الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالكراهة لا ينافي الجواز.
قال البخاري: كرهه جابر بن زيد للقطيعة، وليس فيه تحريم؛ لقوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24](1).
[10 - 60] ما يجمعه الحر من النساء:
جاءت الإباحة في الشريعة الإسلامية للرجل الحر بنكاح أربع من النساء، وجواز الجمع بينهن في عقد واحد، وحرّمت الجمع بين أكثر من أربع من النساء، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "أكثر ما يحل للحر أربع، لا يجوز له الزيادة عليهن، وهو قول سائر الفقهاء"(2).
وقال أيضًا: ". . . فلو كان على ما قالوه، لكان من عجز عن العدل في تسع حرم عليه أن ينكح إلا واحدة، ولما حل له اثنتان، ولا ثلاث، ولا أربع، وهذا مدفوع بالإجماع"(3).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "اتفقوا على أن نكاح الحر البالغ العاقل العفيف الصحيح، غير المحجور، المسلم، أربع حرائر، مسلمات غير زوانٍ صحائح فأقل، حلال. . . واتفقوا على أن نكاح أكثر من أربع زوجات، لا يحل لأحد بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم"(4). وقال أيضًا: "لم يختلف في أنه لا يحل لأحد زواج أكثر من أربع نسوة أحد من أهل الإسلام، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام"(5).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وقد اتفق الجميع على أن للحر أن يتزوج أربعًا؛ وإن خاف ألا يعدل"(6).
4 -
البغوي (516 هـ) حيث قال: "اتفقت الأمة على أن الحر يجوز له أن ينكح أربع حرائر"(7).
(1)"صحيح البخاري"(6/ 154).
(2)
"الحاوي"(11/ 226).
(3)
"الحاوي"(11/ 227).
(4)
"مراتب الإجماع"(ص 115).
(5)
"المحلى"(9/ 7).
(6)
"الاستذكار"(5/ 481).
(7)
"شرح السنة"(5/ 49).
5 -
ابن هبيرة (560 هـ)، فذكره بنحو ما قال البغوي (1).
6 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "واتفق المسلمون على جواز نكاح أربع من النساء معًا، وذلك للأحرار من الرجال"(2).
7 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "وليس للحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات، أجمع أهل العلم على هذا، ولا نعلم أحدًا خالفه منهم"(3).
8 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "أجمع المسلمون أن من لم يخف القسط في اليتامى له أن ينكح أكثر من واحدة، اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا"(4). وقال أيضًا: "اعلم أن هذا العدد مثنى وثلاث ورباع لا يدل على إباحة تسع، كما قاله من بعد فهمه للكتاب والسنة. . . وهذا كله جهل باللسان والسنة، ومخالفة لإجماع الأمة؛ إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع"(5).
وقال أيضًا: "وقد اتفق الجميع على أن للحر أن يتزوج أربعًا، وإن خاف ألا يعدل"(6).
9 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: بعد قول البخاري "باب لا يتزوج أكثر من أربع"(أما حكم الترجمة فبالإجماع، إلا قول من لا يعتد بخلافه من رافضي ونحوه" (7).
10 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "باب لا يتزوج أكثر من أربع، أي هذا باب يذكر فيه أنه لا يتزوج الرجل أكثر من أربع نسوة، وهذا لا خلاف فيه بالإجماع، ولا يلتفت إلى قول الروافض"(8).
11 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "وللحر أن يتزوج أربعًا. . . اتفق عليه الأئمة الأربعة وجمهور المسلمين"(9).
12 -
ابن نجيم (970 هـ)، فذكره بنحو ما قال ابن الهمام (10).
(1)"الإفصاح"(2/ 101).
(2)
"بداية المجتهد"(268).
(3)
"المغني"(9/ 471).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 13).
(5)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 16).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 121).
(7)
"فتح الباري"(9/ 168).
(8)
عمدة القاري" (20/ 91).
(9)
"فتح القدير"(3/ 239).
(10)
"البحر الرائق"(3/ 113).
13 -
الشربيني (977 هـ) حيث قال: "وقال بعض الخوارج: الآية تدل على جواز تسع، مثنى باثنتين، وثلاث بثلاث، ورباع بأربع؛ وبعض منهم: تدل على ثمانية عشر، مثنى اثنين اثنين، وثلاث ثلاثة ثلاثة، ورباع أربعة أربعة، ومجموع ذلك ما ذكر، وهذا خرق للإجماع"(1).
14 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "لا يحل لحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات إجماعًا"(2).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3].
• وجه الدلالة: هذا نص على العدد فتمنع الزيادة عليه (3).
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غيلان بن سلمة الثقفي (4) أسلم، وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخير أربعًا منهن (5).
3 -
وقال نوفل بن معاوية (6): أسلمت، وتحتي خمس نسوة، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"فارق واحدة منهن"(7).
4 -
عن الحارث بن قيس (8) رضي الله عنه قال: أسلمت، وعندي ثماني نسوة، فأتيت
(1)"مغني المحتاج"(4/ 298).
(2)
"حاشية الروض المربع"(6/ 300).
(3)
"الهداية"(1/ 211).
(4)
هو غيلان بن سلمة بن معتب، من ثقيف بن هوازن، أسلم بعد فتح الطائف، وهو أحد وجوه ثقيف ومقدميهم، كان يفد على كسرى، وله معه خبر، كان شاعرًا محسنًا، توفي في آخر خلافة عمر رضي الله عنه. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 328)، "الإصابة"(5/ 253).
(5)
أخرجه الترمذي (1131)(2/ 368)، وابن ماجه (1953)(1/ 612).
قال ابن حجر: وأخرج من طريق نافع وسالم عن ابن عمر، ورجال إسناده ثقات. وصححه الألباني. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 169)، "مشكاة المصابيح" بتحقيق الألباني (2/ 948).
(6)
هو نوفل بن معاوية بن عروة، وقيل: ابن عمرو، الديلي، أسلم يوم الفتح، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وهي أول مشاهده، حج سنة تسع مع أبي بكر، وسنة عشر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بلغ المائة، نزل المدينة، وتوفي بها أيام يزيد بن معاوية. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(5/ 349)، "الإصابة"(6/ 380).
(7)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 184)، وضعّفه الألباني. انظر:"إرواء الغليل"(6/ 295).
(8)
هو الحارث بن قيس بن عميرة الأسدي، واختلف في اسمه فقيل: هو قيس بن الحارث، ورجح الأخير ابن حجر، وقال: هو قول الجمهور، له صحبة كذا قال ابن حبان وابن أبي حاتم. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(1/ 632)، "الإصابة"(5/ 349).
النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"اختر منهن أربعًا"(1).
• وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أولًا: لو كانت الزيادة على الأربع حلالًا لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بمفارقة من زاد على أربع، فدل على أن منتهى العدد المشروع هو الأربع (2).
ثانيًا: مَنَع النبي صلى الله عليه وسلم من استدامة الزيادة على أربع، فالابتداء أولى (3).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب القاسم بن إبراهيم (4)، والرافضة (5)، إلى القول بأنه يجوز أن يجمع بين تسع من النساء.
ثانيًا: ذهبت الخوارج إلى القول بإباحة ثماني عشرة امرأة، فإن مثنى بمعنى اثنين اثنين، وثُلاث بمعنى ثلاث ثلاث، ورُباع بمعنى أربع أربع، فهو معدول عن عدد مكرر فيصبح المجموع ثماني عشرة (6).
• أدلة المخالفين:
1 -
قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3].
• وجه الدلالة: الواو للجمع، فثنتان وثلاث وأربع، تسع من النساء (7).
2 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن تسع نساء، واللَّه سبحانه وتعالى يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
• وجه الدلالة: ساوت الأمة النبي صلى الله عليه وسلم فيما تستبيحه من الإماء، فوجب أن تساويه في حرائر النساء (8).
النتيجة:
تحقق الإجماع على أنه لا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع من
(1) أخرجه أبو داود (2241)(2/ 272)، وابن ماجه (1952)(1/ 612)، وصححه الألباني. انظر:"صحيح سنن ابن ماجه"(1/ 330).
(2)
"بدائع الصنائع"(3/ 445 - 446).
(3)
"المغني"(9/ 472).
(4)
هو أبو محمد القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الحسني العلوي الرسي، من أئمة الزيدية، كان يسكن في أطراف المدينة، وإليه تنسب الطائفة القاسمية، إحدى فرق الزيدية، توفي بالقرب من ذي الحليفة سنة (246 هـ). انظر ترجمته في: معجم الشعراء للمرزباني (ص 335).
(5)
"الحاوي"(11/ 226)، "المغني"(9/ 471)، "البناية شرح الهداية"(4/ 555)، "فتح القدير"(3/ 239).
(6)
"فتح القدير"(3/ 239)، "الجامع لأحكام القرآن"(5/ 17)، البناية (4/ 555)، "مغني المحتاج"(4/ 298).
(7)
"الحاوي"(11/ 226)، "المغني"(9/ 471).
(8)
"الحاوي"(11/ 226).