الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: يحمل ما ذكر من الاتفاق على أنه اتفاق الأئمة الأربعة (1).
[7 - 427] قليل الرضاع وكثيره يُحرِّم:
نُقل الإجماع على أن قليل الرِّضاع وكثيره يحرِّم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الزهريّ (124 هـ) حيث قال: "قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد، انتهى أمر المسلمين على ذلك"(2).
2 -
الليث بن سعد (175 هـ) حيث قال: "أجمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يحرِّم ما كان في المهد، ما يُفطِر به الصائم". نقله عنه ابن عبد البر (3)، وابن قدامة (4)، وابن القيم (5)، والعيني (6)، والصنعاني (7)، والشوكاني (8).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكر من الإجماع على أن قليل الرِّضاع وكثيره يحرِّم، وافق عليه الحنفية (9)، والمالكية (10)، والشافعية في وجه (11)، والإمام أحمد في رواية عنه (12). وهو قول علي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وجابر رضي الله عنهم، والحسن
(1) اتفق الأئمة الأربعة على أن الرضاع المحرِّم هو ما كان في الحولين، واختلفوا في المدة التي يستمر فيها الرضاع إلى ما بعد الحولين:
أولًا: ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن المدة التي يتم فيها التحريم ثلاثون شهرًا.
ثانيًا: ذهب الصاحبان -أبو يوسف، ومحمد بن الحسن-، والإمام مالك في "الموطأ"، والشافعية، والحنابلة إلى أن المدة التي يقع فيها التحريم هي حولان، ولا يحرم بعد ذلك.
ثالثًا: ذهب زفر من الحنفية إلى تقديرها بثلاث سنوات.
رابعًا: ذهب الإمام مالك في رواية ابن القاسم إلى أن ما كان في الحولين وزيادة شهر أو شهرين هو الذي تنتشر به الحرمة.
انظر: "بدائع الصنائع"(5/ 76)، "البناية شرح الهداية"(5/ 260)، "الموطأ"(ص 470)، "المدونة"(2/ 297)، "البيان"(11/ 142)، "الحاوي"(14/ 427)، "الإنصاف"(9/ 334)، "المحرر"(2/ 227).
(2)
"المدونة"(2/ 295).
(3)
"الاستذكار"(6/ 249).
(4)
"المغني"(11/ 310).
(5)
"زاد المعاد"(5/ 571).
(6)
"البناية شرح الهداية"(5/ 256).
(7)
"سبل السلام"(3/ 403).
(8)
"نيل الأوطار"(7/ 109).
(9)
"بدائع الصنائع"(5/ 83)، "فتح القدير"(3/ 438).
(10)
"المعونة"(2/ 688)، "الذخيرة"(4/ 274).
(11)
"العزيز شرح الوجيز"(9/ 561)، "روضة الطالبين"(7/ 451).
(12)
"الإنصاف"(9/ 334)، "المحرر"(2/ 227).
البصري، وسعيد بن المسيب، وطاوس، والثوري، وعطاء، ومكحول، وقتادة، والأوزاعي (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].
• وجه الدلالة: جاء التحريم هنا بالرضاعة مطلقًا عن القدر؛ فيستوي قليله وكثيره (2).
2 -
عن عقبة بن الحارث (3) رضي الله عنه قال: تزوجت امرأة؛ فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت لي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة، فأعرض عنه، فأتيته من قبل وجهه، وقلت: إنها كاذبة. قال: "كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟ دعها عنك"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسائل بمفارقة امرأته لما جاءه الخبر أن امرأة أرضعتهما، ولم يسأله عن مقدار الرضعات، فدل على أن ما يطلق عليه اسم رضاع أنه يحرِّم (5).
3 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: الرضعة الواحدة تحرم (6).
4 -
أن ابن عمر رضي الله عنهما لمّا بلغه أن ابن الزبير قال: لا تحرم الرضعة والرضعتان قال: قضاء اللَّه خير من قضاء ابن الزبير، وتلا قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23].
• الخلاف في المسألة: أولًا: من قال: إنه لا يحرِّم إلا ما كان خمس رضعات فأكثر، وإليه ذهب الشافعية في ظاهر المذهب (7)، والحنابلة في رواية هي المذهب (8)، وابن حزم الظاهري (9)، وهو قول عائشة رضي الله عنهما (10).
(1)"الإشراف"(1/ 92)، "المحلى"(10/ 193).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 85).
(3)
هو عقبة بن الحارث بن عامر القرشي، أسلم يوم الفتح، وسكن مكة، وزوجته هي أم يحيى بنت أبي إهاب. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 48)، "الإصابة"(4/ 427).
(4)
أخرجه البخاري (5104)(6/ 153).
(5)
"زاد المعاد"(5/ 572).
(6)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 458).
(7)
"العزيز شرح الوجيز"(9/ 562)، "روضة الطالبين"(7/ 451).
(8)
"الإنصاف"(9/ 334)، "المحرر"(2/ 227).
(9)
"المحلى"(10/ 189).
(10)
"المحلى"(10/ 190).
• دليل هذا القول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرِّمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن (1).
ثانيًا: من قال: إنه لا يحرِّم إلا ثلاث رضعات، وهو وجه عند الشافعية (2)، ورواية عن الإمام أحمد (3).
وهو قول عن عائشة، وابن الزبير رضي الله عنهما، وسليمان بن يسار، وسعيد بن جبير، وأبي عبيد، وأبي ثور، وداود (4)، وابن المنذر (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم المصة ولا المصتان"(6).
2 -
عن أم الفضل رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحرم الإملاجة والإملاجتان"(7).
• وجه الدلالة: هذه أحاديث صحيحة لا يجوز العدول عنها، فثبت التحريم بالثلاث، ونُفي التحريم بما دونها بصريح السنة (8).
ثالثًا: من قال: إنه لا يحرّم إلا سبع رضعات، وحكي هذا عن عائشة، وحفصة، وعمر بن عبد العزيز (9).
• دليل هذا القول: لا دليل على هذا المذهب كما قال ابن القيم، وابن حزم (10). قال ابن حزم: نظرنا فيما احتج به من ذهب إلى سبع رضعات، فلم نجد لهذا القول متعلقًا، فسقط (11).
رابعًا: من قال: إنه لا يحرِّم إلا عشر رضعات، وحكي هذا القول عن عائشة أيضًا، وعن حفصة (12).
• دليل هذا القول: عن عائشة رضي الله عنها: أن سهلة بنت سهيل أتت
(1) أخرجه مسلم (1452)"شرح النووي"(10/ 26).
(2)
"العزيز شرح الوجيز"(9/ 562)، "روضة الطالبين"(7/ 451).
(3)
"الإنصاف"(9/ 334)، "المحرر"(2/ 227).
(4)
"الإشراف"(1/ 92)، "المحلى"(10/ 191).
(5)
"الإشراف"(1/ 93)، "الإقناع"(ص 233).
(6)
أخرجه مسلم (1450)"شرح النووي"(10/ 26).
(7)
أخرجه مسلم (1451)"شرح النووي"(10/ 26).
(8)
"زاد المعاد"(5/ 572).
(9)
"الإشراف"(1/ 93)، "زاد المعاد"(5/ 573)، "نيل الأوطار"(7/ 113).
(10)
"زاد المعاد"(5/ 574)، "المحلى"(10/ 193).
(11)
"المحلى"(10/ 193).
(12)
"الإشراف"(1/ 93)، "زاد المعاد"(5/ 574)، "المحلى"(10/ 189).