الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: مسائل الإجماع في مشروعية النكاح وحكمه
[1 -
1] (1) مشروعية النكاح:
النكاح من الأمور المشروعة؛ لموافقته الفطرة الإنسانية، وهو من سنن المرسلين، ونقل الإجماع على مشروعيته جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "أباح اللَّه تعالى النكاح نصًّا في كتابه، وصريحًا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، انعقد بهما سالف إجماع الأمة"(2). وقال أيضًا: "سائر الأمم عليه مجمعة، والضرورة إليه داعية، لما فيه من غض الطرف، وتحصين الفرج، وبقاء النسل، وحفظ النسب"(3).
2 -
العمراني (558 هـ) حيث قال: "والأصل في جوازه الكتاب والسنة والإجماع"(4). وقال أيضًا: "وأجمعت الأمة على جواز النكاح"(5).
3 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن النكاح من العقود الشرعية المسنونة بأصل الشرع"(6).
4 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "والأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة والإجماع"(7).
5 -
الرافعي (623 هـ) حيث قال: "الأصل في النكاح بعد إجماع أهل الملل قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] (8) ".
6 -
ابن مودود الموصلي (683 هـ) حيث قال: "وعلى شرعيته إجماع الأمة"(9).
(1) الرقم الأول يشير إلى رقم المسألة في الفصل، والرقم الثاني يشير إلى رقم المسألة في البحث بأكمله، كما سبق ذكر ذلك.
(2)
"الحاوي"(11/ 3).
(3)
"الحاوي"(9/ 7).
(4)
"البيان"(9/ 105).
(5)
"البيان"(9/ 106).
(6)
"الإفصاح"(2/ 88).
(7)
"المغني"(9/ 340).
(8)
"العزيز شرح الوجيز"(7/ 426).
(9)
"الاختيار لتعليل المختار"(3/ 82).
7 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: ". . . حل الخبز، واللحم، والنكاح، واللباس، وغير ذلك مما علمت إباحته بالاضطرار من دين الإسلام؛ فهذه المسائل مما لم يتنازع فيها المسلمون، لا سنيهم، ولا بدعيهم"(1).
8 -
الزركشي الحنبلي (772 هـ) حيث قال: "وهو مشروع بالإجماع القطعي في الجملة"(2).
9 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "الإجماع منعقد على أن النكاح من العقود الشرعية المسنونة بأصل الشرع"(3).
10 -
البابرتي (786 هـ) حيث قال: "ما اتفق في حكم من أحكام الشرع مثل ما اتفق في النكاح من اجتماع دواعي الشرع والعقل والطبع، فأما دواعي الشرع من الكتاب والسنة والإجماع: فظاهرة، . . . "(4).
11 -
ابن مفلح (884 هـ) حيث قال: "وهو مشروع بالإجماع"(5).
12 -
زكريا الأنصاري (925 هـ) حيث قال: "والأصل فيه قبل الإجماع آيات كقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، وأخبار. . . "(6). وكذا قال في "أسنى المطالب"(7)، و"الغرر البهية"(8).
13 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "أجمع الأئمة على أن النكاح من العقود الشرعية المسنونة بأصل الشرع"(9).
14 -
الخطيب الشربيني (977 هـ) حيث قال: "والأصل في حله الكتاب والسنة وإجماع الأمة"(10). وكذا قال في "الإقناع"(11).
(1)"مجموع الفتاوى"(32/ 82).
(2)
"شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(5/ 5).
(3)
"رحمة الأمة في اختلاف الأئمة"(ص 211).
(4)
"العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير"(3/ 185).
(5)
"المبدع شرح المقنع"(6/ 82).
(6)
"فتح الوهاب شرح منهج الطلاب"(2/ 30 - 31).
(7)
"أسنى المطالب شرح روض الطالب"(3/ 98).
(8)
"الغرر البهية شرح التحفة الوردية"(7/ 233).
(9)
"الميزان"(3/ 172).
(10)
"مغني المحتاج"(4/ 201).
(11)
"الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"(2/ 228).
15 -
الرملي (1004 هـ) حيث قال: "والأصل فيه قبل الإجماع الآيات والأخبار"(1).
16 -
البهوتي (1051 هـ) حيث قال: "وهو مشروع بالإجماع"(2)، ونقل الإجماع أيضًا في "المنح الشافيات"(3).
17 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "والأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة والإجماع، وذكر غير واحد من العلماء أنهم اتفقوا على أنه من العقود الشرعية المسنونة بأصل الشرع"(4).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]
2 -
وقال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32].
3 -
عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"(5).
4 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط (6) إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أُصلّي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أُفطِر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واللَّه إني لأخشاكم للَّه وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأُصلّي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"(7).
(1)"نهاية المحتاج"(6/ 174).
(2)
"كشاف القناع"(5/ 6).
(3)
"المنح الشافيات شرح المفردات"(2/ 106).
(4)
"حاشية الروض المربع"(6/ 223).
(5)
أخرجه البخاري (5066)(6/ 143)، ومسلم (1400)"شرح النووي"(9/ 146).
(6)
الرهط: ما دون العشرة من الرجال، جمع لا واحد له من لفظه. انظر:"لسان العرب"(7/ 305).
(7)
أخرجه البخاري (5063)(6/ 142)، ومسلم (1401)"شرح النووي"(9/ 149).
5 -
وعن سعد بن أبي وقاص (1) رضي الله عنه قال: رد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-على عثمان بن مظعون (2) التبتل (3)؛ ولو أذن له لاختصينا (4).
6 -
وعن عبد اللَّه بن عمرو (5) رضي الله عنه قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"(6).
7 -
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة (7)، وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، ويقول:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة"(8).
النتيجة:
الإجماع في هذه المسألة صحيح، ولا يتصور أصلًا وجود مخالف في ذلك؛ لأن خلافه مخالف لفطرة اللَّه التي فطر الناس عليها. وثبوت الإجماع في هذه المسألة لا يتوقف ثبوته على حكاية من حكاه، فقد امتن اللَّه سبحانه وتعالى على عباده بأن خلق لهم من أنفسهم أزواجًا؛ فقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
(1) هو سعد بن مالك بن وهيب بن زهرة القرشي، أسلم بعد ستة رجال، وكان عمره سبعة عشر عامًا، أحد العشرة المبشرين بالجنة، شهد بدرًا والمشاهد، قائد معركة القادسية، لم يشهد الفتنة التي وقعت في صفين، توفي سنة (54 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(2/ 452)، و"الإصابة"(3/ 61).
(2)
هو أبو السائب عثمان بن مظعون الجمحي القرشي، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلًا، هاجر هو وابنه السائب إلى الحبشة الهجرة الأولى، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا، أول من مات من المهاجرين بالمدينة سنة (2 هـ) بعد أن شهد بدرًا، وهو أول من دفن بالبقيع. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(3/ 592)، و"الإصابة"(4/ 381).
(3)
التبتل هو: الانقطاع عن النساء وترك النكاح. انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 95).
(4)
أخرجه البخاري (5073)(6/ 145)، ومسلم (1402)"شرح النووي"(9/ 149).
(5)
هو عبد اللَّه بن عمرو بن العاص السهمي القرشي، أسلم قبل أبيه، قرأ القرآن والكتب المتقدمة، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يكتب عنه فأذن له، وكانت معه الراية في اليرموك، اختلف في مكان وفاته وفي سنتها؛ فقيل: بمصر سنة (65)، وقيل: بمكة سنة (67)، وقيل: بالطائف سنة (55 هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة"(3/ 345)، و"الإصابة"(4/ 165).
(6)
أخرجه مسلم (1467)"بشرح النووي"(10/ 48).
(7)
الباءة: أي: النكاح والتزويج. انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 157).
(8)
أخرجه أبو داود (2050)(2/ 220)، والنسائي (3227)(6/ 49)، والإمام أحمد في "المسند"(12613)(20/ 63)، وابن حبان (4056)(9/ 264)، والحاكم في "المستدرك" (2/ 162). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.