الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[6 - 181] الطلاق في الحيض لازم لمن أوقعه:
سبق القول في المسألة السابقة أن الطلاق في الحيض بدعي مُحرّم، وتحقق الإجماع على ذلك، فإذا طلق الرجل زوجته في الحيض، فإن طلاقه يقع ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وممن مذهبه أن الحائض يقع بها الطلاق. . . كل من نحفظ عنه من أهل العلم، إلا ناسًا من أهل البدع لا يقتدى بهم"(1).
2 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "الطلاق يقع في الحيض، ثلاثًا كان أو أقل، وهو مذهب الفقهاء بأسرهم"(2).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "الطلاق في الحيض لازم لمن أوقعه، وعلى هذا جماعة فقهاء الأمصار، وجمهور علماء المسلمين، وإن كان عند جميعهم في الحيض بدعة غير سنة، فهو لازم عند جميعهم، ولا مخالف في ذلك إلا أهل البدع"(3).
4 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن الطلاق في الحيض لمدخول بها، والطهر المجامع فيه محرم، إلا أنه يقع"(4). ونقله عنه ابن قاسم (5).
5 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض. . .، فلو طلقها أثِمَ، ووقع طلاقه"(6).
6 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "إذا طُلِّقت المرأة، وهي حائض، يعتبر ذلك الطلاق، وعليه أجمع أئمة الفتوى من التابعين وغيرهم"(7).
وقال أيضًا: "وإذا طلق الرجل امرأته في حال الحيض وقع الطلاق، ويأثم بإجماع الفقهاء"(8).
(1)"الإشراف"(1/ 143).
(2)
"عيون المجالس"(3/ 1213).
(3)
"التمهيد"(15/ 58 - 59).
(4)
"الإفصاح"(2/ 121).
(5)
"حاشية الروض المربع"(6/ 496).
(6)
"شرح مسلم"(10/ 52).
(7)
"عمدة القاري"(20/ 227).
(8)
"البناية شرح الهداية"(5/ 292).
7 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "واتفقوا على تحريم الطلاق في الحيض لمدخول بها، أو في طهر جامع فيه، إلا أنه يقع، مع النهي عن ذلك"(1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الطلاق في الحيض لازم لمن أوقعه، هو قول الحسن البصري، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأبي ثور (2).
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن سيرين قال: سمعت ابن عمر قال: طلق ابن عمر امرأته، وهي حائض، فذكر عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"ليراجعها"، قلت: أتحتسب؟ قال: "فمه؟ "(3).
2 -
عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: حسبت عليّ بتطليقة (4).
3 -
عن نافع أن ابن عمر طلق امرأته، وهي حائض، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يرجعها، ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر اللَّه أن يطلق لها النساء. فكان ابن عمر إذا سئل عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض، يقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمره أن يرجعها، ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها (5).
• وجه الدلالة: دلت الأحاديث السابقة على وقوع الطلاق في الحيض، وأن ابن عمر قد اعتد بتلك الطلقة التي طلق زوجته فيها وهي حائض، ولما أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن عمر بالمراجعة، دل على اعتبار الطلاق فى الحيض؛ لأن المراجعة لا تكون إلا بعد طلاق (6).
• الخلاف في المسألة: يرى طائفة من أصحاب الإمام أحمد (7)، وإليه ذهب ابن
(1)"ميزان الأمة"(3/ 210).
(2)
"الإشراف"(1/ 143).
(3)
أخرجه البخاري (5252)(6/ 199)، ومسلم (1471)"شرح النووي"(10/ 57).
(4)
أخرجه البخاري (5253)(6/ 199).
(5)
أخرجه مسلم (1471)"شرح النووي"(10/ 55).
(6)
"الاستذكار"(6/ 142)، "الحاوي"(12/ 386)، "كشاف القناع"(5/ 240).
(7)
"الإنصاف"(8/ 448)، "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان"(ص 36).
تيمية، وابن القيم (1)، وداود (2)، وابن حزم (3)، أن الطلاق في الحيض لا يقع. وهو قول سعيد بن المسيب، وطاوس، وخلاس بن عمرو، وأبي قلابة، وإبراهيم بن إسماعيل بن علية (4)، وهشام بن الحكم (5)، وهو قول الشيعة والخوارج (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق: الآية 1].
• وجه الدلالة: الوطء في الحيض حرام، والعدة لا تكون إلا من طلاق موطوءة، فلا يستقيم تحريم الوطء في الحيض، ثم إباحة الطلاق فيه (7).
2 -
عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة سأل ابن عمر قال: كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضًا؟ قال: طلق عبد اللَّه بن عمر امرأته، وهي حائض، على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن عبد اللَّه بن عمر طلق امرأته وهي حائض، قال عبد اللَّه: فردها عليّ، ولم يرها شيئًا، وقال:"إذا طهرت؛ فليطلق أو ليمسك"(8).
(1) انظر: "مجموع الفتاوى"(33/ 71)، "زاد المعاد"(5/ 221 - 241)، "الإنصاف"(8/ 448).
(2)
"عيون المجالس"(3/ 1213).
(3)
"المحلى"(9/ 363).
(4)
هو أبو كامل إبراهيم بن إسماعيل بن مقسم ابن علية، كان جهميًّا يقول بخلق القرآن، له شذوذ كثير، ومذهبه مهجور عند أهل السنة والجماعة، له مناظرات مع الشافعي، توفي سنة (220 هـ).
قال الشافعي في حقه: إبراهيم ضال، جلس على باب الضوال يضل الناس، وكان بمصر، وله مسائل ينفرد بها، وكان من فقهاء المعتزلة، وقد غلط من قال فيه: أن المنقول عنه المسائل الشاذة أبوه، وحاشاه، فإنه من كبار أهل السنة. انظر ترجمته في:"ميزان الاعتدال"(1/ 20)، "لسان الميزان الأمة"(1/ 130)، "فتح الباري"(9/ 427).
(5)
هو أبو محمد هشام بن الحكم، مولى بني شيبان، الكوفي، تحول إلى بغداد، وانقطع إلى يحيى بن خالد البرمكي، كان من أصحاب جعفر الصادق، توفي بعد نكبة البرامكة بمدة مستترًا، وذلك نحو سنة (190 هـ). انظر ترجمته في:"الفهرست" لابن النديم (ص 217).
(6)
"إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان"(ص 36)، "الاستذكار"(6/ 142)، "بدائع الصنائع"(4/ 206)، "فتح الباري"(9/ 427)، "شرح مسلم" للنووي (10/ 52).
(7)
"المحلى"(9/ 366)، "الحاوي"(12/ 386).
(8)
أخرجه أبو داود (2185)(2/ 256)، والنسائي (3392) (6/ 102). قال أبو داود: والأحاديث كلها على خلاف ما قاله أبو الزبير.