الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2 - 5] حكم خُطبة النكاح:
خطبة النكاح ليست واجبة، ونُفي الخلاف في ذلك.
• من نفى الخلاف:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "ولا أعلم أحدًا من أهل العلم أفسد نكاحًا ترك العاقد الخطبة عنده"(1).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "والخطبة غير واجبة عند أحد من أهل العلم علمناه"(2).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره ابن المنذر من الشافعية، وابن قدامة من الحنابلة من عدم العلم بالمخالف في أن خطبة النكاح غير واجبة -وافق عليه الحنفية (3)، والمالكية (4).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
قال اللَّه تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: 25].
• وجه الاستدلال: جعل اللَّه سبحانه وتعالى الإذن شرطًا دون الخطبة (5).
2 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج الواهبة لنفسها لخاطبها قال: "قد زوجتكها بما معك من القرآن"(6).
• وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد زوجه دون أن يخطب؛ مما يدل على أن خطبة النكاح ليست بواجبة (7).
3 -
يروى أن رجلًا من بني سليم خطب من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب، فأنكحها، ولم يخطب (8).
(1)"الإشراف"(1/ 21).
(2)
"المغني"(9/ 466).
(3)
"الدر المختار"(4/ 66)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 66).
(4)
"التاج والإكليل"(5/ 25)، و"القوانين الفقهية"(ص 193).
(5)
"الحاوي"(11/ 222).
(6)
أخرجه البخاري (5135)(6/ 164)، ومسلم (1425)، و"شرح النووي" (9/ 178). وقد ورد الحديث بلفظ:"ملكتكها بما معك من القرآن"، قال الدارقطني: وهو وهم، والصواب رواية:"زوجتكها"؛ لأن رواتها أكثر وأحفظ. قال النووي: ويحتمل صحة اللفظين. انظر: "شرح النووي على مسلم"(9/ 180).
(7)
"الحاوي"(11/ 222).
(8)
أخرجه أبو داود (2120)(2/ 239). قال ابن حجر: ذكره البخاري في "تاريخه"؛ وقال: إسناده مجهول.
انظر: "التلخيص الحبير"(3/ 152).
4 -
وروي أن الحسين بن علي (1) رضي الله عنهما زوَّج بعض بنات أخيه الحسن، وهو يتعرق (2) عظمًا (3)، أي: لم يخطب تشاغلًا به (4).
5 -
ويروى أن ابن عمر رضي الله عنهما زوج ابنته، فما زاد على أن قال: زوجتكها على ما أمر اللَّه تعالى به من إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان (5).
6 -
أن الخطبة لو وجبت في النكاح لبطل بتركها (6).
7 -
أن النكاح عقد، فلم تجب فيه الخطبة كسائر العقود (7).
• الخلاف في المسألة: ذهب داود إلى القول بوجوب خُطبة النكاح، وهو قول أبي عبيد (8).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21].
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خطب خطبة النكاح حين زوج، فيجب الاقتداء به؛ لأن أفعاله على الوجوب (9).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد اللَّه فهو أبتر"(10).
(1) هو أبو عبد اللَّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ابن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، سيد شباب أهل الجنة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج له أصحاب "السنن"، بقي في المدينة إلى أن مات معاوية، فكاتبه أهل العراق، فخرج إليهم، تلقاه جيش يزيد بن معاوية فقاتلوه، فقتل في كربلاء يوم عاشوراء سنة (61 هـ). انظر ترجمته في:"الإصابة"(2/ 67)، و"أسد الغابة"(2/ 24).
(2)
يقال: عرَقتَ العظم وتعرَّقتَه: إذا أخذت اللحم عنه بأسنانك نهشًا. انظر: "لسان العرب"(10/ 244).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(10451)(6/ 188).
(4)
"الحاوي"(11/ 222).
(5)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(10453)(6/ 189)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 463).
(6)
و (7)"الحاوي"(11/ 223).
(8)
هو أبو عبيد القاسم بن سلّام البغدادي، أحد أئمة الإسلام، فقهًا، ولغة، وأدبًا، أخذ العلم عن الشافعي، والقراءات عن الكسائي، قال عنه الإمام أحمد: أبو عبيد ممن يزداد كل يوم خيرًا. ولي قضاء طرسوس، توفي بمكة سنة (224 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة (1/ 67)، و"طبقات الفقهاء"(ص 76).
(9)
"عيون المجالس"(3/ 1077)، و"عمدة القاري"(16/ 328).
(10)
ورد الحديث بلفظ: "أبتر"، وبلفظ:"أقطع"، وبلفظ:"أجذم". =
• وجه الدلالة: أن النكاح أمر ذو بال، فيجب البدء بخطبة النكاح عند إرادته (1).
3 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم ما عقد لنفسه نكاحًا إلا بعد خطبة؛ فقد كان الخاطب في تزويجه خديجة عمه أبا طالب (2).
4 -
أن في الخطبة فرقًا بين ما يستر من الزنى، وما يعلن من النكاح، فكانت واجبة كالولي والشهود (3).
5 -
أنه عمل مقبول قد اتفق عليه أهل الأعصار في جميع الأمصار؛ فكان إجماعًا لا يسوغ خلافه (4).
النتيجة:
عدم صحة ما ذكر من عدم العلم بالمخالف أن خُطبة النكاح غير واجبة؛ لخلاف داود، وأبي عبيد، حيث يريان أنها واجبة.
= أخرجه أبو داود (4840)(4/ 261)، والنسائي في "الكبرى"(10331)(6/ 128)، عن الزهري مرسلًا، وابن ماجه (1894)(1/ 595).
قال أبو داود: رواه يونس، وعقيل، وشعيب، وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري مرسلًا. وقال الدارقطني: تفرد به قرّة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ وأرسله غيره عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقرّة ليس بقوي في الحديث. ورواه صدقة عن محمد بن سعيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح الحديث. وصدقة ومحمد بن سعيد ضعيفان. والمرسل هو الصواب. انظر:"سنن الدارقطني"(1/ 235).
(1)
"عيون المجالس"(3/ 1079).
(2)
قيل: إن من ذهب معه صلى الله عليه وسلم هو عمه حمزة بن عبد المطلب. انظر: "السيرة النبوية " لابن هشام (1/ 190)، "أسد الغابة"(7/ 87). وفي "الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام" للسهيلي، و"المواهب اللدنية" للقسطلاني في شرح السيرة أيضًا: أن أبا طالب هو الذي نهض مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي خطب خطبة النكاح، فكان مما قاله في هذه الخطبة: الحمد للَّه الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتًا محجوبًا، وحرمًا آمنًا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد اللَّه لا يوزن برجل إلا رجح به، شرفًا ونبلًا وعقلًا وفضلًا، وإن كان في المال قل، فإن المال ظل زائل، وعارية مسترجعة، ومحمد ممن قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا، وهو - واللَّه - بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل.
انظر: "الروض الأنف"(2/ 213)، و"المواهب اللدنية"(1/ 192).
(3)
و (4)"الحاوي"(11/ 222).