الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمهيد
وفيه فصلان
الفصل الأول: دراسة مختصرة عن الإجماع
المبحث الأول: تعريف الإجماع
المطلب الأول: تعريف الإجماع في اللغة:
• الإجماع: مصدر من الفعل أجمع، يقال: أجمع يجمع إجماعًا، فهو أمر مُجْمَع، ومُجْمَعٌ عليه.
• والإجماع لفظ مشترك يراد به في اللغة ثلاثة معانٍ (1):
الأول: العزم على الشيء، قال ابن فارس (2):"أجمعت الأمر إجماعًا، إذا عزمت"(3).
• يقال: أجمع فلان على السفر؛ إذا عزم عليه، ومنه قوله تعالى:{فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يونس: 71]، أي: من أجمع الأمر وأزمعه إذا نواه وعزم عليه، بحيث لا يخالفه (4). وقوله تعالى:{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 15]، أي: من أجمع الأمر وأزمعه، فقد أجمع إخوة يوسف على طرحه في البئر (5). وقوله صلى الله عليه وسلم:"من لم يجمع الصيام عن الليل فلا صيام له"(6). يجمع الصيام أي: إحكام
(1)"معجم مقاييس اللغة"(1/ 479)، و"الصحاح"(3/ 458)، و"لسان العرب"(8/ 57)، و"القاموس المحيط"(ص 917)، و"تاج العروس"(5/ 304).
(2)
هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي، كان إمامًا في علوم شتى، وخصوصًا اللغة فإنه أتقنها، وكان فقيهًا شافعيًّا حاذقًا، ثم انتقل إلى مذهب مالك في آخر أمره، توفي سنة (390)، وقيل (395 هـ). انظر في ترجمته:"نزهة الألباء في طبقات الأدباء"(ص 278)، و"معجم الأدباء"(1/ 533).
(3)
"معجم مقاييس اللغة"(1/ 479).
(4)
"الوسيط" للواحدي (2/ 555)، و"الكشاف"(2/ 245).
(5)
"الوسيط"(2/ 603)، و"الكشاف"(2/ 306).
(6)
أخرجه أبو داود (2454)(2/ 329)، والترمذي (730)(2/ 178)، والنسائي (2331)، (4/ 146)، =
النية والعزيمة، يقال: أجمعت الرأي وأزمعت بمعنى واحد، فإن من لم ينو الصيام ويعزم عليه من الليل فلا يصح صيامه (1).
الثاني: الاتفاق، قال الزبيدي (2):"الإجماع -أي: إجماع الأمة- الاتفاق، يقال: هذا أمر مجمع عليه، أي: متفق عليه" يقال: أجمع القوم على كذا، أي: اتفقوا عليه (3).
• والفرق بين المعنى الأول، والمعنى الثاني: أن الأول متصور من واحد، والثاني لا يتصور إلا من اثنين فما فوقهما (4)، واتفاق أي طائفة على أمر من الأمور يسمى إجماعًا؛ حتى اتفاق اليهود والنصارى (5).
الثالث: الضمُّ، قال ابن فارس:"الجيم والميم والعين أصل واحد، يدل على تضام الشيء"(6). وقال ابن منظور (7): "والإجماع أن تجمع الشيء المتفرِّق، وإذا جعلته جميعًا لم يكد يتفرق، كالرأي المعزوم عليه"(8).
والفرق بين المعنى الثاني والثالث: أن المعنى الثاني للإجماع يكون في الأمور المعنوية، وأما المعنى الثالث فيكون في الأمور الحسية.
= وابن ماجه (1700)(1/ 532). قال ابن حجر: اختلف الأئمة في رفعه ووقفه، فقال ابن أبي حاتم: لا أدري أيهما أصح، لكن الوقف أشبه، ورواته ثقات. وقال أبو داود: لا يصح رفعه. وقال الترمذي: الموقوف أصح. انظر: "التلخيص الحبير"(2/ 188).
(1)
"معالم السنن" للخطابي (2/ 211)، و"عون المعبود"(7/ 88).
(2)
هو أبو الفيض محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي، الملقب بمرتضى، أصله من واسط بالعراق، وولد في بلجرام بالهند، ونشأ في زبيد، باليمن، علّامة باللغة والحديث والرجال والأنساب، رحل إلى الحجاز، وأقام بمصر، فاشتهر، توفي بالطاعون سنة (1205 هـ). انظر في ترجمته:"تاريخ الجبرتي"(2/ 196)، و"الأعلام"(7/ 79).
(3)
"تاج العروس"(5/ 304).
(4)
"كشف الأسرار"(3/ 337).
(5)
"الإحكام" للآمدي (1/ 254).
(6)
"معجم مقاييس اللغة"(1/ 479).
(7)
هو أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري الرويفعي، من نسل رويفع بن ثابت الأنصاري، الإمام اللغوي الحجة، ولي قضاء طرابلس، أشهر مؤلفاته:"لسان العرب"، توفي بمصر سنة (711 هـ). انظر في ترجمته:"الدرر الكامنة"(4/ 262)، و"حسن المحاضرة"(1/ 219).
(8)
"لسان العرب"(8/ 57).