الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[32 - 385] تعتد المتوفى عنها زوجها في بيت الزوجية:
إذا مات زوج المرأة فتلزمها عدة الوفاة، ويكون مقامها في بيت زوجها الذي جاءها فيه خبر وفاته، ونُفي الخلاف في ذلك.
من نفى الخلاف:
1 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال في التي خرجت من بيت زوجها لسفر أو حج، ثم توفي زوجها:"ومتى رجعت وقد بقي عليها شيء من عدتها، لزمها أن تأتي به في منزل زوجها، بلا خلاف نعلمه بينهم في ذلك"(1).
2 -
المرداوي (885 هـ) حيث قال: "وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه، . . . بلا نزاع"(2).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره علماء الحنابلة من أنه لا خلاف في أن المعتدة من وفاة، تعتد في منزل زوجها الذي جاءها خبر وفاته فيه، وافق عليه الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، وهو قول عمر، وعثمان، وابن عمر، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأم سلمة رضي الله عنهم، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، والزهري، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد (6).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
قال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
• وجه الدلالة: البيت الذي تؤمر بالسكون فيه للاعتداد، هو الموضع الذي كانت تسكنه قبل مفارقه زوجها وقبل موته، سواء كان الزوج ساكنا فيه أو لم يكن، لأن اللَّه تعالى أضاف البيت إليها بقوله عز وجل:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] والبيت المضاف إليها هو الذي تسكنه (7)
2 -
أن الفريعة بنت مالك بن سنان جاءت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة؛ فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، فسألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإنه لم يتركني في
(1)"المغني"(11/ 305).
(2)
"الإنصاف"(9/ 306).
(3)
"المبسوط"(6/ 32)، "البناية شرح الهداية"(5/ 626).
(4)
"المعونة"(2/ 678)، "القوانين الفقهية"(ص 241).
(5)
"الحاوي"(14/ 259)، "البيان"(11/ 59).
(6)
"الاستذكار"(6/ 214)، "المغني"(11/ 291).
(7)
"بدائع الصنائع"(4/ 451).
مسكن يملكه ولا نفقة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"نعم". قالت: فخرجت، حتى إذا كنت في المسجد، دعاني، فقال:"كيف قلت؟ "، فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي. قال:"امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله". قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلى فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه وقضى به (1).
• وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ألزمها أن تعتد في بيت الزوجية حتى تنقضي العدة، ويبلغ الكتاب أجله، وبه قضى عثمان، في جماعة الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكروه (2).
3 -
عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد عن نسائهم، وكنَّ متجاورات في الدار، فجئن النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: إنَّا نستوحش يا رسول اللَّه بالليل فنبيت عند إحدانا، حتى إذا أصبحنا تبددنا بيوتنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"تحدثنَّ عند إحداكنَّ ما بدا لكن، حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها"(3).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب المزني من الشافعية (4)، وابن حزم (5)، إلى أن المتوفى عنها زوجها تعتد حيث شاءت، ولا تجب عليها الإقامة في بيت زوجها أيام عدتها. وهو قول علي، وابن عباس، وجابر، وعائشة رضي الله عنهم، وجابر بن زيد، والحسن البصري، وعطاء (6).
• دليل هذا القول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نسخت هذه الآية عدتها عند أهله، فتعتد حيث شاءت، وهو قول اللَّه تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)} [البقرة: 240]. قال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت؛ لقول اللَّه تعالى:{فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 240].
قال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى، فتعتد حيث شاءت (7).
(1) سبق تخريجه.
(2)
"المغني"(11/ 291).
(3)
أخرجه الشافعي في "الأم"(5/ 340)، وعبد الرزاق (12077)(7/ 36)، مرسلًا.
(4)
"الحاوي"(14/ 259)، "البيان"(11/ 59).
(5)
"المحلى"(10/ 73).
(6)
"مصنف عبد الرزاق"(7/ 36)، "المغني"(11/ 291)، "الاستذكار"(6/ 215).
(7)
أخرجه البخاري (5344)(6/ 230).