الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتزوج، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "أن يكون متصل الأخبار معلوم الحياة، فنكاح زوجته مُحال، وإن طالت غيبته، وسواء ترك لها مالًا أم لا، وليس لها أن تتزوج غيره، وهذا متفق عليه"(1).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: ". . . أن تكون غيبة غير منقطعة، يُعرفُ خبره، ويأتي كتابه، فهذا ليس لامرأته أن تتزوج في قول أهل العلم أجمعين"(2).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الماوردي، وابن قدامة، من الإجماع على أن زوجة الغائب غيبة غير منقطعة لا تتزوج أبدًا، وافق عليه الحنفية (3)، والمالكية (4)، وابن حزم (5).
• مستند الإجماع:
1 -
أن اليقين هو حياة الزوج، فيجب البقاء على اليقين حتى يأتي ما يزيله (6).
2 -
إذا مُكِّنت المرأة من النكاح؛ فهو حكم بموت الزوج، إذ المرأة لا تحل لزوجين في حالة واحدة، وفي هذا خروج عن الأصل، وهو يقين حياته (7).
النتيجة:
تحقق الإجماع على أن الغائب غيبة غير منقطعة أن امرأته لا تتزوج؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[46 - 399] إذا غاب الزوج غيبة ظاهرها الهلاك، تربصت امرأته أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا، ثم تتزوج:
إذا غاب الرجل عن أهله غيبة ظاهرها الهلاك، كالذي يفقد من بين أهله، أو يخرج إلى مكان قريب فلا يعود، أو يفقد في المعركة، أو يغرق المركب الذي كان يركبه في البحر، فعلى امرأته أن تتربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا، ثم يحل لها أن تتزوج، ونُقل الإجماع على ذلك.
(1)"الحاوي"(14/ 365).
(2)
"المغني"(11/ 247).
(3)
"الهداية"(1/ 478)، "فتح القدير"(6/ 141).
(4)
"المعونة"(2/ 597)، "القوانين الفقهية"(ص 217).
(5)
"المحلى"(9/ 316).
(6)
"مختصر المزني" - ملحق بـ "الأم"(9/ 239)، "الحاوي"(14/ 365).
(7)
"المبسوط"(11/ 35).
• من نقل الإجماع:
1 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "يضرب له الأجل لإجماع الصحابة على ذلك، روي عن عمر أنه يُضرب لها أجل أربع سنين، ثم يفرق بينهما، وروي مثله عن علي، وروي مثله عن جماعة من التابعين، ولم يُحفظ خلاف عن أحد من الصدر الأول في ذلك"(1).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: ". . . أن تكون غيبته ظاهرها الهلاك، كالذي يفقد من بين أهله ليلًا أو نهارًا، أو يخرج إلى الصلاة فلا يرجع، أو يمضي إلى مكان قريب ليقضي حاجته ويرجع؛ فلا يظهر له خبر، أو يفقد من بين الصفين، أو ينكسر به مركب فيغرق بعض رفقته، أو يفقد في مهلكة، كبرية الحجاز ونحوها، . . . أن زوجته تتربص أربع سنين، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرا، وتحل للأزواج"(2)، ثم ذكر أن عمر، وعثمان، وعليًّا، وابن الزبير، قد قضوا به. ثم قال بعد ذلك:"وهذه قضايا انتشرت في الصحابة فلم تنكر، فكانت إجماعا"(3).
3 -
المواق (897 هـ) حيث قال: "الذي يغيب في بلاد المسلمين فينقطع أثره، ولا يعلم خبره، فيضرب لامرأته أجل أربع سنين، بإجماع من الصحابة"(4).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره علماء المالكية، وابن قدامة من الحنابلة، من الإجماع على أن امرأة الغائب غيبة ظاهرها الهلاك، تتربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا، ثم تحل للأزواج؛ وافق عليه الإمام الشافعي في القديم (5). وهو قول عمر، وعثمان، وعلي (6)، وابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر رضي الله عنهم، وعطاء، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، والزهري، وقتادة، والليث، وإسحاق، وأبي عبيد، والأوزاعي (7).
• مستند الإجماع:
1 -
فُقد رجل في عهد عمر، فجاءت امرأته إلى عمر رضي الله عنه، فقالت: إن زوجي خرج إلى مسجد أهله، وفُقِد، فقال: انطلقي، فتربصي أربع سنين، ففعَلَتْ، ثم أتته فقال: انطلقي فاعتدي أربعة أشهر وعشرا، ففعَلَتْ، ثم أتته فقال: أين
(1)"المعونة"(2/ 597 - 598).
(2)
"المغني"(248/ 11).
(3)
"المغني"(11/ 251).
(4)
"التاج والإكليل"(5/ 496).
(5)
"الحاوي"(14/ 365)، "البيان"(11/ 44).
(6)
الصحيح عن علي رضي الله عنه غير هذا كما سيأتي.
(7)
"الإشراف"(1/ 86)، "المحلى"(9/ 317 - 318)، "الحاوي"(14/ 365)، "المغني"(11/ 249).
وليُّ هذا الرجل؟ فجاء وليُّه، فقال: طلقها؛ ففعل. فقال لها عمر: انطلقي، فتزوجي من شئت. فتزوجتْ، ثم جاء زوجها الأول، فقال له عمر: أين كنت؟ قال: يا أمير المؤمنين، استهوتني الشياطين، فوالله ما أدري في أي أرض اللَّه، كنت عند قوم يستعبدونني، حتى اغتزاهم قوم مسلمون، فكنت في ما غنموه، فقالوا في: أنت رجل من الإنس، وهؤلاء من الجن، فمالك وما لهم؟ فأخبرتهم خبري، فقالوا: بأي أرض اللَّه تحب أن تصبح؟ قلت: المدينة هي أرضي. فأصبحت وأنا انظر إلى الحرة. فخيره عمر، إن شاء امرأته، وإن شاء الصداق، فاختار الصداق، وقال: قد حبلتْ، لا حاجة لي فيها (1).
2 -
عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو، فإنها تنتظر أربع سنين ثم تحد أربعة أشهر وعشرا، ثم تحل"(2).
3 -
عن الزهريّ قال: وقضى بذلك -أي بمثل قضاء عمر- عثمان بن عفان رضي الله عنه (3).
4 -
عن علي رضي الله عنه قال: "تعتد أربع سنين، ثم يطلقها ولي زوجها، وتعتد بعد ذلك أربعة أشهر وعشرا، فإن جاء زوجها المفقود بعد ذلك، خير بين الصداق وبين امرأته"(4).
(1) أخرجه الدارقطني مختصرًا (3803)(3/ 217)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 445)، وعبد الرزاق (12321)(7/ 86).
قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللَّه: تذهب إلى حديث عمر؟ قال: هو أحسنها؛ يروى عن عمر من ثمانية وجوه. ثم قال: زعموا أن عمر رجع عن هذا، هؤلاء الكذابين. قلتُ: فروي من وجه ضعيف أن عمر قال بخلاف هذا! قال: لا؛ إلا أن يكون إنسان يكذب. وصححه الألباني. انظر: "المغني"(11/ 248)، "إرواء الغليل"(6/ 150).
(2)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 450)، وعبد الرزاق (12317)(7/ 85).
(3)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 446)، وعبد الرزاق (12318)(7/ 58).
(4)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 445).
قال البيهقي: يرويه خلاس بن عمرو، وأبو المليح عن علي رضي الله عنه بمثل قضاء عمر، ورواية خلاس عن علي ضعيفة، ورواية أبي المليح عن علي مرسلة، والمشهور عن علي خلاف هذا. وقال ابن عبد البر: أحاديث خلاس عن علي منقطعة ضعاف، وأكثرها منكرة.
انظر: "الاستذكار"(6/ 131).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الحنفية (1)، والإمام الشافعي في الجديد (2)، والإمام أحمد في رواية عنه (3)، وابن حزم (4)، إلى أن امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها يقين وفاته، طالت المدة أو قصُرت. وهو قول علي بن أبي طالب فيما صح عنه، وابن مسعود رضي الله عنه (5)، وأبي قلابة، والشعبي، والنخعي، وابن سيرين، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وجابر بن زيد، وحمَّاد بن أبي سليمان (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها الخبر"(7).
2 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال في امرأة المفقود: هي امرأة ابتليت، فلتصبر، لا تنكح حتى يأتيها يقين موته (8).
ثانيًا: جاءت رواية عن الإمام أحمد بالتوقف، فقال: كنت أقول ذلك، وقد هبتُ الجواب فيها، لما اختلف الناس فيها، وكأني أُحِبُ السلامة (9)، وقد أنكر الإمام أحمد على من روى عنه أنه رجع عن القول في هذه المسألة (10).
(1)"المبسوط"(11/ 35)، "بدائع الصنائع"(8/ 313).
(2)
"الحاوي"(14/ 365)، "البيان"(11/ 45).
(3)
"الإنصاف"(7/ 336)، (9/ 288)، "المحرر"(2/ 215).
(4)
"المحلى"(9/ 316).
(5)
"الاستذكار"(6/ 133)، "نصب الراية"(3/ 720).
(6)
"الإشراف"(1/ 86)، "الحاوي"(14/ 365)، "المحلى"(9/ 318)، "المغني"(11/ 249).
(7)
أخرجه الدارقطني (3804)(3/ 217)، والبيهقي في "الكبرى" (7/ 445). قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا حديث مُنكر؛ فيه محمد بن شرحبيل؛ متروك الحديث، يروي عن المغيرة أباطيل، ومناكير.
وقال الزيلعي: هذا حديث ضعيف، وقال: فيه محمد بن شرحبيل، متروك الحديث، وفيه سوار بن مصعب أشهر في المتروكين منه، ودونه صالح بن مالك؛ لا يُعرف، ودونه محمد بن الفضل؛ لا يُعرف حاله. انظر:"العلل" لابن أبي حاتم (1/ 432)، "نصب الراية"(3/ 718 - 719).
(8)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 445)، وعبد الرزاق (12330) (7/ 90). قال البيهقي: روي عن علي من وجه آخر يخالفه، وهو ضعيف. وقال ابن عبد البر: هذا أصح ما روي عن علي. انظر: "الاستذكار"(6/ 131).
(9)
"المغني"(11/ 249)، "الإنصاف"(7/ 336).
(10)
قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه مرَّة: إن إنسانًا قال لي: إن أبا عبد اللَّه قد ترك قوله في المفقود =