الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن: مسائل الإجماع في الصداق
[1 - 114] وجوب الصداق في النكاح:
الصداق من الأمور الواجب ذكرها عند عقد النكاح، ولا يجوز التواطؤ على تركه عند العقد، فإذا تزوج الرجل بالمرأة، ولم يُسَمِّ صداقًا، فلا يدخل بالمرأة حتى يسمي صداقًا؛ فإن دخل دون أن يسمي صداقًا لزمه مهر المثل، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "والأصل في وجوب الصداق في النكاح: الكتاب، والسنة، والإجماع"(1).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أنه إن وقع في هذا النكاح وطء؛ فلا بد من صداق"(2).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وأجمع علماء المسلمين. . . أنه لا يجوز له وطء في نكاح بغير صداق مسمى، دينًا، أو نقدًا، وأن المفوض إليه لا يدخل حتى يسمي صداقًا، فإن وقع الدخول في ذلك، لزمه فيه صداق المثل"(3).
4 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "اتفقوا على أن الصداق مشروع"(4).
5 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "اتفقوا على أنه شرط من شروط الصحة، وأنه لا يجوز التواطؤ على تركه"(5).
6 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح"(6).
7 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "هذه الآية (7) تدل على وجوب الصداق للمرأة،
(1)"الحاوي"(12/ 3).
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 123).
(3)
"الاستذكار"(5/ 408).
(4)
"الإفصاح"(2/ 110).
(5)
"بداية المجتهد"(2/ 34).
(6)
"المغني"(10/ 97).
(7)
قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4].
وهو مجمع عليه، ولا خلاف فيه" (1).
8 -
ابن جزي (741 هـ) حيث قال: ". . . الصداق، وهو شرط بإجماع، ولا يجوز التراضي على إسقاطه، ولا اشتراط سقوطه"(2).
9 -
الرملي (1004 هـ) حيث قال: "والأصل فيه: الكتاب، والسنة، والإجماع"(3).
10 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "والأصل في الصداق: الكتاب، والسنة، والإجماع، واتفقوا على أنه من شروط صحة النكاح"(4).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من وجوب الصداق في النكاح، وأنه لا يجوز أن يخلى عقد النكاح منه، فإن دخل بالمرأة، ولم يسمِ صداقًا كان لها مهر المثل، وافق عليه الحنفية (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]. وقال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 24].
2 -
وقال تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: 25].
• وجه الدلالة: دلت الآيات السابقة على وجوب الصداق، وأن لا يخلو نكاح عن تسمية صداق.
3 -
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوسًا، فجاءته امرأة تعرض نفسها عليه، فخفض فيها النظر ورفعه، فلم يردها، فقال رجل من أصحابه: زوجنيها يا رسول اللَّه، قال:"أعندك من شيء؟ "، قال: ما عندي من شيء، قال:"ولا خاتمًا من حديد؟ "، قال: ولا خاتم، ولكن أشق بردي هذا فأعطيها النصف، وآخذ النصف، قال:"لا، هل معك من القرآن شيء؟ "، قال: نعم، قال: "اذهب، فقد زوجتكها بما
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 22).
(2)
"القوانين الفقهية"(ص 200).
(3)
"نهاية المحتاج"(6/ 335).
(4)
"حاشية الروض المربع"(6/ 363).
(5)
"مختصر الطحاوي"(ص 184)، "الاختيار"(3/ 101).
معك من القرآن" (1).
• وجه الدلالة: دل الحديث على وجوب المهر، ولو كان شيئًا يسيرًا كالخاتم، أو تعليم القرآن، وأن لا يخلو النكاح عن ذكره.
4 -
سئل عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه عن رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات، قال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي (2) فقال: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق (3)، امرأة منا، مثل ما قضيت، ففرح بها ابن مسعود (4).
5 -
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة؟ "، قال: نعم، وقال للمرأة:"أترضين أن أزوجك فلانًا؟ " قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقًا، ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا فباعته بمائة ألف (5).
(1) أخرجه البخاري (5132)(6/ 163)، ومسلم (1425)"شرح النووي"(9/ 179).
(2)
هو معقل بن سنان بن مظهر الأشجعي، شهد فتح مكة، ثم أتى المدينة فأقام بها، وكان فاضلًا تقيًّا، كانت معه راية أشجع يوم الفتح، ويوم حنين أيضًا، بقي حيًّا إلى وقعة الحرّة، فكان ممن خلع بيعة يزيد بن معاوية، فقتل في الوقعة المذكورة، سنة (63 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(5/ 221)، "الإصابة"(6/ 143).
(3)
هي بروع بنت واشق الرؤاسية الكلابية، وقيل: الأشجعية، وزوجها هلال بن مرّة الأشجعي، مات قبل أن يفرض لها صداقًا. لم يرد في ترجمتها أكثر من هذا. انظر ترجمتها في:"أسد الغابة"(7/ 35)، "الإصابة"(8/ 49).
(4)
أخرجه أبو داود (2113)(2/ 237)، والترمذي (1148)(2/ 377)، والنسائي (3354)(6/ 89).
قال ابن حجر: صححه ابن مهدي، والترمذي، وقال الشافعي: لا أحفظه من وجه يثبت مثله، ففيه اضطراب، فمرة عن معقل بن سنان، ومرة عن رجل من أشجع، ومرة معقل بن يسار. قال البيهقي: قد سمي فيه معقل بن سنان، وهو صحابي مشهور، والاختلاف فيه لا يضر، فإن جميع الروايات فيه صحيحة. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 191).
(5)
أخرجه أبو داود (2117)(2/ 238)، وصححه الألباني. انظر:"صحيح سنن أبي داود"(2/ 398).