الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام، ولم تسلم زوجاتهم.
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع في أن إسلام أحد الزوجين قبل صاحبه قبل الدخول، يوجب الفرقة مباشرة بمجرد إسلام أحدهما؛ وذلك لوجود خلاف عن الحنفية؛ بعرض الإسلام على المتخلف منهما، إن كانا في أرض الإسلام، أو انتهاء عدة المرأة إن كانا في دار الحرب، وخلاف المالكية إن أسلمت المرأة قبل الرجل، عرض عليه الإسلام، وإن سبق إسلام الرجل، وقعت الفرقة مباشرة.
[5 - 109] إسلام أحد الزوجين بعد الدخول:
إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين، وكان إسلام أحدهما بعد الدخول، وتخلف الآخر عن الإسلام حتى انقضت عدة المرأة، فإن النكاح يفسخ، وهذا عندما تكون المرأة غير كتابية، ونفي الخلاف في ذلك بين أهل العلم.
• من نفى الخلاف:
1 -
الشافعي (204 هـ) حيث قال: "ولم أعلم مخالفًا في أن المتخلف عن الإسلام منهما إذا انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم انقطعت العصمة بينهما"(1).
2 -
الترمذي (279 هـ) حيث قال: "والعمل على هذا الحديث (2) عند أهل العلم أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها، ثم أسلم زوجها وهي في العدة، أن زوجها أحق بها ما كانت في العدة"(3).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "ولا خلاف بين العلماء في الكافرة تسلم، ويأبى زوجها من الإسلام حتى تنقضي عدتها، أنه لا سبيل له عليها إلا بنكاح جديد"(4). وقال أيضًا: "لم يختلف العلماء أن الكافرة إذا أسلمت، ثم انقضت عدتها، أنه لا سبيل لزوجها إليها إذا كان لم يسلم في عدتها"(5)، ونقله عنه ابن قدامة (6).
(1)"الأم"(5/ 71).
(2)
أي حديث: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ردَّ زينب ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد. وسيأتي تخريجه.
(3)
"سنن الترمذي"(2/ 376).
(4)
"الاستذكار"(5/ 521).
(5)
"التمهيد"(12/ 23).
(6)
"المغني"(10/ 10).
4 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن إسلامها حتى انقضت عدتها"(1).
5 -
الصنعاني (1182 هـ) فذكره بنحو ما قال ابن حجر (2).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره الجمهور من أنه لا خلاف في أن أحد الزوجين الكافرين، إذا أسلم، وكان إسلام أحدهما بعد الدخول، وتخلف الآخر عن الإسلام حتى انقضت عدة المرأة، فإن النكاح يفسخ -وافق عليه الحنفية (3)، والحنابلة في المذهب (4)، وابن حزم (5). وهو قول الزهري، وإسحاق (6).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
• وجه الدلالة: دلت الآية على أن المسلمة لا تحل لكافر، وأنه يفرق بين المسلمة وزوجها الكافر لاختلاف الدين.
2 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ردَّ ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد (7).
(1)"فتح الباري"(9/ 509).
(2)
"سبل السلام"(3/ 257).
(3)
"بدائع الصنائع"(3/ 618)، "البحر الرائق"(3/ 226).
(4)
"الإنصاف"(8/ 213)، "المحرر"(2/ 63).
(5)
"المحلى"(5/ 368).
(6)
"الإشراف"(1/ 189).
(7)
أخرجه الترمذي (1145)(2/ 375)، وابن ماجه (2010) (1/ 630). قال الترمذي: هذا حديث في إسناده مقال، والعمل عليه عند أهل العلم. وأخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول، ولم يحدث نكاحًا. قال الترمذي: قال يزيد بن هارون: حديث ابن عباس أجود إسنادًا، والعمل على حديث عمرو بن شعيب.
قال الألباني: حديث عمرو بن شعيب ضعيف، وعلته الحجاج هذا، وهو ابن أرطاة، فقد كان مدلسا، وقال عبد اللَّه بن أحمد عقب الحديث:"قال أبي: هذا حديث ضعيف، أو قال: واه ولم يسمعه الحجاج من عمرو ابن شعيب، إنما سمعه من محمد بن عبيد اللَّه العرزمي؛ لا يساوي حديثه شيئا، والحديث الصحيح الذي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على النكاح الأول". انظر: "سنن الترمذي"(2/ 376)، "إرواء الغليل"(6/ 341).
3 -
أن عاتكة بنت الوليد بن المغيرة كانت تحت صفوان بن أمية، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمرًا، وإلّا سيّره شهرين، فشهد صفوان حنينًا (1) والطائف، وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته، فلما أسلم استقرت عنده امرأته بذلك النكاح (2).
4 -
أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل، فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة إلى اليمن، فلحقت أم حكيم به، فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فلما رآه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحًا، وما عليه رداء، حتى بايعه، وثبت عكرمة وأم حكيم على نكاحهما (3).
5 -
أن أبا سفيان بن حرب أسلم بمر الظهران (4)، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ظاهر عليها، فكانت بظهوره وإسلام أهلها دار إسلام، وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة، ومكة يومئذٍ دار حرب، ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام، فأخذت بلحيته، وقالت: اقتلوا الشيخ الضال، فأقامت أيامًا قبل أن تسلم، ثم أسلمت، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وثبتا على النكاح (5).
• وجه الدلالة: دلت الأحاديث على أن المرأة إذا أسلمت، ولم يسلم زوجها في عدتها، أن نكاحهما مفسوخ، ولا يرجع إليها إذا أسلم، وقد انتهت عدة المرأة، إلا بمهر جديد، وعقد جديد.
(1) وادٍ بين مكة والطائف، أقرب إلى مكة، وقعت فيه الوقعة المشهورة بين المسلمين والمشركين. انظر:"معجم البلدان"(2/ 359).
(2)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 428 - 429). قال ابن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم، وكذلك الشعبي، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء اللَّه. وقال الألباني: هذا إسناد مرسل أو معضل. انظر: "التمهيد"(12/ 17)، "إرواء الغليل":(6/ 337).
(3)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 429).
(4)
الظهران: وادٍ قرب مكة، وعنده قرية يقال لها: مَرّ تضاف إلى هذا الوادي، فيقال: مَرّ الظهران. انظر: "معجم البلدان"(4/ 71).
(5)
أخرجه الشافعي في "الأم"(5/ 71)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 186).
• الخلاف في المسألة: سبق بيان الخلاف في إسلام أحد الزوجين الكافرين قبل الدخول، وأن هناك من رأى أن الفرقة تقع حالًا، ومنهم من قال: يعرض الإسلام على المتخلف عن الإسلام، فإن أسلم، وإلا فُرِّق بينهما، ومنهم من فرق بين إسلام المرأة فيما إذا سبق إسلام الزوج أو العكس.
أما في هذه المسألة فهي تتعلق بإسلام أحد الزوجين بعد الدخول، فإذا أسلم أحد الزوجين وبقى الآخر على الكفر حتى انتهت عدة المرأة فهل يفرق بينهما بمجرد انتهاء العدة أم لا؟
وقع الخلاف على أقوال:
• القول الأول: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أن الفرقة تتعجل بإسلام أحدهما بعد الدخول، كما هو الحال قبل الدخول (1).
• القول الثاني: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أنه إن كانت المرأة كتابية، وأسلمت قبل زوجها بعد الدخول؛ فينتظر حتى انتهاء العدة، وإن كانت غير كتابية، انفسخ النكاح في الحال (2).
• القول الثالث: ذهب علي رضي الله عنه، وإبراهيم النخعي، وبه أفتى حماد بن أبي سليمان (3)، وهو اختيار ابن تيمية، وابن القيم (4)، أن المرأة ترد إلى زوجها، وإن طالت المدة، ما لم تنكح غيره.
• أدلة هذا القول:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ردّ النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول، ولم يحدث نكاحًا. قال أبو داود: قال محمد بن عمرو في حديثه: بعد ست سنين، وقال الحسن بن علي: بعد سنتين (5).
(1)"الإنصاف"(8/ 213)، "المحرر"(2/ 63).
(2)
"الإنصاف"(8/ 213)، "المحرر"(2/ 63).
(3)
"المغني"(10/ 10)، "التمهيد"(12/ 23)، "زاد المعاد"(5/ 137)، "فتح الباري"(5/ 509).
(4)
"زاد المعاد"(5/ 137)، "الإنصاف"(8/ 213).
(5)
أخرجه أبو داود (2240)(2/ 272)، والترمذي (1146)(2/ 376)، وابن ماجه (2009)(1/ 630).
قال الترمذي: هذا حديث ليس بإسناده بأس، لكن لا نعرف وجه هذا الحديث، ولعله قد جاء هذا من قبل داود ابن حصين، من قبل حفظه. =