الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "لا يحل للرجل أن يتزوج بِأُمِّه ولا بجداته. . . ثبتت حرمتهن بالإجماع. . . ولا ببنته وإن سفلت لما تلونا، وبالإجماع. . . "(1).
14 -
ابن نجيم (970 هـ) حيث قال: "حرم تزوج أُمه، وبنته وإن بعدتا. . . لإرادة ذلك في النص، والإجماع على حرمتهن"(2).
النتيجة:
تحقق الإجماع في تحريم ما نص اللَّه سبحانه وتعالى عليه، وهن المحرّمات بالنسب؛ لعدم وجود مخالف. والإجماع في هذه المسألة يستند إلى نص قطعي، وقد تناقل هذا الإجماع الأئمة عبر العصور.
[2 - 52] تحريم أمهات الزوجات:
تحرم أم الزوجة على زوج ابنتها سواء دخل بابنتها أم لا؛ إذ يكفي في التحريم مجرد العقد على ابنتها، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "إن تزوج امرأة حرمت عليه أمها على التأبيد بمجرد العقد، وإن لم يحصل معه دخول، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وكافة الفقهاء"(3).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن أم الزوجة التي عقد زواجها صحيح، وقد دخل بها ووطئها؛ حرام عليه نكاحها أبدًا"(4).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وأجمع العلماء على أن من وطئ امرأته فقد
(1)"فتح القدير"(3/ 209).
(2)
"البحر الرائق"(3/ 99).
(3)
"عيون المجالس"(3/ 1082).
(4)
"مراتب الإجماع"(ص 122).
حرمت عليه ابنتها وأمها" (1). وقال أيضًا: "من كان تحته امرأة دخل بها حرمت عليه الأم بإجماع من المسلمين" (2). وقال أيضًا: "أجمع العلماء على أن النكاح الصحيح يحرم أم المرأة، أو ابنتها إذا دخل بها" (3). وقال أيضًا:"لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وابنتها في ملك اليمين"(4).
4 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن المحرمات في كتاب اللَّه أربع عشرة: . . . وأم امرأة الرجل وجداتها وإن بعدن، سواء دخل بالمرأة أم لم يدخل"(5).
وقال أيضًا: "واتفقوا على أن نفس العقد على المرأة يحرم أمها على العاقد على التأبيد، وأنه لا يعتبر الوطء في ذلك"(6). ونقله عنه ابن قاسم (7).
5 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وتحرم أمها عليه؛ لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]، وهذه منهن، وليس في هذا اختلاف بحمد اللَّه"(8).
6 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "وتحريم المحرمات بالمصاهرة، وهن أمهات النساء وبناتهن، وحلائل الآباء والأبناء، ونحو ذلك من المحرمات. . . فهذه المسائل مما لم يتنازع فيها المسلمون، لا سنيهم ولا بدعيهم"(9).
7 -
ابن نجيم (970 هـ) حيث قال: "وأم امرأته. . . فلا فرق بين كون امرأته مدخولًا بها أو لا وهو مجمع عليه عند الأئمة"(10).
8 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "اتفق الأئمة على أن أم الزوجة تحرم على التأبيد بمجرد العقد"(11).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على تحريم أم الزوجة بمجرد العقد على ابنتها، هو قول ابن مسعود، وابن عمر، وعمران بن حصين، وجابر ابن عبد اللَّه رضي الله عنهم، ومسروق (12)، والحسن البصري، وعطاء، وطاوس، والزهري،
(1)"الاستذكار"(5/ 460).
(2)
"الاستذكار"(5/ 460).
(3)
"الاستذكار"(5/ 463).
(4)
"الاستذكار"(5/ 486).
(5)
"الإفصاح"(2/ 104).
(6)
"الإفصاح"(2/ 103).
(7)
"حاشية الروض المربع"(6/ 290).
(8)
"المغني"(9/ 524 - 525).
(9)
"مجموع الفتاوى"(32/ 82).
(10)
"البحر الرائق"(3/ 100).
(11)
"الميزان"(3/ 187).
(12)
هو أبو عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك الهمْداني، الفقيه، العابد، صاحب عبد اللَّه بن مسعود، =
والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]، معطوفًا على قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23].
• وجه الدلالة: المرأة المعقود عليها امرأته؛ فتدخل أمها في عموم الآية، كما أن تحريم أمهات النساء كلام تام بنفسه، منفصل عن المذكور بعده؛ إذ هو معطوف على ما تقدم ذكره من قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23](2).
2 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أيما رجل نكح امرأة فدخل بها، فلا يحل له نكاح ابنتها، فإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة، فدخل بها أو لم يدخل بها، فلا يحل له نكاح أمها"(3). قال الطبري: وهذا خبر؛ وإن كان في إسناده ما فيه، فإن في إجماع الحجة على صحة القول به مستغنى عن الاستشهاد على صحته بغيره (4).
3 -
سئل زيد بن ثابت رضي الله عنه (5) عن رجل تزوج امرأة، ثم فارقها قبل أن يصيبها، هل تحل له أمها؟ فقال زيد بن ثابت: لا، الأم مبهمة، ليس فيها شرط، وإنما الشرط في الربائب (6).
4 -
قول ابن عباس رضي الله عنهما: "أبهموا ما أبهم القرآن"(7). أي: عمموا حكمها في كل
= أخذ عنه وعن غيره من الصحابة رضي الله عنهم، قال عنه الشعبي: ما رأيت أطلب للعلم منه، وكان أعلم بالفتوى من شريح، توفي سنة (63 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الفقهاء"(ص 80)، "شذرات الذهب"(1/ 70).
(1)
"الإشراف"(1/ 77).
(2)
"المغني"(9/ 515)، "بدائع الصنائع"(3/ 414).
(3)
أخرجه الترمذي (1120)(2/ 363). وقال: هذا حديث لا يصح من قبل إسناده، وإنما رواه ابن لهيعة، والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، والمثنى بن الصباح، وابن لهيعة يضعفان في الحديث.
(4)
"تفسير الطبري"(4/ 322).
(5)
هو أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري، كان عمره يوم الهجرة إحدى عشرة سنة، استصغره النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وشهد أُحدًا، وقيل: أول مشاهده الخندق، وكان أعلم الناس بالفرائض، ومن كَتَبة الوحي، توفي سنة (45 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(2/ 346)، "الإصابة"(2/ 490).
(6)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 421).
(7)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 160)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(4/ 173).
حال، ولا تفصلوا بين المدخول بها وبين غيرها (1).
5 -
أن عبد اللَّه بن مسعود استُفتِي، وهو في الكوفة، عن نكاح الأم بعد الابنة، إذا لم تكن الابنة مُسَّت؛ فأرخص في ذلك، ثم أن ابن مسعود قدم المدينة فسأل عن ذلك، فأُخبر أنه ليس كما قال، وأنما الشرط في الربائب. فرجع ابن مسعود إلى الكوفة، فلم يصل إلى منزله حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك، فأمره أن يفارق امرأته (2).
• الخلاف في المسألة: يرى جمع من أهل العلم: أن الأم لا تحرم بمجرد العقد على ابنتها، بل لا بد من الدخول بالزوجة حتى تحرم أمها، وأن مجرد العقد على ابنتها لا يحرمها.
ونقل هذا القول عن علي، وزيد بن ثابت، وابن عباس، في إحدى الروايتين عنهم، وجابر، وابن الزبير، ومجاهد. وتبعهم على ذلك داود، وبشر المريسي (3)، ومحمد ابن شجاع (4)(5).
(1)"المغني"(9/ 516)، "بدائع الصنائع" (3/ 415). قال الألباني: لم أقف على إسناده بهذا اللفظ وقد علقه ابن كثير بصيغة التمريض بنحوه، فقال في "تفسيره" (2/ 393):"وروى عنه أنه قال: إنها مبهمة فكرهها". وهذا قد وصله البيهقي (7/ 160) من طريق عبد اللَّه بن بكر، ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال:"هي مبهمة، وكرهه".
قلت: وهذا سند صحيح على شرط البخاري، فلا أدري وجه إشارة ابن كثير إلى تضعيفه. انظر:"إرواء الغليل"(6/ 285).
(2)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 421).
(3)
هو بشر المريسي الفقيه المتكلم، كان داعية للقول بخلق القرآن، كفّره عدد من العلماء، وكان مرجئًا داعية إلى الإرجاء، وإليه تنسب الطائفة المريسية، توفي آخر سنة (118 هـ)، ولم يشيعه أحد من العلماء. انظر ترجمته في:"وفيات الأعيان"(1/ 277)، "شذرات الذهب"(2/ 44).
(4)
هو محمد بن شجاع بن الثلجي فقيه العراق، وشيخ الحنفية بها، أخذ عن إسماعيل ابن علية، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وصنف واشتغل، كان يضع الأحاديث في التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث، وهو من المتروكين في الحديث، توفي سنة (266 هـ). انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب"(9/ 194)، "شذرات الذهب"(2/ 151).
(5)
"تفسير الطبري"(4/ 321)، "الجامع لأحكام القرآن"(5/ 93)، "المغني"(9/ 515)، "بدائع الصنائع"(3/ 413)، "الإشراف"(1/ 77).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23].
• وجه الدلالة: ذكر اللَّه سبحانه وتعالى أمهات النساء، وعطف الربائب عليهن في التحريم بحرف العطف، ثم عقب الجملتين بشرط الدخول (1).
2 -
عن خلاس بن عمرو (2)، عن علي رضي الله عنه في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها؛ أيتزوج أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة (3).
3 -
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها (4).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع في أن الدخول بالنساء يحرم أمهاتهن.
ثانيًا: عدم صحة الإجماع في أن مجرد العقد على البنت يحرم الأم، بل هي مسألة خلافية، وثبت الخلاف فيها من زمن الصحابة رضي الله عنهم.
ثالثًا: ورد عمن نقل عنه الخلاف من الصحابة، أنهم وافقوا الجمهور في أن الأمهات يحرمن بمجرد العقد على البنات، ويمكن توجيه ما ورد عنهم في اشتراط الدخول بالزوجة بما يلي:
1 -
حديث خلاس عن علي رضي الله عنه لا تقوم به حجة؛ لأنه يروي عن علي المناكير، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث (5).
2 -
ما نقل عن علي، وزيد بن ثابت فهو معارض بمثله عنهما أيضًا.
3 -
صح عن علي رضي الله عنه مثل ما يقول الجماعة (6).
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 414).
(2)
هو خلاس بن عمرو الهجري البصري روى عن علي وعمار بن ياسر وعائشة وأبي هريرة وابن عباس، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ولم أرَ بعامة حديثه بأسًا، حديثه في صحيح البخاري مقرونًا بغيره، مات قبل المائة الأولى.
انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال"(8/ 367)، "تهذيب التهذيب"(3/ 152).
(3)
"تفسير الطبري"(4/ 321).
(4)
"تفسير الطبري"(4/ 321).
(5)
"الاستذكار"(5/ 458)، "الجامع لأحكام القرآن"(5/ 93).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 93).