الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يرجمها، فجاءت أختها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت: إن عمر يرجم أختي؛ فأنشدك اللَّه، إن كنت تعلم أن لها عذرا لما أخبرتني به، فقال علي: إن لها عذرا، فكبرت تكبيرة سمعها عمر من عنده، فانطلقت إلى عمر فقالت: إن عليًّا زعم أن لأختي عذرا، فأرسل عمر إلى علي: ما عذرها؟ قال: إن اللَّه عز وجل يقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: الآية 15] فالحمل ستة أشهر، والفصل أربعة وعشرون شهرًا. فخلى عمر سبيلها (1).
2 -
أُتي عثمان رضي الله عنه بامرأة وضعت لستة أشهر، فأمر عثمان برجمها، فقال له ابن عباس: لو خاصمَتكَ إلى كتاب اللَّه لخصمتْك؛ فقد قال اللَّه تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: الآية 15] وقال سبحانه: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فالحمل ستة أشهر، والرضاع سنتان، فدرأ عنها الحد (2).
• وجه الدلالة: استنبط الصحابة رضي الله عنهم من هذه الآيات أقل مدة الحمل، وتبعهم الفقهاء في ذلك.
النتيجة:
تحقق الإجماع على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[43 - 396] الزوجة الذمية في العدة من زوجها المسلم كالمسلمة:
إذا تزوج رجل مسلم كتابية، فلها من الحقوق على زوجها ما للمسلمة تمامًا، فإن طلقها، لزمتها العدة، ولها النفقة في المواطن التي تلزم للمسلمة، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "أجمع كل من أحفظ قوله من علماء الأمصار على أن عدة الذمية تكون تحت المسلم عدة الحرة المسلمة"(3).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "ولا خلاف أن الزوجة الذمية في النفقة والعدة، وجميع أحكام الزوجات كالمسلمة"(4).
(1) أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 442)، وعبد الرزاق (13443)(7/ 349).
(2)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 442)، وعبد الرزاق (13447)(7/ 351).
(3)
"الإشراف"(1/ 264).
(4)
"التمهيد"(17/ 316).
3 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "وإذا طلق الذمي الذمية فلا عدة عليها، بخلاف ما إذا طلقها المسلم أو مات عنها؛ فإن عليها العدة بالاتفاق"(1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الزوجة الذمية في العدة من زوجها المسلم، كالمسلمة، وافق عليه الحنابلة (2)، وابن حزم (3)، وهو قول الثوري، وأبي ثور، وأبي عبيد (4).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]
2 -
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
3 -
وقال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
• وجه الدلالة: دلت هذه الآيات على وجوب العدة على النساء، ولم تفرق بين مسلمة وغيرها (5).
• الخلاف في المسألة: ذهب الإمام مالك إلى أن الذمية المتوفى عنها تعتد بثلاث حيض (6).
• دليل هذا القول: أن العدة عبادة، والكتابية ليست من أهل العبادات، فيجب أن تُعرف براءة رحمها، ولا يكون ذلك إلا بالحيض، فتعتد بثلاث حيض (7).
قال ابن العربي: وهذا منه فاسد جدًّا؛ لأنه أخرجها من عموم آية الوفاة وهي منها، وأدخلها في عموم آية الطلاق وليست منها (8).
النتيجة:
أولًا: ما ذكر من الإجماع على أن عدة الذمية كالمسلمة متحقق في الذمية المطلقة التي تحيض، والصغيرة التي لم تحض، واليائسة من المحيض.
(1)"فتح القدير"(4/ 333).
(2)
"الإنصاف"(9/ 270، "الشرح الكبير" (24/ 7).
(3)
"المحلى"(9/ 26).
(4)
"الإشراف"(1/ 264).
(5)
"المغني"(11/ 194).
(6)
"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 245).
(7)
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 245)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 168).
(8)
"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 245).