الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخلوة بها، قبل استبرائها إذا وقعت في ملك الرجل.
ثانيًا: ما ذكره ابن القيم، وتبعه عليه المرداوي، وابن قاسم من اعتبار عدم الخلاف في جواز النظر والخلوة بالمملوكة قبل استبرائها دليلًا على جواز الاستمتاع بما دون الوطء قبل الاستبراء، غير مقبول لدى العلماء؛ فقد وقع خلاف بينهم في منع الاستمتاع مطلقًا بالمسبية وغيرها، وهو رأي الحنفية، والمالكية، وبين المسبية وغيرها، عند من فرق بينهما.
[7 - 420] لا تصير الأمة فراشًا لسيدها بمجرد الملك، بل لا بد من الوطء:
إذا ملك رجل أمة، فلا تصبح فراشًا يثبت نسب ابنه منها بمجرد الملك، بل لا بد أن يقع منه وطء حتى تصير فراشًا، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الشربيني (977 هـ) حيث قال: "ولا تصير أمة فراشًا لسيدها إلا بوطء، لا بمجرد الملك، بالإجماع"(1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الشربيني من الشافعية من الإجماع على أن الأمة لا تصير فراشًا بمجرد الملك، بل لا بد من الوطء، وافق عليه المالكية (2)، والحنابلة (3)، وابن حزم (4).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص، وعبد ابن زمعة (5) في غلام؛ فقال سعد: هذا يا رسول اللَّه ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد إلى أنه ابنه، انظر إلى شبهه. وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول اللَّه ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى شبهه، فرأى شبهًا بينًا بعتبة، فقال: "هو
(1)"مغني المحتاج"(5/ 121).
(2)
"التفريع"(2/ 5)، "الاستذكار"(7/ 181).
(3)
"الكافي"(4/ 612)، "الإقناع" للحجاوي (3/ 615).
(4)
"المحلى"(10/ 138 - 139).
(5)
هو عبد بن زمعة بن قيس، أخو سودة بنت زمعة أم المؤمنين لأبيها، كان شريفًا، سيدا من سادات الصحابة، وهو أخو عبد الرحمن بن زمعة الذي تخاصم فيه مع سعد بن أبي وقاص، تزوج النبي صلى الله عليه وسلم سودة، فجعل عبد يحثو على رأسه التراب، فلما أسلم قال: إني لسفيه يوم أحثو على رأسي التراب أن تزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سودة. انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 511)، "الإصابة"(4/ 322).
لك يا عبد، الولد للفراش، وللعاهر الحجر (1)، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة"، قالت: فلم يرَ سودة بعد (2).
• وجه الدلالة: دل الحديث على أن الرجل إن كانت له زوجة أو أمة فأتت بولد في مدة الإمكان صار ولدًا لصاحب الفراش، ولهذا قضى به النبي صلى الله عليه وسلم لعبد بن زمعة؛ لأنه ولد على فراش أبيه (3).
2 -
عن عبد اللَّه بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعزلوهن؟ لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد أو اتركوا (4).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية إلى القول بأن الأمة لا تصير فراشًا بمجرد الملك -كما قال الجمهور- ولا يكفي أن تأتي بولد؛ بل لا بد أن يستلحقه، فيقول: هذا الولد مني (5).
• دليل هذا القول: أن فراش الأمة ضعيف (6)، فلا يثبت النسب فيه بغير ادعائه، وقد وجد الادعاء من السيد فيثبت له (7).
(1) العاهر: الزاني، وله الحجر: عادة العرب أن تقول له الحجر، ونحوه، أي: ليس له إلا الخيبة. وقيل: المراد بالحجر هنا أنه يرجم بالحجارة. وضعَّفه النووي؛ فقال: وهذا ضعيف؛ لأنه ليس كل زان يرجم بالحجارة، إنما يرجم المحصن خاصة، ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد. انظر:"شرح مسلم" للنووي (10/ 33).
(2)
أخرجه البخاري (6765)(8/ 15)، ومسلم (1457)"شرح النووي"(10/ 32).
(3)
"شرح مسلم" للنووي (10/ 33).
(4)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 569)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 413)، وصححه الألباني انظر:"إرواء الغليل"(7/ 190).
(5)
"بدائع الصنائع"(5/ 398)، "العناية على الهداية"(4/ 365).
(6)
قسَّم الحنفية الفراش في النسب إلى ثلاثة أقسام:
الأول: قوي: وهو فراش النكاح، فيثبت النسب فيه بمجرد العقد من غير دعوة، ولا ينتفي إلا بلعان.
الثاني: وسط: وهو فراش أم الولد، فيثبت النسب فيه من غير دعوة، وينتفي بلا لعان.
الثالث: ضعيف: وهو فراش الأمة؛ فلا يثبت النسب فيه من غير دعوة. انظر: "بدائع الصنائع"(5/ 414).
(7)
"بدائع الصنائع"(5/ 414)، "فتح القدير"(4/ 365 - 366).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع على أن الأمة لا تصير فراشًا يثبت به النسب بمجرد الملك.
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع على أن الوطء وحده يكفي أن تكون الأمة فراشًا يثبت به النسب؛ وذلك لوجود خلاف عن الحنفية بأنه لا بد من الاستلحاق من قبل السيد، فلو وطئها، وأتت بولد ولم يستلحقه، لم يثبت نسبه.