الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشافعية (1) أن الأخرس إن كان قادرًا على الكتابة فلا يقع طلاقه إلا بالكتابة دون الإشارة. وهو قول النخعي، والثوري، وأبي ثور (2).
• دليل هذا القول: أن الضرورة في قبول إشارة الأخرس قد اندفعت بقدرته على الكتابة فيصار إليها، وهي أقوى من الإشارة (3).
ثانيًا: يرى الحسن البصري، وقتادة أن طلاق الأخرس لا يقع، فيطلق عنه وليه (4).
• دليل هذا القول: أن الأخرس لا يستطيع الكلام، فيقوم وليه مقامه، فيطلق عنه (5).
النتيجة:
عدم صحة ما ذكر من أنه لا خلاف في أن طلاق الأخرس صحيح؛ وذلك لما يلي:
1 -
وجود خلاف عن بعض الحنفية، والمتولي من الشافعية، وهو قول النخعي، والثوري، وأبي ثور -يقيد وقوع طلاق الأخرس فيما إذا لم يقدر على الكتابة، فإن قدر على الكتابة، فلا تعتبر إشارته.
2 -
وجود خلاف عن الحسن البصري وقتادة يجعل التطليق لولي الأخرس، وليس له.
[20 - 195] الطلاق بلفظ الطلاق والفراق والسراح؛ لفظ صريح يقع به الطلاق:
إذا تلفظ الرجل بلفظ الطلاق، أو الفراق، أو السراح، فإن هذه ألفاظ صريحة يقع بها الطلاق، ولا تحتاج إلى نية، ونقل الاتفاق على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الاتفاق:
1 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن ألفاظ الطلاق: طلاق وما تصرف من هجائه مما يفهم معناه"(6).
= في الفروع، درس في النظامية، وتوفي في بغداد سنة (478 هـ). انظر ترجمته في:"طبقات الشافعية" للسبكي (3/ 124)، "طبقات ابن قاضي شهبة"(1/ 254).
(1)
"العزيز شرح الوجيز"(8/ 536)، "روضة الطالبين"(7/ 38).
(2)
"الإشراف"(1/ 182).
(3)
"حاشية ابن عابدين"(4/ 448).
(4)
"الإشراف"(1/ 171)، (182)، "البناية شرح الهداية"(5/ 302).
(5)
انظر: "الإشراف"(1/ 171).
(6)
"مراتب الإجماع"(ص 129).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "لم يختلف فيمن قال لامرأته: قد طلقتك أنه من صريح الطلاق في المدخول بها، وغير المدخول بها"(1).
3 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن الطلاق والفراق والسراح متى أوقع المكلف لفظة منها، وقع بها الطلاق، وإن لم ينوِه"(2).
4 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "لم يختلف العلماء فيمن قال لامرأته: قد طلقتك أنه من صريح الطلاق في المدخول بها، وغير المدخول بها"(3).
5 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن الطلاق، والفراق، والسراح صريح لا يفتقر إلى نية"(4).
6 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن لفظ الطلاق وما تصرّف منه صريح"(5).
• الموافقون على الاتفاق: أولًا: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على أن لفظ الطلاق لفظ صريح يقع به الطلاق وافق عليه الحنفية (6).
ثانيًا: ما ذكره قاضي صفد من الشافعية، وابن هبيرة من الحنابلة من الاتفاق على أن لفظ الفراق، ولفظ السراح لفظان يدلان على الطلاق صراحة -وافق عليه المالكية في رواية (7).
• مستند الاتفاق: قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: الآية 229] وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)} [الأحزاب: الآية 28] وقال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: الآية 231].
• وجه الدلالة: أن لفظ الطلاق، والفراق، والسراح ألفاظ ورد بها القرآن، ويراد بها الفرقة بين الزوجين، فتكون صريحة في الطلاق، والفراق، والسراح كلفظ الطلاق تمامًا (8).
(1)"الكافي"(ص 264).
(2)
"الإفصاح"(2/ 123).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 125).
(4)
"رحمة الأمة"(ص 230).
(5)
"فتح الباري"(9/ 447).
(6)
"بدائع الصنائع"(4/ 222)، "الهداية"(1/ 251).
(7)
"القوانين الفقهية"(ص 230)، "الكافي" لابن عبد البر (ص 264).
(8)
"الحاوي"(13/ 4).
• الخلاف في المسألة: أولًا: لم يختلف الفقهاء في أن لفظ الطلاق لفظ صريح يدل على الطلاق، ولا يحتاج فيه إلى نية.
ثانيًا: وقع خلاف بين الفقهاء في لفظي الفراق، والسراح: هل يفتقران إلى نية حتى يقع بهما الطلاق أم لا؟ .
فقد ذهب الحنفية (1)، والمالكية في رواية (2)، وهو القديم عند الشافعية (3)، وذكره الغزالي بصيغة التمريض، وقال: لا بأس به (4)، والمذهب عند الحنابلة (5)، ورجحه ابن قدامة، وابن القيم (6)، وهو قول ابن حزم (7) -إلى أن اللفظ الصريح في الطلاق لفظة واحدة فقط؛ وهي لفظة "الطلاق" وما تصرف منها، نحو: التطليق، وأنت طالق، وأنت الطلاق، وطلقتك، دون لفظ "الفراق، والسراح"، فهما من ألفاظ الكناية لا تقع إلا بنية.
• أدلة هذا القول:
1 -
أنه ثبت في عرف الشرع استعمال هذا اللفظ -الطلاق- صراحة، فيدل على الطلاق صراحة (8).
2 -
أن لفظ الفراق، والسراح يستعملان في غير الطلاق كثيرًا، فلا يدلان على الطلاق إلا بنية (9).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع على أن لفظ الطلاق، وما تصرف منه لفظ صريح في الطلاق يدل عليه؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع على أن لفظ الفراق، والسراح ألفاظ صريحة تدل على الطلاق بلا نية؛ لخلاف الحنفية، والمالكية في رواية، والشافعية في القديم، والمذهب عند الحنابلة، وابن حزم، على أنهما لا يدلان على الطلاق إلا بنية.
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 222)، "الاختيار"(3/ 125).
(2)
"الكافي" لابن عبد البر (ص 264)، "التفريع"(2/ 74).
(3)
"روضة الطالبين"(7/ 21)، "الوسيط"(5/ 372).
(4)
"الوسيط"(5/ 372).
(5)
"الكافي"(4/ 440)، "الإنصاف"(8/ 462).
(6)
"المغني"(10/ 355)، "زاد المعاد"(5/ 322).
(7)
"المحلى"(9/ 437).
(8)
"الكافي" لابن قدامة (4/ 439).
(9)
"المغني"(10/ 355 - 356)، "زاد المعاد"(5/ 322).