الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى القول بمنع طلاق غير المدخول بها، وهي حائض.
• دليل هذا القول: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بمراجعة امرأته؛ لأنه طلقها وهي حائض، فتجري هذه العلة في كل حائض سواء كان مدخولًا بها أو غير مدخول بها (1).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع على أن طلاق غير المدخول بها إذا كانت طاهرًا أنه لا سنة ولا بدعة في طلاقها؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع على أن غير المدخول بها، إذا كانت حائضًا، أنه لا بدعة ولا سنة في طلاقها؛ وذلك لوجود خلاف عن زفر من الحنفية، والمالكية في رواية أشهب؛ بمنع طلاق الحائض مدخولًا بها، أو غير مدخول بها.
[10 - 185] إذا طلق الرجل ثلاثًا مجتمعات، وقعت ثلاثًا:
إذا طلق الرجل امرأته ثلاث طلقات متواليات، فيقع الطلاق ثلاثًا، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن من طلق زوجته أكثر من ثلاث، أن ثلاثًا منه تحرمها عليه"(2).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "أما وقوع الثلاث تطليقات مجتمعات بكلمة واحدة، فالفقهاء مختلفون في هيئة وقوعها كذلك، هل تقع للسنة أم لا؟ مع إجماعهم على أنها لازمة لمن أوقعها"(3). وقال أيضًا: ". . . وقوع الثلاث مجتمعات غير متفرقات، ولزومها، وهو ما لا خلاف فيه بين أئمة الفتوى بالأمصار، وهو المأثور عن جمهور السلف"(4). وقال أيضًا: ". . . الطلاق الثلاث مجتمعات لا يقعن لسُنّة. . . وهم مع ذلك يلزمونه ذلك الطلاق، ويحرمون به امرأته، إلا بعد زوج، كما لو أوقعها متفرقات عند الجميع"(5).
3 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: ". . . وليس معناه ما يتوهمه المبتدعة والجهّال من أن طلاق الثلاث إذا قالها الرجل في كلمة لا يلزم، وقد ضربت شرق الأرض
(1)"العناية على الهداية"(3/ 474)، "المعونة"(2/ 610).
(2)
"الإجماع"(ص 64).
(3)
"الاستذكار"(6/ 4).
(4)
"الاستذكار"(6/ 3).
(5)
"الاستذكار"(6/ 4).
وغربها، فما رأيت ولا سمعت أحدًا يقول ذلك إلا الشيعة الخارجين عن الإسلام" (1).
4 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، أو بكلمات في حالة واحدة، أو في طهر واحد يقع؛ ولم يختلفوا في ذلك"(2).
5 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "وروينا عن عمر رضي الله عنه أنه كان لا يؤتى برجل قد طلق امرأته ثلاثًا إلا أوجعه ضربًا، وأجاز ذلك عليه، وكانت قضاياه بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، فيكون إجماعًا منهم على ذلك"(3).
6 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وجملة ذلك أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا، فهي ثلاث، وإن نوى واحدة، لا نعلم فيه خلافًا"(4).
7 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "واتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة، وهو قول جمهور السلف"(5).
8 -
ابن جزي (741 هـ) حيث قال: "الطلاق الرجعي والبائن، فأما البائن، فهو في أربعة مواضع: وهي طلاق غير المدخول بها، وطلاق الخلع، والطلاق بالثلاث، فهذه الثلاثة بائنة اتفاقًا، . . . "(6). وقال أيضًا: "وتنفذ الثلاث، سواء طلقها واحدة بعد واحدة اتفاقًا، أو جمع الثلاث في كلمة واحدة"(7).
9 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "اتفق الأئمة على أن الطلاق في الحيض لمدخول بها، أو في طهر جامع فيه محرّم؛ إلا أنه يقع، وكذلك جمع الطلاق الثلاث يحرم ويقع"(8).
10 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "فالراجح في الموضعين تحريم المتعة، وإيقاع الثلاث للإجماع الذي انعقد في عهد عمر على ذلك، ولا يحفظ أن أحدًا في عهد عمر خالفه في واحدة منهما، وقد دل إجماعهم على وجود ناسخ، وإن كان خفي عن بعضهم قبل ذلك حتى ظهر لجميعهم في عهد عمر، فالمخالف بعد هذا الإجماع منابذ له، والجمهور على عدم اعتبار من أحدث الاختلاف بعد الاتفاق"(9).
(1)"القبس"(2/ 727).
(2)
"الإفصاح"(2/ 121).
(3)
"بدائع الصنائع"(4/ 207).
(4)
"المغني"(10/ 498).
(5)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 120).
(6)
"القوانين الفقهية"(ص 227).
(7)
"القوانين الفقهية"(ص 227).
(8)
"رحمة الأمة"(ص 228).
(9)
"فتح الباري"(9/ 441).
11 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "لما خاطب عمر الصحابة بذلك فلم يقع منهم إنكار، صار إجماعًا"(1).
12 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "إجماعهم ظاهر، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه خالف عمر رضي الله عنه حين أمضى الثلاث"(2).
13 -
ابن نجيم (970 هـ) حيث قال: "ولا حاجة إلى الاشتغال بالأدلة على رد قول من أنكر وقوع الثلاث جملة؛ لأنه مخالف للإجماع"(3).
14 -
ابن عابدين (1252 هـ) فذكره، كما قال ابن الهمام (4).
15 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "من طلق زوجته ثلاثًا بكلمة واحدة، وقعت الثلاث، وهو مذهب الأئمة الأربعة، وجماهير العلماء، . . . وحكى ابن رشد إجماع علماء الأمصار على أن الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة"(5).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الرجل إذا طلق ثلاث تطليقات مجتمعات، وقعت ثلاثًا وافق عليه ابن حزم (6). وهو قول الثوري، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والليث، وعثمان البتي، والحسن بن حي، وإسحاق، وأبي ثور (7).
• مستند الإجماع: قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: الآية 229] وقال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: الآية 230] وقال تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)} [البقرة: الآية 241] قال تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: الآية 237].
• وجه الدلالة: لم يفرق اللَّه سبحانه وتعالى بين إيقاع الطلقة الواحدة أو الاثنتين أو الثلاث في هذه الأحكام، فدل على أن من أوقع الطلقات بأي عدد فقد لزمته، وأنه لما جاز جمع
(1)"عمدة القاري"(20/ 233).
(2)
"فتح القدير"(3/ 470).
(3)
"البحر الرائق"(3/ 257).
(4)
"حاشية ابن عابدين"(4/ 435).
(5)
"حاشية الروض المربع"(6/ 495). قال ابن رشد: جمهور فقهاء الأمصار على أن الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة، ولم يقل: إجماع. انظر: "بداية المجتهد"(2/ 104).
(6)
"المحلى"(9/ 394).
(7)
"الاستذكار"(6/ 8).
الثنتين في الطلاق دفعة واحدة جاز جمع الثلاث (1).
عن ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمر العجلاني أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسط الناس، فقال: يا رسول اللَّه، أرأيت لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها"، قال سهل: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أنا أمسكتها، فطلَّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن الطلقات الثلاث إذا وقعت بكلمة واحدة، فإنها تقع، وتبين بها الزوجة؛ لأن عويمرًا طلق زوجته ثلاثًا ولم ينكر عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدل على إباحة الطلاق بالثلاث، وأنها تقع (3).
عن محمود بن لبيد (4) قال: أُخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فغضب، ثم قال:"أيُلعب بكتاب اللَّه وأنا بين أظهركم؟ "، حتى قام رجل فقال: يا رسول اللَّه: ألا أقتله؟ (5).
• وجه الدلالة: في هذا الحديث دليل على أن الطلاق بالثلاث قد وقع في عصره صلى الله عليه وسلم (6).
(1)"المحلى"(9/ 393)، "الحاوي"(12/ (3384)، "سبل السلام"(3/ 332)، "نيل الأوطار"(7/ 16).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"الأم"(5/ 265)، "المغني"(10/ 330).
(4)
هو محمود بن لبيد بن رافع الأشهلي الأوسي الأنصاري، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحدّث عنه، ذكر في التابعين، وصحح غير واحد أن له رؤية، وأنه قال: أسرع النبي صلى الله عليه وسلم لما مات سعد بن معاذ حتى تقطعت نعالنا، وهذا ظاهر أنه حضر ذلك، توفي سنة (96 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(5/ 112)، "الإصابة"(6/ 35).
(5)
أخرجه النسائي (3401)(6/ 104)، قال ابن حجر: رجاله ثقات، لكن محمود بن لبيد لم يثبت له من النبي صلى الله عليه وسلم سماع؛ لأنه ولد في عهده صلى الله عليه وسلم. وقال ابن القيم: إسناده على شرط مسلم، ومخرمة ثقة بلا شك، وقد احتج مسلم بحديثه عن أبيه.
انظر: "فتح الباري"(9/ 438)، "زاد المعاد"(5/ 241).
(6)
"سبل السلام"(3/ 332).
إن ركانة بن عبد يزيد (1) طلق امرأته البتّة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقال: واللَّه ما أردت إلا واحدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"واللَّه ما أردت إلا واحدة؟ "، فقال ركانة: واللَّه ما أردت إلا واحدة، فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمن عمر، والثالثة في زمن عثمان (2).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه أنه ما أراد إلا واحدة، وفي ذلك دليل على أنه لو أراد ثلاثًا لوقعت، وإلا لما كان لتحليفه معنى (3).
• الخلاف في المسألة: أولًا: يقع الطلاق بالثلاث واحدة رجعية، وهو ثابت عن ابن عباس، ونقل عن علي، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير رضي الله عنهم، وهو قول طاوس، وعكرمة، وعطاء، وعمرو بن دينار، والحجاج بن أرطاة (4)، ومحمد بن إسحاق (5) في رواية عنهما (6). وهو اختيار ابن تيمية، وابن القيم (7)، وهو قول المجد
(1) هو ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، وهو الذي صارعه النبي صلى الله عليه وسلم، فصرعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان من أشد قريش، وهو من مسلمة الفتح، توفي في زمن عثمان، وقيل: في خلافة معاوية سنة (46 هـ).
انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(2/ 293)، "الإصابة"(2/ 413).
(2)
أخرجه أبو داود (2206)(2/ 263)، والترمذي (1180)(2/ 394)، وابن ماجه (2051) (1/ 643). قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: فيه اضطراب. ويروى عن عكرمة عن ابن عباس: أن ركانة طلق امرأته ثلاثًا.
(3)
"شرح مسلم" للنووي (10/ 61)، "نيل الأوطار"(7/ 17).
(4)
الحجاج بن أرطاة النخعي، الكوفي، من فقهائها، تركه ابن مهدي، والقطان، وقال أحمد: لا يحتج به، وقال ابن عدي: ربما أخطأ ولم يتعمد، ووثقه جماعة، قال ابن معين:(صدوق يدلس، خرّج له مسلم مقرونًا بغيره، توفي سنة (149)، وقيل: سنة (150 هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب"(2/ 172)، "شذرات الذهب"(1/ 229).
(5)
هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم، المدني، صاحب السيرة، رأى أنسًا وغيره، كان ذكيًّا حافظًا، من بحور العلم، قال ابن معين: ثقة؛ وليس بحجة، وقال أحمد: هو حسن الحديث، وقيل: ثقة ما لم يعنعن فيخشى منه التدليس، توفي سنة (151 هـ). انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب"(9/ 34)، "شذرات الذهب"(1/ 230).
(6)
"شرح مسلم" للنووي (10/ 60)، "فتح الباري"(9/ 438).
(7)
"زاد المعاد"(5/ 248)، "إغاثة اللهفان"(1/ 283)"الإنصاف"(8/ 453).
ابن تيمية، وكان يفتي به سرًّا (1). وإلى هذا القول مال الصنعاني (2)، والشوكاني (3)، والشيخ ابن باز من المعاصرين (4).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الطلاق على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم (5).
2 -
عن طاوس أن أبا الصهباء (6) قال لابن عباس: أتعلم أنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وثلاثًا من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس: نعم (7).
3 -
ذكر ابن القيم أن هذا القول عليه الإجماع قبل عصر عمر رضي الله عنه فقال: "كل صحابي من لدن خلافة الصديق إلى ثلاث سنين من خلافة عمر كان على أن الثلاث واحدة فتوى، أو إقرارًا، أو سكوتًا، ولهذا ادعى بعض أهل العلم أن هذا إجماع قديم، ولم تجمع الأمة وللَّه الحمد على خلافه، بل لم يزل فيهم من يفتي به قرنًا بعد قرن، وإلى يومنا هذا"(8). وقال أيضًا: "وأما أقوال الصحابة: فيكفي كون ذلك على عهد الصديق، ومعه جميع الصحابة، لم يختلف عليه منهم أحد، ولا حكي في زمانة القولان، حتى قال بعض أهل العلم: إن ذلك إجماع قديم، وإنما حدث الخلاف في زمن عمر رضي الله عنه، واستمر الخلاف في المسألة إلى وقتنا هذا"(9). وقال أيضًا: "فنحن أحق بدعوى الإجماع منكم؛ لأنه لا يُعرف في عهد الصديق أحد رد ذلك ولا خالفه، فإن كان إجماع فهو من جانبنا أظهر ممن يدعيه من نصف خلافة عمر رضي الله عنه، وهلم
(1)"الإنصاف"(8/ 453)، "إغاثة اللهفان"(1/ 327)، "إعلام الموقعين"(2/ 40).
(2)
"سبل السلام"(3/ 334).
(3)
"نيل الأوطار"(7/ 19).
(4)
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة"(21/ 438).
(5)
أخرجه مسلم (1472)"شرح النووي"(10/ 60).
(6)
هو أبو الصهباء صهيب البكري البصري، ويقال: المدني، مولى ابن عباس، روى عن مولاه عبد اللَّه بن عباس، وعلي، وابن مسعود، روى عنه سعيد بن جبير، وطاوس بن كيسان، قال أبو زرعة: مدني ثقة. انظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 316)، "تهذيب الكمال"(13/ 240).
(7)
أخرجه مسلم (1472)"شرح النووي"(10/ 60).
(8)
"إعلام الموقعين"(2/ 40).
(9)
"إغاثة اللهفان"(1/ 289).
جرًّا، فإنه لم يزل الاختلاف فيها قائمًا، وذكره أهل العلم في مصنفاتهم قديمًا وحديثًا" (1).
4 -
وقال ابن تيمية: "لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مقبول أن أحدًا طلق امرأته ثلاثًا بكلمة واحدة فألزمه الثلاث، بل روي في ذلك أحاديث كلها كذب، باتفاق أهل العلم"(2).
• ثانيًا: من قال: إن الطلاق بالثلاث مجتمعات لا تقع، بل تُرد لأنها بدعة، والبدعة مردودة -حكاه ابن حزم، وابن القيم، دون أن ينسباه لقائله (3).
ونسبه غيرهما لابن إسحاق في رواية، والحجاج بن أرطاه في الرواية المشهورة عنه، وهو قول الرافضة (4).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: الآية 229].
• وجه الدلالة: شرط اللَّه سبحانه وتعالى أن تقع الطلقة الثالثة في حال يصح من الزوج فيها الإمساك، وإذا لم يصح الإمساك إلا بعد مراجعة فلا تصح الثالثة إلا بعد مراجعة أيضًا، وما يلزم في الثالثة يلزم في الثانية (5).
2 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"(6)
• وجه الدلالة: الطلاق بالثلاث ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب أن يرد (7).
3 -
ما وقع في بعض طرق حديث ركانة، فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"كيف طلقتها؟ "، قال: طلقتها ثلاثًا فى مجلس واحد، قال:"إنما تلك واحدة، فارتجعها إن شئت"(8).
• وجه الدلالة: قال ابن إسحاق: أرى أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على ركانة امرأته؛ لأنه
(1)"إغاثة اللهفان"(1/ 289).
(2)
"مجموع الفتاوى"(33/ 73).
(3)
"المحلى"(9/ 384)، "زاد المعاد"(5/ 247).
(4)
"الاستذكار"(6/ 8)، "فتح الباري"(9/ 439)، "زاد المعاد"(9/ 247)، "شرح مسلم" للنووي (10/ 60)، "زاد المعاد"(5/ 248).
(5)
"نيل الأوطار"(7/ 19).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
"نيل الأوطار"(7/ 19).
(8)
أخرجه أحمد في "المسند"(2387)(4/ 251)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 339). =
طلقها ثلاثًا في مجلس واحد؛ لأنه كانت بدعة مخالفة للسنة (1).
• ثالثًا: التفريق بين المدخول بها وغير المدخول بها، فيقع ثلاثًا بالمدخول بها، وواحدة في غيرها، وهو قول جماعة من أصحاب ابن عباس (2).
• أدلة هذا القول: عن طاوس أن رجلًا يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من إمارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال: أُجيزهن عليهم (3).
• وجه الدلالة:
1 -
أن غير المدخول بها تبين إذا قال لها زوجها: أنت طالق مرة واحدة، فإذا قال: ثلاثًا لغا العدد لوقوعه بعد البينونة (4).
2 -
أن إلزام عمر بالثلاث هو في حق المدخول بها، وحديث أبي الصهباء في حق غير المدخول بها، ففي هذا التفريق موافقة المنقول من الجانبين، وموافقة القياس (5).
النتيجة:
أولًا: عدم تحقق الإجماع على أن من طلق ثلاثًا لزمته، لوجود خلاف كبير في المسألة.
ثانيًا: وقع خلاف كبير بين الفقهاء، وردود وترجيحات كثيرة، حتى نقض ابن القيم دعوى الإجماع في ذلك من عشرين وجهًا، فقال: "فهذه عشرون وجهًا في إثبات النزاع
= قال البيهقي: وهذا الإسناد لا تقوم به الحجة، مع ثمانية رووا عن ابن عباس فتياه بخلاف ذلك، ومع رواية أولاد ركانة أن طلاق ركانة كانت واحدة. وقال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال: لأن ابن جريج إنما رواه عن بعض بني رافع، ولم يسمه، والمجهول لا تقوم به حجة. وقال ابن قدامة: فأما حديث ركانة فإن أحمد ضعّف إسناده، فلذلك تركه.
انظر: "سنن البيهقي"(7/ 339)، "معالم السنن" للخطابي (3/ 236)، "المغني"(10/ 366).
(1)
"الاستذكار"(6/ 9).
(2)
"زاد المعاد"(5/ 248)، "إغاثة اللهفان"(1/ 291).
(3)
أخرجه أبو داود (2199)(2/ 261)، وضعّفه الألباني. انظر:"ضعيف سنن أبي داود"(ص 217).
(4)
"زاد المعاد"(5/ 251)، "نيل الأوطار"(7/ 19).
(5)
"زاد المعاد"(5/ 251).