الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشوكاني (1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن المطلقة الرجعية لا تعود بعد العدة إلا بعقد جديد، وافق عليه الحنفية (2)، والحنابلة (3).
• مستند الإجماع: جعل اللَّه عز وجل الرجعة للرجل على امرأته ما دامت في العدة، فإذا انتهت العدة فلا رجعة له عليها؛ لأن اللَّه عز وجل يقول:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234](4).
النتيجة:
تحقق الإجماع على أن الرجعية إذا انتهت عدتها؛ فلا تعود لزوجها إلا بعقد جديد؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[13 - 337] تنقطع الرجعة بالاغتسال من الحيضة الثالثة:
جعل اللَّه عز وجل عدة المطلقة ثلاثة قروء في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
فإذا انتهت الأقراء الثلاثة فقد انتهت العدة، ومن ثم إذا اغتسلت المطلقة الرجعية من حيضتها الثالثة فقد انتهت عدتها، وبذلك تنتهي رجعتها؛ ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الطحاوي (321 هـ) حيث قال: "فأجمع عمر، وعبد اللَّه (5) على أنه أحق بها، ما لم تحل لها الصلاة"(6).
2 -
الجوهري (350 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن المطلقة إذا خرجت من الحيضة الثالثة، واغتسلت منها، حلّت للأزواج"(7).
3 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "اتفقوا أن المطلقة، وهي ممن تحيض، وعدتها الإقراء، أنها إذا أكملت من حين وجوب العدة عليها ثلاثة أطهار تامة، وثلاث حيض تامة، ثم اغتسلت من الحيضة بعد انقطاعها ورؤية الطهر منها، . . . أنها قد انقضت عدتها، وحلت للأزواج، . . . وانقطعت رجعة المطلق، وصارا كالأجنبيين"(8).
(1)"نيل الأوطار"(7/ 41).
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 396)، "الهداية"(1/ 286).
(3)
"الكافي"(4/ 516)، "الإنصاف"(9/ 159).
(4)
"الأم"(5/ 352).
(5)
هو ابن مسعود.
(6)
"شرح معاني الآثار"(3/ 62).
(7)
"نوادر الفقهاء"(ص 100).
(8)
"مراتب الإجماع"(ص 136).
4 -
علاء الدين السمرقندي (540 هـ) حيث قال: "فإن اغتسلت فلا تصح الرجعة، وتحل للأزواج. وإن كان قبل الاغتسال؛ فلا تحل لأزواج، وتصح الرجعة؛ لأن مدة الاغتسال من الحيض؛ بإجماع الصحابة"(1).
5 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "وأما إجماع الصحابة رضي الله عنهم: فإنه روى علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنت عند عمر رضي الله عنه فجاء رجل وامرأة، فقال الرجل: زوجتي طلقتها وراجعتها، فقالت: ما يمنعني ما صنع أن أقول وما كان: إنه طلقني، وتركني حتى حضت الحيضة الثالثة، وانقطع الدم، وغلقت بابي، ووضعت غسلي، وخلعت ثيابي، فطرق الباب؛ فقال: قد راجعتك. فقال عمر رضي الله عنه: قل فيها يا ابن أم عبد، فقلت: أرى أن الرجعة قد صحت ما لم تحل لها الصلاة، فقال عمر: لو قلت غير هذا لم أره صوابًا. . . فاتفقت الصحابة رضي الله عنهم يقولون: على اعتبار الغسل"(2).
6 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "إذا انقطع حيض المرأة في المرة الثالثة، ولمّا تغتسل، . . . لا تنقضي عدتها حتى تغتسل، . . . فإذا اغتسلت أبيحت للأزواج، . . . روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي موسى، وعبادة، وأبي الدرداء، . . . وهذا قول من سمينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم؛ فيكون إجماعًا"(3).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الرجعة تنقطع بالاغتسال من الحيضة الثالثة، وافق عليه الشافعية في أحد القولين (4).
وقال به أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، والضحاك (5)، والسدي،
(1)"تحفة الفقهاء"(2/ 179).
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 396 - 397).
(3)
"المغني"(10/ 556).
(4)
"البيان"(11/ 16)، "روضة الطالبين"(7/ 361).
(5)
هو الضحاك بن مزاحم الهلالي الخراساني، روى عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي سعيد، وأنس بن مالك، وقيل: لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة، وقال العجلي: ثقة، وليس بتابعي، وثقه الإمام أحمد، والدارقطني، توفي سنة (102)، وقيل:(106 هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب"(4/ 398)، "شذرات الذهب"(1/ 124).
وعكرمة، والثوري، وأبو عبيد (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222].
• وجه الدلالة: منع الزوج من الوطء قبل الغسل، كما منع منه حال الحيض، فوجب أن يمنع الغسل ما منعه الحيض؛ وهو النكاح (2).
2 -
قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]. هذا نص في وجوب استيفاء ثلاثة أقراء، أي: حيضات (3).
3 -
عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنت عند عمر رضي الله عنه فجاء رجل وامرأة، فقال الرجل: زوجتي طلقتها وراجعتها، فقالت: ما يمنعني ما صنع أن أقول، وما كان إنه طلقني، وتركني حتى حضت الحيضة الثالثة، وانقطع الدم، وغلقت بابي، ووضعت غسلي، وخلعت ثيابي، فطرق الباب؛ فقال: قد راجعتك. فقال عمر رضي الله عنه: قل فيها يا ابن أم عبد، فقلت: أرى أن الرجعة قد صحت ما لم تحل لها الصلاة، فقال عمر: لو قلت غير هذا لم أره صوابًا (4).
• الخلاف في المسألة: أولًا: فرّق الحنفية بين من كانت أيام حيضها عشرة أيام، وبين من كانت أيام حيضها أقل من ذلك؛ فقالوا: إن كانت أيام حيضها عشرة؛ فإن عادتها تنتهي بانقضاء الحيضة الثالثة، فلا تصح الرجعة؛ وإن لم تغتسل.
وإن كانت أيام حيضها أقل من عشرة أيام؛ فتصح الرجعة ما لم تغتسل، فإن وجدت الماء ولم تغتسل ولم تتيمم لكي تصلي، ولم يخرج وقت أدنى الصلوات إليها؛ فتصح الرجعة (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن المرأة لا تزيد على عشرة أيام في عدتها، فإذا حاضت عشرة أيام تيقنّا انتهاء العدة، فلا رجعة بعد انتهاء العدة وإن لم تغتسل (6).
2 -
إذا كان حيض المرأة أقل من عشرة أيام فهناك احتمال أن يعاودها الدم، فلا بد
(1)"تفسير الطبري"(2/ 439)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 106)، "المغني"(10/ 556).
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 396)، "شرح منتهى الإرادات"(3/ 195).
(3)
"الحاوي"(14/ 190).
(4)
أخرج هذا الأثر البيهقي في "الكبرى"(11/ 377)، وعبد الرزاق (10988)(6/ 316).
(5)
"بدائع الصنائع"(4/ 396)، "الهداية"(1/ 286).
(6)
"بدائع الصنائع"(4/ 396).
أن يقترن الانقضاء بحقيقة الغسل، أو بلزوم حكم من أحكام الطاهرات بمضي وقت الصلاة (1).
ثانيًا: ذهب المالكية (2)، والشافعية في الصحيح من القولين (3)، والإمام أحمد في رواية عنه (4)، وابن حزم (5)، إلى أن المرأة إذا رأت الدم من الحيضة الثالثة؛ خرجت من العصمة، قبل أن تغتسل، فلا يحل لزوجها رجعتها. وهو قول عائشة، وزيد بن ثابت، وابن عمر رضي الله عنهما (6). وهو مذهب الفقهاء السبعة، والزهري، وطاوس، والأوزاعي، وسعيد بن جبير (7)، وأبي ثور، وداود (8).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
• وجه الدلالة: أوجب اللَّه عز وجل التربص بالأقراء عُقيب الطلاق المباح، والطلاق المباح لا يكون إلا في انقطاع دم الحيض (9). وهذه المرأة قد كملت عندها القروء بانقطاع الحيض، فيجب عليها الغسل؛ لفعل الصلاة والصيام (10).
2 -
بما أن أحكام الإرث، والطلاق، واللعان، والنفقة، تنقطع بانقطاع الدم من الحيضة الثالثة؛ وجب أن ينقطع حكم الرجعة (11).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع المحكي عن بعض الصحابة؛ بحجة عدم وجود
(1)"الهداية"(1/ 286).
(2)
"المدونة"(2/ 234)، "المعونة"(2/ 663).
(3)
"البيان"(11/ 16)، "روضة الطالبين"(7/ 361).
(4)
"الإنصاف"(9/ 158)، "شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 456).
قال ابن القيم: ليس هذا مذهب الإمام أحمد؛ بل مذهبه أن الرجعة لا تنقطع إلا بالاغتسال من الحيضة الثالثة، وهذا القول رجع إليه الإمام أحمد، واستقر مذهبه عليه، فليس له مذهب سواه. انظر:"زاد المعاد"(5/ 601). وانظر: "شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 461).
(5)
"المحلى"(10/ 34).
(6)
"تفسير الطبري"(2/ 442 - 443)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 109)، "زاد المعاد"(5/ 601)، "بداية المجتهد"(2/ 152).
(7)
"تفسير الطبري"(2/ 442)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 106)، "التهذيب"(6/ 234)، "المغني"(10/ 556).
(8)
"المحلى"(10/ 30).
(9)
"الحاوي"(14/ 191).
(10)
"المغني"(11/ 205).
(11)
"المغني"(11/ 205)، "كشاف القناع"(5/ 418).