الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)} [النساء: 20].
• وجه الدلالة: دلت الآية على جواز المغالاة في المهور؛ لأن القنطار هو الشيء العظيم من المال، ولا يمثل اللَّه سبحانه وتعالى إلا بالمباح (1).
2 -
عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها كانت تحت عبيد اللَّه بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم، وأمهرها عنه أربعة آلاف درهم (2).
• وجه الدلالة: دل الحديث على جواز المغالاة في المهور، حيث أصدق النجاشي عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف. وهذا كثير مقارنة بمهور نسائه صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يتجاوز صداقهن أربعمائة درهم (3)، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي ذلك.
3 -
تزوج عمر بن الخطاب رضي الله عنه أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه، وأصدقها أربعين ألف درهم (4).
• وجه الدلالة: دل فعل عمر رضي الله عنه على جواز المغالاة في المهر، ولو لم يكن ذلك جائزًا ما فعله رضي الله عنه.
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره علماء المالكية، والشافعية من الإجماع على أنه لا حد لأكثر الصداق، وافق عليه الحنفية (5)، والحنابلة (6)، وابن حزم (7).
النتيجة:
تحقق الإجماع في أنه لا حد لأكثر الصداق؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[3 - 116] صحة النكاح من غير تسمية صداق:
تسمى هذه المسألة: نكاح التفويض (8)، فلو تزوج رجل امرأة من غير تسمية
(1)"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 87).
(2)
أخرجه أبو داود (2107)(2/ 235)، والنسائي (3350)(6/ 87)، وصححه الألباني. انظر:"صحيح سنن أبي داود"(2/ 396).
(3)
انظر: "سنن أبي داود"(2/ 235).
(4)
أخرجه البيهقي (7/ 233)، قال البيهقي: وهو مرسل حسن، وقد روى من أوجه أخر موصولا ومرسلا.
(5)
"المبسوط"(5/ 62)، "الجوهرة النيرة"(2/ 79).
(6)
"الإنصاف"(8/ 229)، "المحرر"(2/ 68).
(7)
"المحلى"(9/ 50).
(8)
التفويض لغة: من فوض الأمر إليه، أي: صيره إليه وجعله الحاكم فيه، والتفويض في النكاح: التزويج بلا مهر. انظر: "لسان العرب"(7/ 210)، "القاموس المحيط"(ص 839).
التفويض عند الفقهاء: ينقسم التفويض عند الفقهاء إلى قسمين: تفويض بضع، وتفويض مهر. =
صداق، صح النكاح، ولها مهر مثلها، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الجوهري (350 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن من تزوج امرأة على غير صداق ذكره، أن النكاح ثابت عليه"(1).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن لكل موطوءة بنكاح صحيح، ولم يكن سمى لها مهرًا، فلها مهر مثلها"(2).
3 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "ولا خلاف في أن النكاح يصح من غير ذكر المهر"(3).
4 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن نكاح التفويض جائز، وهو أن يعقد النكاح دون صداق"(4). ونقله عنه ابن قاسم (5).
5 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "لما قسم اللَّه تعالى حال المطلقة هنا إلى قسمين: مطلقة مسمى لها المهر، ومطلقة لم يسم لها، دل على أن نكاح التفويض جائز، وهو كل نكاح عقد من غير ذكر الصداق، ولا خلاف فيه"(6).
6 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "واتفق العلماء على أن من تزوج امرأة، ولم يقدر لها مهرًا، صح النكاح"(7). وقال أيضًا: "يصح النكاح بلا تقدير مهر. . . وأما صحته بدون فرض المهر، فهذا ثابت بالكتاب، والسنة، والإجماع"(8).
7 -
ابن جزي (741 هـ) حيث قال: ". . . نكاح التفويض، وهو جائز اتفاقًا، وهو أن
= تفويض البضع: هو أن يتزوج الرجل المرأة الثيب من وليها بإذنها ورضاها، على أن لا مهر لها. قال ابن قدامة: وهو الذي ينصرف إليه إطلاق التفويض.
وتفويض المهر: أن يجعل الزوجان الصداق إلى رأي أحدهما، أو إلى رأي أجنبي؛ فيقول: زوجتكَ على ما شئتَ، أو على حُكْمِكَ، أو على حكمي، أو حكمها، أو حكم أجنبي.
انظر: "الحاوي"(12/ 97)، "المغني"(10/ 138)، "روضة الطالبين"(6/ 266)، "تحرير ألفاظ التنبيه"(ص 257)، "الزاهر"(ص 207)، "طلبة الطلبة"(ص 97).
(1)
"نوادر الفقهاء"(ص 87 - 88)
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 123).
(3)
"بدائع الصنائع"(3/ 484).
(4)
"بداية المجتهد"(2/ 45).
(5)
"حاشية الروض المربع"(6/ 389).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 180).
(7)
"مجموع الفتاوى"(32/ 62).
(8)
"مجموع الفتاوى"(29/ 352).
يسكتا عن تعيين الصداق حين العقد، ويفوض ذلك إلى أحدهما أو إلى غيرهما، ثم لا يدخل بها حتى يتعين" (1).
8 -
البابرتي (786 هـ) حيث قال: "لا خلاف لأحد في صحة تسمية النكاح بلا مهر"(2).
9 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "وصحة النكاح بدون تسمية المهر إجماعًا"(3).
10 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "ويصح النكاح، وإن لم يسمِّ فيه مهرًا، لا خلاف في ذلك"(4). ونقله عنه ابن نجيم (5).
11 -
الشربيني (977 هـ) حيث قال: "ويجوز إخلاؤه منه (6) بالإجماع"(7).
12 -
الرملي (1004 هـ) حيث قال: "ويجوز إخلاؤه منه، أي: من تسميته إجماعًا"(8).
13 -
الشوكاني (1250 هـ) حيث قال: "لا يشترط في صحة النكاح أن يسلم الزوج إلى المرأة مهرها قبل الدخول، ولا أعرف في ذلك خلافًا"(9).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على صحة النكاح من غير تسمية صداق، هو قول ابن عباس، وابن عمر، وعطاء، وسعيد بن المسيب، وعمرو ابن دينار، وسعيد بن جبير، والزهري (10).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236].
• وجه الدلالة: رفع سبحانه وتعالى الجناح عمن طلق في نكاح لا تسمية فيه، والطلاق لا يكون إلا بعد نكاح، فدل على جواز التسمية بلا نكاح (11).
2 -
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
(1)"القوانين الفقهية"(ص 203).
(2)
"العناية على الهداية"(3/ 316).
(3)
"البناية شرح الهداية"(4/ 646).
(4)
"فتح القدير"(3/ 316).
(5)
"البحر الرائق"(3/ 152).
(6)
أي: إخلاء عقد النكاح عن تسمية المهر.
(7)
"مغني المحتاج"(4/ 367).
(8)
"نهاية المحتاج"(6/ 335).
(9)
"نيل الأوطار"(6/ 295).
(10)
"المحلى"(9/ 83).
(11)
"بدائع الصنائع"(3/ 484).