الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامره وغلبه، أو من تناكح الأشجار: إذا انضم بعضها إلى بعض (1).
• يقال: نكحتَ البُر في الأرض إذا حرثتها وبذرته فيها، ونكحَتْ الحصى أخفاف الإبل: إذا دخلت فيها، ونكح المطر الأرض: إذا خالط ترابها، ونكح النعاس عينه: إذا غلب عليها (2).
• وعليه: يكون النكاح في اللغة بمعنى: الإبضاع، والتزويج، والضم، وكلها تعود لأصل واحد؛ لأن الإبضاع لا يكون إلا بتزويج وضم.
المطلب الثاني: تعريف النكاح في الاصطلاح:
1 -
عرّفه ابن الهمام من الحنفية بأنه: عقد وضع لتملك المتعة بالأنثى قصدًا (3).
وقد يعترض على هذا التعريف بأن الاستمتاع يقع من جهة الزوجة أيضًا، مع أنه لا ملك لها.
2 -
وعرّفه الدردير (4) من المالكية بأنه: عقد لحل تمتع بأنثى، غير محرم ومجوسية وأمة كتابية، بصيغة، لقادر محتاج، أو راجٍ نسلا (5).
وقد يعترض على هذا التعريف أيضًا بما اعترض على سابقه، وأن النكاح مندوب إليه لصيانة النفس وإعفافها، ولو لم يحصل الولد.
3 -
وعرّفه زكريا الأنصاري (6) من الشافعية بأنه: عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ
(1)"المصباح المنير"(2/ 295 - 296)، و"تاج العروس"(7/ 196).
(2)
"لسان العرب"(2/ 625 - 626)، و"تهذيب اللغة"(4/ 102)، و"القاموس المحيط"(ص 314).
(3)
"فتح القدير"(3/ 185)، وانظر:"الدر المختار مع حاشية ابن عابدين عليه"(4/ 59)، و"اللباب شرح الكتاب"(2/ 140)، و"التعريفات" للجرجاني (ص 315).
(4)
هو أحمد بن محمد العدوي، الشهير بالدردير، من فقهاء المالكية، ولد سنة (1127 هـ)، وتعلم بالأزهر، ألف في المذهب؛ مثل:"أقرب المسالك لمذهب مالك"، و"منح القدير شرح مختصر خليل"، و"تحفة الإخوان في علم البيان"، توفي بالقاهرة سنة (1201 هـ). انظر في ترجمته:"شجرة النور الزكية"(1/ (516)، و"تاريخ الجبرتي"(2/ 147).
(5)
"بلغة السالك"(2/ 212).
(6)
هو أبو يحيى شيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري، جدّ في طلب العلم؛ فأخذ عن جماعة من أشهر علماء عصره، ولي القضاء بعد امتناع، وصنف التصانيف النافعة؛ منها:"فتح الوهاب"، و"شرح بهجة الحاوي لابن الوردي"، عُمِّر طويلا، توفي سنة (925 هـ). انظر في ترجمته:"شذرات الذهب"(8/ 134)، =
إنكاح، أو نحوه (1).
ويعترض على هذا التعريف بأن العقد يباح به ما هو أعم من الوطء، فلو عبر بالاستمتاع لكان أولى؛ لدخول الوطء ومقدماته في الاستمتاع.
4 -
وعرّفه المرداوي من الحنابلة بأنه: عقد التزويج، فهو حقيقة في العقد، مجاز في الوطء (2).
ويعترض على هذا التعريف بأن فيه دورًا؛ فقد عرّف الشيء بنفسه، وهذا عيب في التعريف.
5 -
وعرّفه الشوكاني بأنه: عقد بين الزوجين يحل به الوطء (3).
ويعترض على هذا التعريف بما اعترض به على تعريف الشافعية.
6 -
وعرّفه من المعاصرين الدكتور بدران أبو العينين بأنه: عقد وضعه الشارع يفيد حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر على الوجه المشروع، وعلى سبيل القصد (4).
وقيده بالقصد هنا -كما هو الحال عند الحنفية- حتى يخرج العقد الذي يفيد حل الاستمتاع ضمنًا، الذي يثبت بملك اليمين الثابت بالشراء أو الهبة، فإنه يحل لمالك الجارية الاستمتاع بها، ولا تسمى زوجة.
ويؤخذ على هذا التعريف: أن الوجه المشروع لا يكون إلا باعتبار وضع الشارع، كما ذكر في أول التعريف، فالأولى الاستغناء عن هذه العبارة.
7 -
وعرّفه الشيخ صالح الفوزان بأنه: عقد شرعي يقتضي حل استمتاع كل من الزوجين بالآخر (5).
8 -
وعرّفه الدكتور قلعه جي بأنه: عقد يحل به استمتاع كل من الزوجين بالآخر (6).
والمتأمل للتعريفين الأخيرين يدرك أنه لا فرق بينهما.
• وبعد عرض تعريفات الفقهاء للنكاح، والنظر فيما يمكن أن يؤخذ على كل منها،
= و"البدر الطالع"(1/ 176).
(1)
"فتح الوهاب"(2/ 39).
(2)
"الإنصاف"(8/ 4).
(3)
"نيل الأوطار"(6/ 211).
(4)
"الزواج والطلاق في الإسلام"(ص 9).
(5)
"الملخص الفقهي"(2/ 323).
(6)
"معجم لغة الفقهاء"(ص 487).
يمكن الخروج بتعريف يشمل ما ذكر في التعريفين الأخيرين: (عقد شرعي يحل به استمتاع كل من الزوجين بالآخر).
• شرح التعريف: "عقد": جنس في التعريف يشمل عقد النكاح وغيره، وينصرف إلى النكاح باعتبار ما سيأتي من ألفاظ في بقية التعريف، ويشمل عقد النكاح ألفاظ التزويج المعتبرة عند أهل العلم، والمذكورة في تعريف الشافعية.
"شرعي": قيد في التعريف يخرج به كل عقد غير معتبر شرعًا، كنكاح المتعة مثلًا، أو ما يفعله بعض الجهّال من كتابة ورقة بين الرجل والمرأة واعتبارها عقدًا شرعيًا، ويسمونه نكاحًا عرفيًّا.
"يحل به": قيد يخرج به كل عقد لا يحل به النكاح، وهذا يعني أيضًا أنه بهذا العقد أصبح النكاح مباحًا بعد أن كان محظورًا، إذ إن الأصل في الأبضاع التحريم (1).
"استمتاع": كلمة في التعريف أشمل من كلمة الوطء الواردة في التعريفات السابقة، لأن الاستمتاع يشمل الوطء ومقدماته.
"كل من الزوجين بالآخر": قيد يخرج به كل استمتاع بين رجل وامرأة ليسا بزوجين. ويخرج به أيضًا كل استمتاع يقع بين الرجل وجاريته؛ فإنها لا تسمى زوجة، ولا يحصل بوطئها إحصان (2).
* * *
(1)"الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص 135)، و"الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص 67).
(2)
قال ابن قدامة: ولا خلاف بين أهل العلم في أن الزنى، ووطء الشبهة، لا يصير به الواطئ محصنًا، ولا نعلم خلافًا في أن التسري لا يحصل به الإحصان لواحد منهما؛ لكونه ليس بنكاح، ولا تثبت فيه أحكامه. انظر:"المغني"(12/ 315).