الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا، فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك، فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك، ويكون ولاؤك لي، فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل، ويكون لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ابتاعي، فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق"(1).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"(2).
3 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الولاء لُحْمَة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب"(3).
• وجه الدلالة من هذين الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح المرأة بغير إذن وليها، والمولى عصبة مولاته، يرثها ويعقل عنها عند عدم عصباتها، فلذلك يزوجها (4).
النتيجة:
صحة ما ذكر من الاتفاق على أن المولى المنعم بالعتق يكون وليًّا في عقد النكاح إذا لم يكن للمرأة المعتقة وليٌّ من عصبتها.
[21 - 41] إذا عضل الولي المرأة، لها أن ترفع أمرها للسلطان، ليزوجها:
المراد بعضل الولي: أن يمنع المرأة التي تحت ولايته من التزويج (5). فليس للولي أن يعضل من تحت ولايته من النساء، إذا دعت إلى كفء، وللمرأة أن ترفع أمرها إلى السلطان، إذا عضلها وليها، ليزوجها، ونُقل الإجماع على ذلك.
(1) أخرجه البخاري (456)(1/ 134)، ومسلم (1504)"شرح النووي"(10/ 114).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
أخرجه الدارمي (3155)(2/ 270)، وابن حبان في "صحيحه"(11/ 326)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 379)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
والبيهقي في "الكبرى"(6/ 240)، عن الحسن مرسلًا. قال: وروي عن ابن عمر موصولًا؛ وليس بصحيح، وقال الألباني روي عن ابن عمر مرفوعًا، وهو صحيح. انظر:"إرواء الغليل"(6/ 109).
(4)
"الحاوي"(11/ 135)، و"المغني"(9/ 360).
(5)
انظر: "طلبة الطلبة"(ص 93)، "تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 251).
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن للسلطان أن يزوج المرأة إذا أرادت النكاح، ودعت إلى كفء، وامتنع الولي أن يزوجها"(1).
2 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه ليس للولي عضل وليته، إذا دعت إلى كفء، وبصداق مثلها، وأنها ترفع أمرها إلى السلطان فيزوجها"(2).
3 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "لا نعلم خلافًا بين أهل العلم، في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم"(3). ونقله عنه ابن قاسم (4).
4 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "ولو امتنع العصبة كلهم، زوّج الحاكم بالاتفاق، وإذا أذن العصبة للحاكم، جاز باتفاق العلماء"(5). وقال أيضًا: "وليس للولي عضلها عن الكفء إذا طلبته، فإن عضلها وامتنع من تزويجها، زوجها الولي الآخر الأبعد، أو الحاكم بغير إذنه باتفاق"(6).
5 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن له (7) أن يزوجها إذا دعت إلى كفء، وامتنع الولي أن يزوجها"(8).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على منع الولي من عضل المرأة، وإن فعل فلها أن ترفع أمرها إلى السلطان ليزوجها، هو قول عثمان رضي الله عنه، وشريح، والنخعي، والثوري، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور (9)(10).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232].
• وجه الدلالة: في هذه الآية تحريم عضل النساء من
(1)"الإجماع"(ص 57).
(2)
"بداية المجتهد"(2/ 29).
(3)
"المغني"(9/ 360).
(4)
"حاشية الروض المربع"(6/ 269).
(5)
"مجموع الفتاوى"(32/ 33)، وانظر:(32/ 52 - 53).
(6)
مختصر الفتاوى المصرية (ص 423).
(7)
أي السلطان، كما يفهم من سياق الكلام قبله.
(8)
"عمدة القاري"(20/ 127).
(9)
هو أبو عبد اللَّه إبراهيم بن خالد الكلبي، وأبو ثور لقبه، أخذ الفقه عن الإمام الشافعي وغيره، قال عنه الإمام أحمد: هو أعرف بالسنة منذ خمسين سنة، كان يتفقه بالرأي، حتى قدم الشافعي بغداد، فأخذ عنه، ورجع إلى الحديث، توفي سنة (240 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الفقهاء"(ص 101)، طبقات ابن قاضي شهبة (1/ 55).
(10)
"الإشراف"(1/ 33).
قبل أوليائهن، لما فيه من الضرر عليهن، فلا يمنعهن الأولياء من نكاح أزواجهن إذا أردن العودة إليهم (1).
2 -
عن معقل بن يسار (2) رضي الله عنه قال: زوجت أختًا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وأفرشتك، وأكرمتك؛ فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا واللَّه لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل اللَّه هذه الآية {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} ، فقلت: الآن أفعل يا رسول اللَّه، قال: فزوجها إياه (3).
• وجه الدلالة: في هذا الحديث دليل على أن الولي إذا عضل لا يزوج السلطان إلا بعد أن يأمره بالرجوع عن العضل، فإن أجاب فذاك، فإن أصر، زوّجَ عليه الحاكم (4).
3 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"(5).
• وجه الدلالة: أن الولاية حق إن امتنع الولي عن أدائه قام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه، فيقضيه الحاكم من ماله (6).
• الخلاف في المسألة: يرى ابن نجيم، والحصكفي من الحنفية (7)، والحنابلة في الصحيح من المذهب (8)، أن الولي إذا عضل المرأة فإن الولاية تنتقل للولي الأبعد، ولا تنتقل للسلطان إلا إذا عضلها جميع الأولياء.
• دليل هذا القول: دليل هذا القول هو ما استدل به الجمهور؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له".
(1)"تفسير الطبري"(2/ 487).
(2)
هو معقل بن يسار بن عبد اللَّه المزني، أسلم قبل الحديبية، وشهد بيعة الرضوان، سكن البصرة، روى عنه عمران ابن حصين، والحسن البصري، وأبو عثمان النهدي، وآخرون، توفي في آخر خلافة معاوية، وقيل: عاش إلى خلافة يزيد. انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(5/ 224)، و"الإصابة"(6/ 146).
(3)
أخرجه البخاري (5130)(6/ 162).
(4)
"فتح الباري"(9/ 228).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"الحاوي"(11/ 156)، و"البيان"(9/ 175).
(7)
انظر: "البحر الرائق"(3/ 136)، و"الدر المختار" متن "حاشية ابن عابدين"(4/ 201).
(8)
"الإنصاف"(8/ 75)، و"المحرر"(2/ 37).