الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[14 - 127] إذا تزوج رجل امرأة على صداق مُحرَّم، صح النكاح، وفسد الصداق:
إذا تزوج رجل امرأة على صداق محرَّم، كخمر أو خنزير مثلًا، وكانا مسلمين، فالأصل أنه يمنع ابتداء العقد به، فإن وقع؛ فالتسمية فاسدة، والنكاح صحيح، ولها مهر المثل، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الشافعي (204 هـ) حيث قال: "ولو نكحها بخمر أو خنزير، فالنكاح ثابت، والمهر باطل، ولها مهر مثلها. . . وما قلت: أن لها مهر امرأة من نسائها، ما لا أعلم فيه اختلافًا"(1).
2 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "لا يجوز أن يكون المهر محرمًا لا يصلح أن يملك كالخمر والخنزير. . . ولا خلاف في منع ابتداء العقد به"(2).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "إجماع العلماء على أن الخمر والخنزير لا يكون شيء منهما مهرًا لمسلم"(3). وقال أيضًا: "وأجمعوا مع ذلك على أن النكاح على المهر الفاسد إذا فات بالدخول، فلا يفسخ لفساد صداقه، ويكون فيه مهر المثل"(4).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره المالكية، والإمام الشافعي من الإجماع على أن النكاح إذا عقد على مهر محرّم، فالنكاح صحيح، والمهر فاسد، وافق عليه الحنفية (5)، والحنابلة في المذهب (6). وبه قال الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد (7).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24].
• وجه الدلالة: أباح اللَّه تعالى الفروج بالأموال ولم يفصّل، فوجب إذا حصل بغير المال ألا تقع الإباحة به؛ لأنه على غير الشرط المأذون فيه، كما لو عقد على خمر أو خنزير، أو ما لا يصح تملكه (8).
(1)"الأم"(5/ 105 - 106).
(2)
"المعونة"(2/ 751).
(3)
"الاستذكار"(5/ 466).
(4)
"الاستذكار"(5/ 466 - 467).
(5)
"بدائع الصنائع"(3/ 491)، "حاشية ابن عابدين"(4/ 242).
(6)
"الإنصاف"(8/ 245)، "كشاف القناع"(5/ 135).
(7)
"المغني"(10/ 116)، "مقدمات ابن رشد"(ص 268).
(8)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 112).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي مرشد، وشاهدي عدل"(1).
• وجه الدلالة: تضمن هذا الخبر نفي النكاح عند عدم الولي والشاهدين، وإثبات النكاح بوجودهما، وهذا نكاح وقع بولي وشاهدين، فوجب أن يكون صحيحًا (2).
3 -
أن الفساد الواقع في أبواب البيع لا يكون في النكاح، فإذا فسد الشرط في النكاح؛ صح العقد، وبطل الشرط (3).
4 -
عقد النكاح لا يفسد بجهالة العوض، فلا يفسد كذلك إذا كان العوض محرّمًا (4).
5 -
إذا فسد المهر فليس هناك أكثر من سقوطه، فإذا سقط وجب أن يصار إلى مهر المثل (5).
• الخلاف في المسألة: أولًا: فرّق الإمام مالك في إحدى الروايتين عنه بين ما كان قبل الدخول، وما كان بعده، فإذا عقد النكاح على صداق محرّم؛ فإنه يفرّق بين الزوجين إذا كان قبل الدخول، ولا يفرق بينهما بعده؛ ورجح القاضي عبد الوهاب هذه الرواية (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24].
• وجه الدلالة: علق اللَّه سبحانه وتعالى إحلال الزوجة لزوجها بأن يَصْدُقَها مالًا، والخمر والخنزير ليسا بمال، فوجب أن يفسد النكاح بفساد الصداق (7).
2 -
أن النكاح عقد معاوضة، فيجب أن يفسد بفساد العوض، كالبيع (8).
3 -
إذا وقع الدخول، فلا يفسخ النكاح؛ لأن الصداق قد وجب، فلا يؤخذ بالمعنى الذي لأجله يفسخ قبل الدخول (9).
(1) سبق تخريجه.
(2)
"الحاوي"(12/ 8).
(3)
"بدائع الصنائع"(3/ 492).
(4)
"المغني"(10/ 116)، "كشاف القناع"(5/ 135).
(5)
"الحاوي"(12/ 8).
(6)
"عيون المجالس"(3/ 1135)، "مقدمات ابن رشد"(5/ 268).
(7)
"المعونة"(2/ 547).
(8)
"المعونة"(2/ 547).
(9)
"المعونة"(2/ 547).