الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[21 - 196] صريح الطلاق يلزم نواه المطلِّق، أم لم ينوه:
ثبت في المسألة السابقة الإجماع على أن اللفظ الصريح في الطلاق هو الطلاق وما تصرّف منه، وعلى هذا إذا طلَّق الرجل امرأته باللفظ الصريح وما تصرّف منه فإن طلاقه يقع، سواء نواه أم لم ينوِه، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الخطابي (388 هـ) حيث قال: "اتفق أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول: كنت لاعبًا أو هازلًا، أو لم أنوِ به طلاقًا"(1). ونقله عنه الشربيني (2).
2 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "أجمع المسلمون على أن الطلاق يقع إذا كان بنية، وبلفظ صريح"(3).
3 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك"(4).
4 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "ولا يفتقر إلى النية؛ لأنه صريح فيه لغلبة الاستعمال على الطلاق، . . . وهذا بإجماع الفقهاء"(5).
5 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "وأما كونه لا يفتقر إلى النية فنقل فيه إجماع الفقهاء"(6).
6 -
ابن مفلح (884 هـ) حيث قال: "فمتى أتى بصريح الطلاق وقع، نواه أو لم ينوه، بغير خلاف"(7).
7 -
ابن نجيم (970 هـ) حيث قال: ". . . عدم توقفه على النية، ونقل فيه الإجماع"(8).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن لفظ "الطلاق" لفظ صريح يدل على الطلاق بلا نية وافق عليه ابن حزم (9).
(1)"معالم السنن"(3/ 210).
(2)
"مغني المحتاج"(4/ 456).
(3)
"بداية المجتهد"(2/ 126).
(4)
"المغني"(10/ 372).
(5)
"البناية شرح الهداية"(5/ 306).
(6)
"فتح القدير"(4/ 4).
(7)
"المبدع"(6/ 310).
(8)
"البحر الرائق"(3/ 276).
(9)
"المحلى"(9/ 436).
• مستند الإجماع:
1 -
أن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما لما طلق امرأته في حال الحيض، أمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يراجعها (1)، ولم يسأله هل نوى الطلاق أم لم ينوِ، ولو كانت النية شرطًا لسأله، ولا مراجعة إلا بعد وقوع الطلاق، فدل على وقوع الطلاق من غير نية (2).
2 -
أن ما يعتبر له القول يكتفى فيه به، من غير نية، إذا كان صريحًا فيه كالبيع (3).
3 -
أن القصد من النية هو تعيين المبهم، ولا إبهام في الطلاق إذا أتى بلفظه الصريح (4).
• الخلاف في المسألة: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه (5)، وداود (6) إلى أن الطلاق الصريح لا يقع إلا بنية، وزاد الإمام أحمد: أو قرينة غضب، أو سؤال المرأة الطلاق (7).
• دليل هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: الآية 5].
2 -
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"(8).
• وجه الدلالة من النصين السابقين: دل النصّان على أنه لا عمل إلا بنية، وأن الإنسان غير مؤاخذ بما لم ينوِ، وأن العمل إذا لم يقترن بالنية فهو غير مقبول (9).
3 -
رُفع لعمر بن الخطاب أن امرأة قالت لزوجها: سَمِّني، فسماها الظبية، فقالت: ما قلت شيئًا، قال: فهات ما أسميك به، قالت: سمني خلية طالقًا، قال: أنت خلية طالق، فأتت عمر بن الخطاب فقالت: إن زوجي طلقني، فجاء زوجها فقص عليه القصة، فأوجع عمر رأسها، وقال لزوجها: خذ بيدها وأوجع رأسها (10).
(1) سبق تخريجه.
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 222).
(3)
"المغني"(10/ 373).
(4)
"بدائع الصنائع"(4/ 222).
(5)
"الإنصاف"(8/ 465)، "الفروع"(5/ 379).
(6)
"البناية شرح الهداية"(5/ 306).
(7)
"الإنصاف"(8/ 465)، "الفروع"(5/ 379).
(8)
سبق تخريجه.
(9)
"المحلى"(9/ 459).
(10)
أخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث"(3/ 379)، وابن حزم في "المحلى"(9/ 460).