الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الروم: 21]، بل قال بعض العلماء: ليس لنا عبادة شرعت منذ عهد آدم عليه السلام إلى الآن، ثم تستمر في الجنة إلا الإيمان والنكاح (1).
ولا يخفى ما للنكاح من أثر في بقاء النسل، ووجود الإنسان في الأرض؛ حتى تتحقق الغاية من وجوده؛ وهي عبادة اللَّه سبحانه وتعالى.
والنكاح شُرع لِحِكَم كثيرة أجلّ من أن توصف، وأشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر، ومع هذا لا بأس من ذكر بعضها، فمن ذلك (2):
1 -
أن اللَّه سبحانه وتعالى قدّر بقاء الناس إلى قيام الساعة، ولا يكون هذا البقاء إلا بالتناسل، وجرت سنة اللَّه في خلقه أن التناسل لا يكون إلا بين الذكور والإناث، فشرع الوطء؛ ولا يكون إلا بطريق النكاح.
2 -
لو لم يكن هناك نكاح بين الذكر والأنثى بالطريقة التي شرعها اللَّه سبحانه وتعالى لأدى ذلك إلى اشتباه الأنساب واختلاطها.
3 -
وقد يقول قائل: قد يبقى النوع الإنساني بدون النكاح المشروع.
فيجاب عن ذلك: إن هذا يؤدي إلى ضياع الأطفال؛ لأن الأم قد تعجز عن القيام بمهام أبنائها الذين هم من آباء شتى، وهذا يؤدي أيضًا إلى اختلاط الأنساب.
4 -
إخراج الماء الذي يضر احتباسه بالبدن، ونيل اللذة، وهذه الأخيرة هي التي تكون في الجنة؛ إذ لا تناسل هناك ولا احتباس.
5 -
أن كل عاقل يحب أن يبقى اسمه، ولا يُمحى رسمه، ولا يكون ذلك إلا ببقاء النسل الذي لا يكون إلا بالنكاح.
[2 - 2] وجوب النكاح عند خوف العنت:
إذا تاقت (3) النفس إلى النكاح، وخشي الإنسان على نفسه. . . . . . . . .
(1)"الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص 728)، و"الدر المختار"(4/ 57).
(2)
"المبسوط"(4/ 193)، و"أسنى المطالب"(3/ 98)، وانظر:"بدائع الفوائد" لابن القيم (3/ 680)، و"العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير"(3/ 185).
(3)
يقال: تاقت النفس إلى الشيء أي: مالت له ونزعت إليه. انظر: "لسان العرب"(10/ 33).
العنت (1)، وجب عليه أن يتزوج، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
يرى داود الظاهري (270 هـ) وجوب النكاح، واستدل له الماوردي بقوله:"إنه إجماع بقول صحابيين لم يظهر خلافهما"(2).
2 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن من تاقت نفسه إليه وخاف العنت، فإنه يتأكد في حقه"(3).
3 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "لا خلاف أن النكاح فرض حالة التوقان، حتى أن من تاقت نفسه إلى النساء بحيث لا يمكنه الصبر عنهن، وهو قادر على المهر والنفقة، ولم يتزوج؛ يأثم"(4).
4 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "وفي هذا الحديث (5) الأمر بالنكاح لمن استطاعه، وتاقت إليه نفسه، وهذا مجمع عليه"(6).
5 -
ابن الهمام (861) حيث قال: "أما في حالة التوقان فقال بعضهم: هو واجب بالإجماع"(7).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على وجوب النكاح إذا تاقت النفس إليه، وخشي العنت وافق عليه المالكية (8)، وابن حزم (9).
• مستند الإجماع: قوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجَاء"(10).
وغير ذلك من الأدلة التي سبق أن سيقت لإثبات مشروعية النكاح.
(1) العنت هو: الزنى، وقوله تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] أي: الفجور والزنى.
انظر: "تفسير ابن كثير"(1/ 478)، و"لسان العرب"(2/ 61).
(2)
"الحاوي"(11/ 49).
(3)
"الإفصاح"(11/ 49).
(4)
"بدائع الصنائع"(3/ 311).
(5)
أي: حديث: "يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج. . . " وهذا من الأدلة التي استند عليها العلماء في بيان حكم النكاح، وسيأتي بيان ذلك.
(6)
"شرح مسلم"(9/ 147).
(7)
"فتح القدير"(3/ 187).
(8)
"الذخيرة"(4/ 188)، و"الكافي" لابن عبد البر (ص 229).
(9)
"المحلى"(9/ 3).
(10)
سبق تخريجه قريبًا.