الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
ما روته عائشة: "إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة"(1).
النتيجة:
أولًا: يمكن القول: إن الإجماع قد تحقق في صحة إنكاح الأب ابنته إذا كانت دون تسع سنين.
ثانيًا: لا يقال بأن الإجماع قد تحقق في البنت التي تزيد عن تسع سنين؛ لخلاف الإمام أحمد في رواية عنه أنه لا جبر عليها.
ثالثًا: أما خلاف ابن شبرمة، والأصم في منع تزويج البنت الصغيرة قبل البلوغ؛ فلا يعتد به لما يأتي:
1 -
لما قال اللَّه تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، دل على ثبوت العدة للصغيرة، وهذا متصور في اعتبار نكاحها شرعًا (2).
2 -
من ادعى أن ذلك مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يلتفت إلى قوله؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فكل ما فعله صلى الله عليه وسلم فلنا أن نتأسى به ما لم يأتِ نص يبين أنه له خاصة (3).
3 -
تزوج عمر رضي الله عنه أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه، وهي صغيرة، وتزوج قدامة بن مظعون بنت الزبير يوم ولدت، مع علم الصحابة بذلك؛ فهذا دليل على فهمهم عدم الخصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم في نكاحه عائشة، وهي صغيرة (4).
4 -
ما نقل من فعل الصحابة رضي الله عنهم في تزوج الصغيرات دال على أن قول ابن شبرمة ومن وافقه مخالف لإجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ حيث لم يثبت عنهم خلاف في ذلك (5).
[11 - 31] إذن الثيب والبكر في النكاح:
الثيب إذنها في النكاح أن تنطق به، والبكر إذنها أن تسكت، فإن صدر الإذن من الثيب، أو البكر بهذه الصفة، فهو الإذن المعتبر شرعًا، ونُقل اتفاق أهل العلم على
(1) أخرجه الترمذي (1111)(2/ 358). قال الألباني: هذا حديث معلق، علقه البيهقي، ولم أقف على إسناده. انظر:"إرواء الغليل"(6/ 228).
(2)
"فتح القدير"(3/ 274).
(3)
"المحلى"(9/ 40).
(4)
"فتح القدير"(3/ 274).
(5)
"بدائع الصنائع"(3/ 355).
ذلك.
• من نقل الاتفاق:
1 -
البغوي (516 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن البكر إذا استؤذنت في النكاح يكتفى بسكوتها، ويشترط صريح نطق الثيب"(1).
2 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "الإذن في النكاح على ضربين: فهو واقع في حق الرجل والثيب من النساء بالألفاظ، وهو في حق الأبكار المستأذنات بالسكوت، أعني الرضى، وأما الرد فباللفظ. ولا خلاف في هذه الجملة"(2). ونقله عنه ابن قاسم (3).
3 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "وأما الثيب فلا بد فيها من النطق بلا خلاف"(4).
4 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "إذا صرّحت بمنعه امتنع اتفاقًا، والبكر بخلاف ذلك"(5).
5 -
الشوكاني (1250 هـ) فذكره بنحو ما قال ابن حجر (6).
6 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "ونطق الثيب إذنها بلا خلاف"(7).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على أن إذن الثيب بالكلام، وإذن البكر أن تسكت، وافق عليه الحنفية (8)، وابن حزم (9). وهو قول شريح، والشعبي، وابن سيرين (10)، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وابن شبرمة (11).
• مستند الاتفاق:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: يا رسول اللَّه وكيف إذنها؟
(1)"شرح السنة"(5/ 27).
(2)
"بداية المجتهد"(2/ 10).
(3)
"حاشية الروض المربع"(6/ 260).
(4)
"شرح مسلم"(9/ 173).
(5)
"فتح الباري"(9/ 132).
(6)
"نيل الأوطار"(6/ 235).
(7)
"حاشية الروض المربع"(6/ 261).
(8)
"الاختيار"(3/ 92 - 93)، و"الهداية"(1/ 214).
(9)
"المحلى"(9/ 43).
(10)
هو أبو بكر محمد بن سيرين، أبوه من سبي بيسان، وقيل: من سبي عين التمر، ولد في أواخر خلافة عثمان، كان غاية في العلم، نهاية في العبادة، روى عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم، اشتهر بتعبير الرؤى والأحلام، توفي سنة (110 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الفقهاء"(ص 92)، و"شذرات الذهب"(1/ 138).
(11)
"الإشراف"(1/ 25).
قال: "أن تسكت"(1).
2 -
عن عدي بن عدي الكندي عن أبيه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها"(2).
• وجه الدلالة: فُرِّق في هذين الحديثين بين إذن الثيب والبكر، فعُبِّر عن إذن الثيب بالاستئمار، وعن إذن البكر بالاستئذان، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة، والإذن دائر بين القول والسكوت، بخلاف الأمر؛ فإنه صريح في القول، وإنما جُعِل السكوت إذنًا في حق البكر؛ لأنها قد تستحي أن تفصح (3).
• الخلاف في المسألة: خالف بعض أصحاب الشافعي في صمت البكر خاصة في حق غير الأب، ولهم في ذلك وجهان (4):
أحدهما: يشترط نطقها الصريح.
والثاني: يكفي سكوتها في حق جميع الأولياء؛ لعموم الحديث، وصحح النووي هذا القول (5).
النتيجة:
ما ذكر من الاتفاق على أن إذن الثيب بالكلام، وإذن البكر أن تسكت صحيح، ولا يلتفت لخلاف من خالف من بعض الشافعية في البكر في حق غير الأب، لما يأتي:
1 -
وصف هذا الخلاف بأنه شذوذ عن أهل العلم، وترك للسنة الصحيحة الصريحة، يصان الشافعي عن إضافته إليه، وجعله مذهبًا له، مع كونه من أتبع الناس لسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولا يعرج منصف على هذا القول، كما قال ابن قدامة (6).
2 -
أن هذا القول لم يعتبره المحققون من الشافعية، وعدّوه خطأ مخالفا لعموم
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"فتح الباري"(9/ 132).
(4)
"الحاوي"(11/ 83)، و"روضة الطالبين"(6/ 50).
(5)
"روضة الطالبين"(6/ 50)، و"شرح مسلم"(9/ 173).
(6)
"المغني"(9/ 408).