الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
عن مالك بن أوس (1) قال: كان عندي امرأة قد ولدت لي فتوفيت، فوجدت عليها، فلقيت علي بن أبي طالب، فقال لي: مالك؟ قلت: توفيت المرأة. قال: ألها ابنة؟ قلت: نعم. قال: كانت في حجرك؟ قلت لا، هي في الطائف. قال فانكحها! قلت: وأين قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] قال: إنها لم تكن في حجرك، وإنما ذلك إذا كانت في حجرك (2).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع في تحريم الربيبة إذا كانت في حجر زوج الأم.
ثانيًا: عدم تحققه فيما إذا لم تكن الربيبة في حجر زوج الأم؛ للخلاف عن عمر، وعلي رضي الله عنهما، وداود، وابن حزم.
[4 - 54] تحريم حلائل الآباء والأبناء:
حلائل الآباء يحرمن على الأبناء، وحلائل الأبناء يحرمن على الآباء، بمجرد العقد، ولا يشترط في ذلك الدخول؛ وسواء أكانت القرابة بالنسب، أم بالرضاع، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الطبري (310 هـ) حيث قال: "ولا خلاف بين جميع أهل العلم أن حليلة ابن الرجل حرام عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النكاح، دخل بها أو لم يدخل بها"(3).
2 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن الرجل إذا تزوج المرأة حرمت على أبيه وابنه، دخل بها أو لم يدخل بها، وعلى أجداده، وعلى ولد ولده من الذكور والإناث أبدًا ما تناسلوا، لا تحل لبني بنيه، ولا لبني بناته، ولم يذكر اللَّه في
(1) هو أبو سعيد مالك بن أوس بن الحدثان النصري، من هوازن، ذكر أنه ركب الخيل في الجاهلية، واختلف في صحبته، وأكثر روايته عن العشرة، والعباس رضي الله عنهم، توفي سنة (92)، وقيل:(95 هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(5/ 9)، "الإصابة"(5/ 525).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (10834)(6/ 278). وفي سنده إبراهيم بن عبيد، وهو لا يعرف، وقد تلقوا هذا الأثر بالدفع والخلاف، قاله القرطبي. انظر:"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 99).
لكن الألباني صححه عن علي رضي الله عنه. انظر: "إرواء الغليل"(6/ 287).
(3)
"تفسير الطبري"(4/ 323).
الآيتين دخولًا، والرضاع بمنزلة النسب" (1).
3 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "أما من عقد فيها الرجل زواجًا فلا خلاف في تحريمها في الأبد على أبيه وأجداده، وعلى بنيه، وعلى من تناسل من بنيه وبناته أبدًا"(2). وقال أيضًا: "وأما من حلّت للرجل بملك اليمين؛ فإن وطئها فلا نعلم خلافًا في تحريمها على من ولد، وعلى من ولده"(3).
4 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن المحرّمات في كتاب اللَّه أربع عشرة: . . . وحليلة الابن وإن سفل محرّمة على الأب وإن علا، وسواء دخل الابن بامرأته أو لم يدخل، . . . وامرأة الأب محرّمة على ابنه وإن سفل، وكذلك امرأة الجد وإن علا"(4).
5 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "وحليلة ابن الابن، وابن البنت، وإن سفل، تحرم بالإجماع"(5). وقال أيضًا: "وأما منكوحة أجداده فتحرم بالإجماع"(6).
6 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: ". . . اتفق المسلمون على تحريم اثنتين منهن بنفس العقد، وهو تحريم زوجات الآباء والأبناء"(7).
7 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "حلائل الأبناء يعني أزواجهم. . . فيحرم على الرجل أزواج أبنائه، وأبناء بناته، من نسب أو رضاع، قريبًا كان أو بعيدًا، بمجرد العقد. . . ولا نعلم في هذا اختلافًا"(8). وقال أيضًا: ". . . زوجات الأب، فتحرم على الرجل امرأة أبيه، قريبًا كان أو بعيدًا، وارثًا كان أو غير وارث، من نسب أو رضاع، . . . وسواء في هذا امرأة أبيه، أو امرأة جده لأبيه، وجده لأمه، قرب أو بعد، وليس في هذا بين أهل العلم خلاف علمناه، والحمد للَّه"(9). وقال أيضًا: "وجملة ذلك أن المرأة إذا عقد الرجل عقد النكاح عليها، حرمت على ابنه بمجرد العقد عليها، . . . وتحرم على أبيه. . . وليس في هذا اختلاف بحمد اللَّه"(10).
(1)"الإجماع"(ص 58).
(2)
"المحلى"(9/ 137).
(3)
"المحلى"(9/ 137).
(4)
"الإفصاح"(2/ 104 - 105).
(5)
"بدائع الصنائع"(3/ 419).
(6)
"بدائع الصنائع"(3/ 423).
(7)
"بداية المجتهد"(2/ 56).
(8)
"المغني"(9/ 518).
(9)
"المغني"(9/ 518).
(10)
"المغني"(9/ 524).
8 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء، وما عقد عليه الأبناء على الآباء، كان مع العقد وطء أم لم يكن"(1). وقال أيضًا: "وحرمت حليلة الابن من الرضاع -وإن لم يكن من الصلب- بالإجماع المستند إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (2).
9 -
القرافي (684 هـ) حيث قال: "أجمع الناس على أن العقد يحرّم على الابن"(3).
10 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "ولا يحل له أن يتزوج بامرأة أبيه وأجداده أو نساء أجداده، . . . فثبتت الحرمة في الجميع نصًا أو إجماعًا، . . . فحرمة العقد ثابتة بالإجماع"(4). وقال أيضًا: "وحليلة الابن حرام على الأب. . . وأما حليلة ابن الابن بعمومه (5) أو بالإجماع"(6). وقال أيضًا: "فحرمة العقد (7) ثابتة بالإجماع"(8).
11 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "وتحرم زوجة كل جد وإن علا، إجماعًا، حكاه ابن رشد وغيره، وتحرم أيضًا بالعقد زوجة ابنه وإن نزل، بإجماع المسلمين، حكاه غير واحد"(9).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على تحريم حلائل الآباء على الأبناء، وحلائل الأبناء على الآباء بمجرد العقد، هو قول عطاء، وطاوس، والحسن، وابن سيرين، ومكحول (10)، وقتادة، والثوري، والأوزاعي، وأبي عبيد، وأبي ثور، قال ابن المنذر: ولم يحفظ عن غيرهم خلافهم (11).
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 100).
(2)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 102).
(3)
"الفروق"(3/ 205).
(4)
"البناية شرح الهداية"(4/ 511 - 512).
(5)
أي: ثبت التحريم عن طريق عموم النص في تحريم حليلة الابن، ويدخل فيه ابن الابن.
(6)
"البناية شرح الهداية"(4/ 512).
(7)
أي: أن الحرمة الناتجة بين الابن وزوجة أبيه، أو بين الأب وزوجة ابنه، هي بسبب العقد.
(8)
"البناية شرح الهداية"(4/ 521).
(9)
"حاشية الروض المربع"(6/ 289).
(10)
هو أبو عبد اللَّه مكحول الشامي، من سبي كابل، أرسل عن عدد من الصحابة، وطلب الفقه، حتى أصبح أعلم أهل زمانه بالفتوى، أخذ عنه الأوزاعي وخلق آخرون، توفي سنة (113 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الفقهاء"(ص 70)، "شذرات الذهب"(1/ 146).
(11)
"الإشراف"(1/ 79).