الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع: مسائل الإجماع في أنكحة الكفار
[1 - 105] حكم أنكحة الكفار:
أنكحة الكفار صحيحة، ولا يحكم ببطلانها، إذا وقع العقد على امرأة ممن يجوز ابتداءً نكاحها؛ ولا ينظر إلى صفة عقدهم، ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي، والشهود، وغير ذلك؛ ونفي الخلاف في هذه المسألة.
• من نفى الخلاف: ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "أنكحة الكفار صحيحة، يقرون عليها إذا أسلموا أو تحاكموا إلينا، إذا كانت المرأة ممن يجوز ابتداءً نكاحها في الحال، ولا ينظر إلى صفة عقدهم وكيفيته، ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي، والشهود، وصيغة الإيجاب والقبول، وأشباه ذلك، بلا خلاف بين المسلمين"(1).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره ابن قدامة من عدم الخلاف في أن أنكحة الكفار صحيحة، وأنهم إذا أسلموا فإنهم يبقون على أنكحتهم وافق عليه الحنفية (2)، والشافعية (3)، وابن حزم (4). وهو قول الزهري، والأوزاعي (5).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
قال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4].
2 -
وقال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: 11].
• وجه الدلالة من الآيتين: أضاف اللَّه سبحانه وتعالى المرأة إلى زوجها، مما يدل على اعتبار نكاحهما شرعًا، وهما على الكفر.
3 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا (6).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجم إلا محصنًا، والمحصن لا يكون إلا بنكاح؛ ولأنها أنكحة يقر عليها أهلها،
(1)"المغني"(10/ 5).
(2)
"المبسوط"(5/ 38)، "بدائع الصنائع"(3/ 559).
(3)
"العزيز شرح الوجيز"(8/ 86)، "البيان"(9/ 329).
(4)
"المحلى"(5/ 381).
(5)
"البيان"(9/ 329).
(6)
أخرجه البخاري (3635)(4/ 224)، ومسلم (1699)"شرح النووي"(11/ 172).
وجب أن يحكم بصحتها قياسًا على أنكحة المسلمين (1).
4 -
قوله صلى الله عليه وسلم: "ولدت من نكاح لا من سفاح"(2).
• وجه الدلالة: أن مناكح آبائه صلى الله عليه وسلم كانت في الشرك، فدل على صحتها، وأن هناك فرقًا بين ما كان نكاحًا لديهم، وما كان سفاحًا (3).
5 -
أسلم خلق كثير في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأسلم نساؤهم، وأُقِرُّوا على أنكحتهم، ولم يسألهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن شروط النكاح، ولا كيفيته، ولم يؤمروا بتصحيح عقود أنكحتهم، أو يؤمروا بعقد جديد، وهذا أمر علم بالتواتر والضرورة، فكان يقينًا (4).
• الخلاف في المسألة: يرى زفر من الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية في قول حكاه الخراسانيون منهم (7)، ورواية عن الإمام أحمد (8) أن أنكحة الكفار فاسدة، والإسلام هو الذي يصححها عند إسلامهم، أو ترافعهم إلينا.
• دليل هذا القول: ثبت أن صحة النكاح مفتقرة إلى شروط هي معدومة في أنكحتهم، منها الولي، ورضى المرأة المنكوحة، وأن لا يكون في عدة؛ وأنكحتهم خالية من هذا، فيجب فسادها، قياسًا على نكاح المسلم، فإنه لو خلا عن هذه الشروط لفسد، فأنكحة أهل الشرك أولى (9).
النتيجة:
أولًا: ما ذكر من أنه لا خلاف في صحة أنكحة الكفار، غير صحيح؛ لخلاف زفر من الحنفية، والمالكية، وقول عند الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد، بأنها فاسدة.
ثانيًا: يمكن أن يقال للمخالفين ما يلي:
(1)"الحاوي"(11/ 411).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"الحاوي"(11/ 411).
(4)
"المغني"(10/ 5)، "التمهيد"(12/ 23).
(5)
"الهداية"(1/ 238)، "العناية" للبابرتي (3/ 413).
(6)
"الذخيرة"(4/ 325)، "المعونة"(2/ 584).
(7)
"البيان"(9/ 329)، "مغني المحتاج"(4/ 326).
(8)
"المحرر"(2/ 60)، "المبدع"(7/ 115).
(9)
"المعونة"(2/ 584).