الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفسها أو اختارت زوجها، أو خيرها في الطلاق ألف مرة، فليس ذلك بشيء (1).
• دليل هذا القول: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)} [الأحزاب: الآية 28].
• وجه الدلالة: نص اللَّه سبحانه وتعالى أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم إن أردن الدنيا، ولم يردن الآخرة، فإنهن يطلقن حينئذٍ من قبله صلى الله عليه وسلم مختارًا لذلك (2).
النتيجة:
أولًا: عدم صحة ما ذكر من أنه لا خلاف في أن من جعل أمر امرأته بيدها لمدة يوم أو أكثر فلها ذلك؛ لخلاف ابن حزم الذي لا يرى التخيير أصلًا.
ثانيًا: يمكن حمل نفي الخلاف على أنه لا خلاف بين المذاهب الأربعة في هذه المسألة.
[45 - 220] تعليق الطلاق بالزمن المستقبل يقع:
إذا علق الزوج طلاق امرأته على زمنٍ مستقبل، كان يقول: أنت طالق غدًا، أو يقول: أنت طالق اليوم، أو أنت طالق إذا جاء الشهر، وهكذا. . . فقد نقل الاتفاق عدد من الفقهاء على أنه يقع الطلاق في الزمن الذي حدده.
• من نقل الاتفاق:
1 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: ". . . أن يقول: إن قدم زيد فأنت طالق، فلا يقع الطلاق قبل وجود الصفة، سواء بصفة مضافة إليها بدخول الدار، أو مضافة إلى غيرها كقدوم زيد، وهذا متفق عليه"(3).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن الطلاق إلى أجل أو بصفة واقع إن وافق وقت الطلاق، . . . واتفقوا أنه إذا كان الأجل في وقت الطلاق أن الطلاق قد وقع"(4).
3 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "وأما تعليق الطلاق بالأفعال المستقبلية: فإن الأفعال التي تعلق بها توجد على ثلاثة أضرب: أحدها: ما يمكن أن يقع أو لا يقع، كدخول الدار، وقدوم زيد، فهذا يقف وقوع الطلاق فيه على وجود الشرط بلا
(1)"المحلى"(9/ 291).
(2)
"المحلى"(9/ 300).
(3)
"الحاوي"(13/ 54).
(4)
"مراتب الإجماع"(ص 129).
خلاف" (1).
4 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "لو قال: أنت طالق إن قدم زيد، فإنها لا تطلق قبل قدومه؛ بالاتفاق"(2).
وقال أيضًا: "أنت طالق في النهار، فإن كانت في النهار طلقت، وإن كانت في الليل طلقت إذا جاء النهار، وهذا كله مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، ولا أعلم فيه مخالفًا"(3).
وقال أيضًا: "أن يقول: أنت طالق، ثم يصله بشرط أو صفة؛ مثل قوله: إن دخلت الدار، أو بعد شهر، أو قال: إن دخلت الدار بعد شهر؛ فهذا يصح إذا كان نطقًا بغير خلاف"(4).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على أن من علق طلاق امرأته بالزمن المستقبل، فإنه يقع عند وجود ما علق عليه وافق عليه الحنفية (5). وهو قول ابن عباس، وعطاء، وجابر بن زيد، والنخعي، والثوري، وإسحاق، وأبي عبيد (6).
• مستند الاتفاق:
1 -
أن الطلاق معلق بشرط لا يتحقق إلا في الزمن المستقبل، فإذا تحقق الشرط، وقع الطلاق (7).
2 -
أن قول المطلِّق: أنت طالق إذا قدم زيد، أو إذا جاء الغد، يقع؛ لأن "إذا" اسم زمن مستقبل معناه: أنت طالق غدًا وقت قدوم زيد، وإن لم يقدم زيد في غدٍ لم تطلق (8).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الإمام مالك إلى أن الطلاق إذا علق بالزمن المستقبل فإنه يقع في الحال، سواء قال: أنت طالق غدًا، أو قال: بعد شهر، أو قال: اليوم، فتطلق في الحال (9). وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن، والزهري، ويحيى
(1)"بداية المجتهد"(2/ 134).
(2)
"المغني"(10/ 416).
(3)
"المغني"(10/ 336).
(4)
"المغني"(10/ 402).
(5)
"الهداية"(1/ 255)، "فتح القدير"(4/ 26).
(6)
"المحلى"(9/ 479 - 480)، "المغني"(10/ 410).
(7)
"الحاوي"(13/ 54).
(8)
"المغني"(10/ 415).
(9)
"الكافي" لابن عبد البر (ص 266)، "القوانين الفقهية"(ص 233).
ابن سعيد الأنصاري، وربيعة، والليث (1).
• دليل هذا القول: تعليق الطلاق بالأجل، كالوطء إلى أجل، وهو نكاح المتعة، فلما كان نكاح المتعة باطلًا؛ لأنه إلى أجل كان الطلاق إلى أجل باطلًا أيضًا، فيقع على الفور (2).
ثانيًا: يرى ابن حزم أنه لا يقع بذلك طلاق أبدًا، سواء قال: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق، أو ذكر وقتًا ما، فلا تكون طالقًا بذلك، لا الآن، ولا إذا جاء رأس الشهر (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
لم يأت قرآن ولا سنة بوقوع الطلاق بذلك، وقد علّمنا اللَّه الطلاق على المدخول بها، وغير المدخول بها، وليس هذا فيما علّمناه، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: الآية 1] (4).
2 -
كل طلاق لا يقع حين إيقاعه، فمن المحال أن يقع بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه (5).
النتيجة:
أولًا: عدم صحة ما ذكر من الاتفاق على أن تعليق الطلاق على زمن مستقبل أنه يقع إذا تحقق ما علق عليه؛ لما يأتي:
1 -
خلاف عن الإمام مالك، ومن سبقه من السلف بإيقاعه فور التكلم به.
2 -
خلاف عن ابن حزم الذي منع هذا الطلاق، ورأى أنه لا يقع به شيء.
ثانيًا: الغريب أن ابن حزم يحكي الاتفاق على أن الطلاق إلى أجل يقع عند الأجل في كتابه مراتب الإجماع، وينفي ذلك في كتابه المحلى (6).
(1)"المحلى"(9/ 480)، "المغني"(10/ 410).
(2)
"بداية المجتهد"(2/ 134).
(3)
"المحلى"(9/ 479).
(4)
"المحلى"(9/ 479).
(5)
"المحلى"(9/ 479).
(6)
أنكر ابن تيمية على ابن حزم قوله هذا، فقال: ذكر ابن حزم "الإجماع" على أن الطلاق إلى أجل يقع عند الأجل، ومعلوم أن هذا من أظهر ما يدعى عليه "الإجماع"، لكن ابن حزم يخالف في غير موضع ما هو إجماع عند عامة العلماء.
انظر: "نقد مراتب الإجماع"(ص 295)، مطبوع مع كتاب "مراتب الإجماع".