتل يصير تفويتًا للحق عند زهوق الروح، والمهر في تلك الحالة ينتقل للورثة، فلا يحتمل السقوط (11).
(1)"العناية على الهداية"(3/ 328).
(2)
"الكافي"(4/ 342)، "الإنصاف"(8/ 282).
(3)
"الحاوي"(12/ 106)، "مغني المحتاج"(4/ 374).
(4)
"بدائع الصنائع"(3/ 526).
(5)
"الكافي"(4/ 343)، "مغني المحتاج"(4/ 374).
(6)
يقال للإنسان إذا مات دون قتل: مات حتف أنفه. انظر: "فقه اللغة" للثعالبي (ص 133).
(7)
"بدائع الصنائع"(3/ 526)، "فتح القدير"(3/ 322).
(8)
"التاج والإكليل"(5/ 131)، "حاشية الدسوقي"(2/ 475).
(9)
"البيان"(9/ 406)، "المهذب"(2/ 467).
(10)
"المحرر"(2/ 76)، "الإنصاف"(8/ 282).
(11)
"بدائع الصنائع"(3/ 526).
2 -
أن هذه فرقة حصلت بانقضاء الأجل، فلا يسقط المهر، كما لو مات أحدهما حتف أنفه (1).
• القول الثاني: ذهب زفر من الحنفية (2)، والشافعية في أحد القولين (3) إلى أن المهر يسقط إذا قتلت المرأة نفسها.
• أدلة هذا القول:
1 -
أن النكاح انفسخ بسبب من جهة المرأة، فهو كما لو ارتدت (4).
2 -
أن المرأة فوتت على الزوج حقه في المبدل، فيسقط حقها في البدل (5).
• القول الثالث: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أن المرأة إذا قتلت نفسها، فلها نصف المهر (6).
• دليل هذا القول: أن المرأة قد ماتت قبل أن يمسها زوجها، فلا تملك إلا نصف المسمى، ولا تستحق المسمى إلا بالدخول (7)؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237].
النتيجة:
أولًا: صحة ما ذكر من الاتفاق على أن المرأة تملك صداقها، إذا مات أحد الزوجين حتف أنفه.
ثانيًا: صحة الاتفاق على أن المرأة تملك الصداق بموت زوجها قتلًا، سواء قتل نفسه، أو قتله أجنبي.
ثالثًا: إذا قتلت المرأة نفسها فلم يتحقق الاتفاق على ملكها لمهرها، لوجود خلاف عن زفر من الحنفية، وقول عند الشافعية بأنه يسقط حقها في المهر، ورواية عن الإمام أحمد أن لها نصف المهر.
(1)"البيان"(9/ 406).
(2)
"بدائع الصنائع"(3/ 526).
(3)
"البيان"(9/ 406)، "المهذب"(2/ 467).
(4)
"البيان"(9/ 406).
(5)
"بدائع الصنائع"(3/ 526).
(6)
"الإنصاف"(8/ 282).
(7)
قلت بهذا الاستدلال تخريجًا على رواية عن الإمام أحمد في أن المرأة لا تملك إلا نصف الصداق بالعقد، وقبل الدخول. انظر:"الإنصاف"(8/ 261)، "الكافي"(4/ 338).