الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا جنب (1)، ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة (2) فليس منا" (3).
• وجه الدلالة: دل الحديثان على النهي عن نكاح الشغار، وأنه لا يجوز.
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية إلى أن نكاح الشغار جائز، وللمرأة مهر مثلها (4). وهو قول عطاء، وعمرو بن دينار، ومكحول، والزهري، والثوري (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن كلًّا من الزوجين سمى في نكاح الشغار ما لا يصلح أن يكون صداقًا، كمن يعقد على خمر أو خنزير (6).
2 -
أن البضع لا يصح أن يكون صداقًا، فلم يتحقق الاشتراك، فبقي الشرط فاسدًا، والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة (7).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن نكاح الشغار باطل، وأنه محرم لا يجوز؛ لخلاف الحنفية ومن معهم بأنه صحيح، ويكون لكل من المرأتين مهر المثل.
[2 - 82] تحريم نكاح التحليل:
إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا بائنًا، فلا تحل له إلا من بعد زوج؛ فإذا تزوجها رجل بقصد تحليلها لزوجها الأول، أو شرط عليه في العقد أن يحلَّها لزوجها الأول، فإن هذا النوع من النكاح محرَّم، ونقل الإجماع على تحريمه جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الترمذي (279 هـ) حيث قال: "والعمل على هذا عند أهل
= ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنُهيَ عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم. الثاني: يكون في السباق؛ وهو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره ويجلب عليه ويصيح، حثًّا له على الجري، فنُهيَ عن ذلك.
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 127)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 272).
(1)
الجنَب هو: أن يجْنُب فرسًا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب، وقيل: أن يجنب رب المال بماله فيبعده عن موضعه حتى لا يأتيه عامل الصدقة. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 128)، النهاية (1/ 292).
(2)
اسم لما يُنهب، ويؤخذ بلا حق. انظر:"النهاية في غريب الحديث"(5/ 117).
(3)
أخرجه الترمذي (1126)(2/ 366)، والنسائي (3335)(6/ 83).
قال الترمذي: هذا حديث حن صحيح.
(4)
"المبسوط"(5/ 105)، "بدائع الصنائع"(3/ 492).
(5)
"الإشراف"(1/ 45).
(6)
"المبسوط"(5/ 105).
(7)
"المبسوط"(5/ 105)، "بدائع الصنائع"(3/ 493).
العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد اللَّه ابن عمرو، وغيرهم، وهو قول الفقهاء من التابعين" (1). ونقله عنه ابن قدامة (2)، والقرطبي (3)، وابن القيم (4)، والصنعاني (5).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وجملته أن نكاح المحلل حرام وباطل، . . . وهو قول من سمينا (6) من الصحابة، ولا مخالف لهم، فيكون إجماعًا"(7). ونقله عنه ابن قاسم (8).
3 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "أجمعوا على تحريم نكاح المحلل. . . واتفق أئمة الفتوى على أنه إذا شرط التحليل كان باطلا"(9). ونقله عنه ابن قاسم (10). وقال أيضًا: "نكاح المحلل حرام بإجماع الصحابة: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وغيرهم رضي الله عنهم"(11). وقال أيضًا: "لو نوى التحليل كان ذلك مما اتفق الصحابة على النهي عنه، وجعلوه من نكاح المحلل"(12). وقال أيضًا: "وبأن الصحابة أبطلوا هذه العقود، ففرقوا بين الزوجين في نكاح الشغار، وجعلوا نكاح التحليل سفاحًا، وتوعدوا المحلل بالرجم. . . فتبين بالنصوص وإجماع الصحابة فساد هذه الأنكحة"(13). وقال أيضًا: "وقد اتفق أئمة الفتوى على أنه إذا شرط التحليل في العقد كان باطلا"(14).
4 -
ابن القيم (751 هـ) حيث قال: "ونكاح المحلل لم يُبَحْ في ملة من الملل قط، ولم يفعله أحد من الصحابة، ولا أفتى به واحد منهم"(15).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره علماء الحنابلة من الإجماع على تحريم نكاح
(1)"سنن الترمذي"(2/ 365).
(2)
"المغني"(10/ 50).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 138).
(4)
"إعلام الموقعين"(2/ 50).
(5)
"سبل السلام"(3/ 246).
(6)
سمى ابن قدامة من الصحابة الذين يرون تحريم نكاح المحلل: عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم.
(7)
"المغني"(10/ 49، 52).
(8)
"حاشية الروض المربع"(6/ 320 - 321).
(9)
"مجموع الفتاوى"(32/ 155).
(10)
"حاشية الروض المربع"(6/ 320).
(11)
"مختصر الفتاوى المصرية"(ص 424).
(12)
"مجموع الفتاوى"(32/ 108).
(13)
"مجموع الفتاوى"(32/ 159).
(14)
"مختصر الفتاوى المصرية"(ص 424).
(15)
"إعلام الموقعين"(2/ 54).
التحليل وبطلانه إن وقع، وافق عليه أبو يوسف من الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية في الجديد (3)، وابن حزم (4). وقال به عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم، والحسن، وبكر المزني (5)، والنخعي، وقتادة، والليث (6)، وإسحاق، وأبو عبيد (7)، والثوري، والأوزاعي في إحدى الروايتين عنهما (8).
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المُحِلَّ والمُحلَّل له"(9).
2 -
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ "، قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال:"فهو المحلِّل، لعن اللَّه المحلِّل والمحلَّل له"(10).
3 -
عن علي رضي الله عنه قال: "لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المحلِّل والمحلَّل له"(11).
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 405)، "الاختيار"(3/ 151).
(2)
"الكافي" لابن عبد البر (ص 238)، "القوانين الفقهية"(ص 209).
(3)
"الحاوي"(11/ 456 - 457)، "التهذيب"(5/ 446).
(4)
"المحلى"(9/ 422).
(5)
هو أبو عبد اللَّه بكر بن عبد اللَّه المزني البصري، الفقيه، روى عن خلق كثير من الصحابة والتابعين، كان عالمًا، عابدًا، زاهدًا، متواضعًا، قليل الكلام، توفي سنة (108)، وقيل: سنة (106 هـ). انظر ترجمته في: "شذرات الذهب"(1/ 135)، "البداية والنهاية"(9/ 284).
(6)
هو شيخ الديار المصرية، أبو الحارث الليث بن سعد الفهمي، أصله من فارس، أخذ عن الزهري، وعطاء، وخلق كثير، وكان كثير الحديث، والفقه، حتى قيل: الليث أفقه من مالك؛ ولكن ضيعه أصحابه، توفي سنة (175 هـ). انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ (1/ 224)، "شذرات الذهب"(1/ 285).
(7)
"الإشراف"(1/ 179)، "المغني"(10/ 49).
(8)
"الاستذكار"(5/ 448).
(9)
أخرجه الترمذي (1123)(2/ 364)، والنسائي (3416) (6/ 109). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال ابن حجر: صححه ابن القطان، وابن دقيق العيد، على شرط البخاري. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 170).
(10)
أخرجه ابن ماجه (1936)(1/ 607)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 217)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(11)
أخرجه (2076)(2/ 227)، والترمذي (1122)(2/ 364)، وابن ماجه (1935)(1/ 606).
قال الترمذي: حديث علي معلول، وليس إسناده بالقائم؛ لأن مجالد بن سعيد قد ضعفه أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل. وانظر:"التلخيص الحبير"(3/ 170).
• وجه الدلالة: دلت الأحاديث على تحريم التحليل؛ لأن اللعن لا يكون إلا على فاعل المحرَّم، وكل محرَّم منهي عنه (1).
4 -
خطب عمر رضي الله عنه فقال: واللَّه لا أوتى بِمُحِلٍّ ولا محلَّل له إلا رجمتهما (2).
5 -
قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: امرأة تزوجتُها؛ أُحلها لزوجها، لم يأمرني، ولم يعلم. قال: لا، إلا نكاح رغبة، إن أعجبتك أمسكها، وإن كرهتها فارقها. قال: وإن كنا نعده على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سفاحًا، قال: ولا يزالان زانيين، وإن مكثا عشرين سنة، إذا علم أنه يريد أن يحلها (3).
6 -
جاء رجل إلى ابن عباس، فقال له: إن عمي طلق امرأته ثلاثًا، أيحلها له رجل؟ قال: من يخادع اللَّه يخدعه (4).
• الخلاف في المسألة: أولًا: يرى الإمام أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن، وزفر (5)، والإمام الشافعي في القديم (6)، ورواية عن الإمام أحمد (7)، أن نكاح المحلل صحيح، مع الكراهة. ومنع محمد بن الحسن عودتها للأول (8)؛ وقال به ابن أبي ليلى، والثوري، والأوزاعي في رواية عنهما (9).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
• وجه الدلالة: أباح اللَّه سبحانه وتعالى النكاح من الزوج الثاني بعد طلاق الأول، من غير فصل بين ما إذا شرط الإحلال أو لا، فكان النكاح مع شرط الإحلال صحيحًا (10).
(1)"سبل السلام"(3/ 246)، "نيل الأوطار"(6/ 254).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (10777)(6/ 265)، وسعيد بن منصور (2/ 49 - 50).
(3)
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 217)، والبيهقي (7/ 208). قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(4)
أخرجه البيهقي (7/ 337)، وسعيد بن منصور (1/ 262).
(5)
"بدائع الصنائع"(4/ 405)، "الاختيار"(3/ 151).
(6)
"الحاوي"(11/ 456 - 457)، "التهذيب"(5/ 446).
(7)
"الإنصاف"(8/ 161)، "المحرر"(2/ 52).
(8)
"بدائع الصنائع"(4/ 405)، "الاختيار"(3/ 151).
(9)
"الاستذكار"(5/ 448).
(10)
"بدائع الصنائع"(4/ 405).
2 -
من مقاصد النكاح السكن والتوالد والتعفف، ولا يكون ذلك إلا ببقاء الحياة الزوجية واستمرارها، وعلى هذا يحمل القول بكراهته، لما ألحقه النبي صلى الله عليه وسلم من اللعن على المحلل والمحلل له (1).
3 -
أن شرط التحليل شرط فاسد، فيفسد به الصداق، ويصح به النكاح، كما لو شرط ألا يسافر بها (2).
4 -
أما قول محمد بن الحسن من منع عودتها للأول؛ فلأن النكاح عقد مؤبد، فكان شرط الإحلال استعجال ما أخره اللَّه تعالى لغرض الحل، فيعاقب بالمنع، كقتل المورث (3).
ثانيًا: إذا نوى الزوج التحليل، ولم يشترطه الزوج السابق، أو أي من أولياء المرأة؛ خلاف على قولين:
• القول الأول: يكون النكاح صحيحًا عند الإمام أبي حنيفة، ومحمد، وزفر (4)، والشافعية (5)، ورواية عن الإمام أحمد (6)، وابن حزم (7).
وقال به عروة بن الزبير، وسالم بن عبد اللَّه، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعطاء والشعبي، والليث بن سعد، وأبو ثور (8).
• دليل هذا القول: روي عن عمر رضي الله عنه ما يدل على إجازته إذا وقع بهذه الصورة؛ فقد روى ابن سيرين أن رجلًا من أهل المدينة طلق امرأته ثلاثًا، وندم، وبلغ ذلك منه ما شاء اللَّه، فقيل له: انظر رجلًا يحلها لك، وكان في المدينة رجل من أهل البادية له حسب أقحم إلى المدينة، وكان محتاجًا ليس له شيء يتوارى به إلا رقعتين؛ رقعة يوارى بها فرجه، ورقعة يوارى بها دبره، فأرسلوا إليه، فقالوا له: هل لك أن نزوجك امرأة، فتدخل عليها فتكشف عنها خمارها، ثم تطلقها ونجعل لك على ذلك جعلًا؟
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 405).
(2)
"التهذيب"(5/ 446).
(3)
"بدائع الصنائع"(4/ 405)، "الاختيار"(3/ 151).
(4)
"بدائع الصنائع"(4/ 405)، "الاختيار"(3/ 151).
(5)
"الحاوي"(11/ 456 - 457)، "التهذيب"(5/ 446).
(6)
"الإنصاف"(8/ 161)، "المحرر"(2/ 52).
(7)
"المحلى"(9/ 432).
(8)
"المحلى"(9/ 430).