الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناديه بذلك: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة"(1).
• وجه الدلالة من هذه الأحاديث: فيها دلالة ظاهرة على تحريم نكاح الحامل، سواء كان حملها من زوج أو سيد أو شبهة (2).
النتيجة:
تحقق الإجماع على تحريم أن يطأ الرجل حاملًا من غيره، سواء كان حملها من زوج، أو سيد، أو شبهة؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[16 - 66] إباحة نكاح الزانية، لمن زنى بها بعد الاستبراء:
إذا زنت المرأة، فلا يمنعها ذلك من أن تتزوج، فإنه يجوز لمن زنى بها، ولغيره، أن يعقد عليها، ونقل الإجماع على جواز ذلك جمع من أهل العلم بشرط أن يستبرئها.
• من نقل الإجماع:
1 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "فأما الزانية فإنه يجوز للزاني أن يعقد عليها، وإن كان قد زنى بها، ويجوز لغيره أيضًا، وهو قول جميع الفقهاء"(3).
2 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: ". . . وروى ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحرم الحرام الحلال" (4)، وهذا نص، ولأنه منتشر في الصحابة بالإجماع، وروى عن أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وابن عباس، وجابر. . . فهذا قول من ذكرنا، ولم يصح عن غيرهم خلافه، فصار إجماعًا"(5).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "أجمع هؤلاء الفقهاء -أهل الفتوى بأمصار المسلمين- أنه لا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنى بها، إذا استبرأها"(6). ونقله عنه ابن حجر (7).
وقال أيضًا: "وقد اتفق هؤلاء الفقهاء كلهم على أنه لو زنى بها جاز له تزوجها، ولم
(1) سبق تخريجه.
(2)
"زاد المعاد"(5/ 155).
(3)
"عيون المجالس"(3/ 1047).
(4)
أخرجه ابن ماجه (2015)(1/ 632)، والدارقطني (3637)(3/ 188)، والبيهقي (7/ 169). وضعّفه الألباني. انظر: ضعيف سنن ابن ماجه (ص 154).
(5)
"الحاوي"(11/ 257 - 258).
(6)
"الاستذكار"(5/ 464).
(7)
"فتح الباري"(9/ 190).
تحرم عليه" (1).
4 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: ". . . إجماع العلماء على أنه لو زنى بها لم يحرم عليه تزويجها"(2). وقال أيضًا: "وهذا يقتضي أن المسافحات (3) لا يحل التزوج بهن؛ وذلك خلاف الإجماع"(4). وقال أيضًا: "إن متزوج الزانية التي قد زنت، ودخل بها، ولنم يستبرئها يكون بمنزلة الزاني، . . . وأما إذا عقد عليها، ولم يدخل بها، حتى يستبرئها فذلك جائز إجماعًا"(5).
5 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "ولو كان الحمل من الزنى؛ فالنكاح جائز عند الكل"(6).
6 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "أما لو كان الحبل منه جاز النكاح بالاتفاق"(7).
7 -
ابن نجيم (970 هـ) حيث قال: "أما تزوج الزاني لها فجائز اتفاقًا"(8).
8 -
الشوكاني (1250 هـ) حيث قال: ". . . إن البغايا حلال. . . وذلك مما لا خلاف فيه فيما أعلم، ولكن بعد مضي العدة المعتبرة شرعًا"(9).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على إباحة نكاح الزانية لمن زنى بها، أو غيره بعد استبرائها، هو قول أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وابن عباس، وجابر رضي الله عنهم، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، وعطاء، والحسن، وعكرمة، والزهري، والثوري (10).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24].
• وجه الدلالة: الآية عامة، فلم تفرق بين العفيفة والزانية، فيحل نكاحها عندئذٍ للزاني ولغيره (11).
(1)"الاستذكار"(5/ 473).
(2)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 177).
(3)
أي: الزانيات. انظر: "الجامع لأحكام القرآن"(5/ 112).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 112).
(5)
"الجامع لأحكام القرآن"(12/ 157).
(6)
"البناية شرح الهداية"(5/ 558 - 559).
(7)
"فتح القدير"(3/ 241).
(8)
"البحر الرائق"(3/ 114).
(9)
"نيل الأوطار"(6/ 285).
(10)
"الإشراف"(1/ 84).
(11)
"المغني"(9/ 565)، "البناية شرح الهداية"(4/ 559).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"طلقها"، قال: إني أحبها، قال:"فامسكها إذًا"(1)
• وجه الدلالة: في هذا الحديث دليل على تزويج الفاجرة التي عرفت بالزنى (2).
3 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحرّم الحرام الحلال"(3)
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن الحرام كالزنى ونحوه، لا يحرم الحلال الذي أباحه اللَّه كالنكاح ونحوه.
4 -
سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن رجل زنى بامرأة، ثم يريد أن يتزوجها، فقال: ما من توبة أفضل من أن يتزوجها، خرجا من سفاح إلى نكاح (4).
5 -
روي عن عمر رضي الله عنه أن رجلًا تزوج امرأة، وكان له ابن من غيرها، ولها بنت من غيره، ففجر الغلام بالجارية، وظهر بها حمل، فلما قدم عمر مكة رفع إليه، فسألهما فاعترفا، فجلدهما عمر الحد، وحرص أن يجمع بينهما، فأبى الغلام (5).
6 -
عن أبي الزبير المكي (6) أن رجلًا خطب إلى رجل أخته، فذكر أنها أحدثَت، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فضربه، أو كاد يضربه، ثم قال: ما لك وللخبر (7).
7 -
سئل ابن عباس: أيتزوج الزاني بالزانية؟ فقال: نعم، أرأيت لو سرق من كرم عنبًا ثم اشتراه، أيجوز؟ (8).
(1) أخرجه أبو داود (2049)(2/ 220)، والنسائي (3229) (6/ 50). قال ابن تيمية: حديث ضعيف، ضعّفه أحمد وغيره. لكن الألباني صححه.
انظر: "مختصر الفتاوى المصرية"(ص 454)، "صحيح سنن أبي داود"(2/ 386).
(2)
"شرح السنة"(5/ 207).
(3)
سبق تخريجه.
(4)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 155)، وعبد الرزاق (12795)(7/ 204)، وابن أبي شيبة (3/ 361).
(5)
أخرجه البيهقي (7/ 155)، وعبد الرزاق (12793)(7/ 203)، وابن أبي شيبة (3/ 361).
(6)
هو أبو الزبير محمد بن مسلم المكي، روى عن جابر، وابن عمر وابن عباس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، سئل الإمام أحمد عنه فقال: احتمله الناس، ليس به بأس. وسئل عنه يحيى بن معين فقال: ثقة.
انظر ترجمته في: "الجرح والتعديل"(8/ 74)، "المقتنى في سرد الكنى"(1/ 244).
(7)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 431).
(8)
أخرجه البيهقي (7/ 155)، وابن أبي شيبة (4/ 248).
• الخلاف في المسألة: أولًا: قال الإمام أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن (1)، والشافعية (2): يجوز للزاني وغيره أن ينكحها، وإن كانت حاملًا، فإن كان الحمل منه فلا يستبرئها، بل له أن يجامعها، وإن كان الحمل من غيره فلا يطأها حتى تضع.
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]
• وجه الدلالة: الآية عامة فلم تفرق بين العفيفة والزانية، فيحل نكاحها عندئذٍ للزاني ولغيره (3).
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحرّم الحرام الحلال"(4).
• وجه الدلالة: هذا نص، وهو منتشر بين الصحابة بالإجماع، فدل الحديث على أن الحرام كالزنى ونحوه، لا يحرّم الحلال الذي أباحه اللَّه كالنكاح ونحوه (5).
3 -
عن عائشة رضي الله عنها: قالت: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"(6).
• وجه الدلالة: حرمة ماء الرجل إذا كان حملًا ثابت النسب، ولا حرمة لماء الزنى، فلما لم يكن له حرمة جاز النكاح (7).
ثانيًا: ذهب الحنابلة (8)، وابن حزم (9)، إلى أنه لا يحل للزانية أن تتزوج حتى تتوب، وتنقضي عدتها. وهو قول قتادة، وأبي عبيد، وإسحاق (10).
• أدلة هذا القول:
1 -
قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} [النور: 3].
• وجه الدلالة: حرم اللَّه سبحانه وتعالى أن ينكح الزاني زانية، ولا يرتفع الحكم عنها إلا بالتوبة، فإذا تابت حل نكاحها، فإن هذا خبر، ومعناه النهي عن نكاح الزانية (11).
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 453)، "فتح القدير"(3/ 241)، "البناية شرح الهداية"(4/ 559).
(2)
"الحاوي"(11/ 257)، (261)، "التهذيب للبغوي"(5/ 334).
(3)
"المغني"(9/ 565)، "البناية شرح الهداية"(4/ 559).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
"الحاوي"(11/ 258).
(6)
أخرجه البخاري (4303)(5/ 113)، ومسلم (1457)، "شرح النووي"(10/ 32).
(7)
بدائع الصنائع" (3/ 453).
(8)
"الإنصاف"(8/ 132)، "كشاف القناع"(5/ 83).
(9)
"المحلى"(9/ 63).
(10)
"الإشراف"(1/ 84).
(11)
"المغني"(9/ 563)، "كشاف القناع"(5/ 83).
2 -
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أُتي بامرأة مُجِح على باب فسطاط، فقال:"لعله يريد أن يلم بها؟ "، فقالوا: نعم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه قبره، كيف يورِّثه وهو لا يحل له، كيف يستخدمه وهو لا يحل له"(1).
3 -
عن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر، أن يسقي ماءه زرع غيره"(2).
4 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة أوطاس، ونادى مناديه بذلك:"لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة"(3).
ثالثًا: ذهب علي، وعبد اللَّه بن مسعود، والبراء بن عازب (4)، وعائشة رضي الله عنهم، والحسن البصري، أنها لا تحل للزاني بحال، ولا يزالا زانيين ما اجتمعا (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)} [النور: 3]
• وجه الدلالة: ورد المنع في أول الآية، ثم ورد التحريم في آخرها، فلا يجوز خلافه عندئذٍ (6).
2 -
قالت عائشة رضي الله عنها: "لا نرى إلا زانيان ما اجتمعا"(7).
3 -
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه في الرجل يفجر بالمرأة، ثم يريد أن نكاحها، قال:"لا يزالان زانيين أبدًا"(8).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أنه يباح نكاح الزانية لمن زنى بها بعد
(1) سبق تخريجه.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
هو البراء بن عازب بن الحارث الأوسي الأنصاري، رده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر لصغره، ثم غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة غزوة، شارك في فتوح فارس، ، وشهد الجمل وصفين مع علي، سكن الكوفة، وبها مات سنة (72 هـ).
انظر ترجمته في: "الإصابة"(1/ 411)، "أسد الغابة"(1/ 362).
(5)
"الإشراف"(1/ 84)، "عيون المجالس"(3/ 1074)، "المغني"(9/ 564)، "الحاوي"(11/ 257)، "المحلى"(9/ 63).
(6)
"الحاوي"(11/ 257).
(7)
أخرجه عبد الرزاق (12801)(7/ 206)، وسعيد بن منصور (1/ 260).
(8)
أخرجه سعيد بن منصور (1/ 260).