الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
أنه يمكن أن يكون منها، كما يمكن أن يكون من الرجل، بل هو منها أكثر؛ لأنها قد تأتي به من زوج، أو من وطء شبهة، أو من زنى، فيلحقها بها ولدها من الزنى دون الأب (1).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن المرأة إذا ادعت اللقيط فلا يقبل قولها إلا ببينة؛ لخلاف أشهب من المالكية، وبعض الشافعية، ورواية هي المذهب عند الحنابلة؛ بقبول قول المرأة بلا بينة.
[7 - 477] إذا ادعى اللقيط اثنان لا بينة لهما، أولهما بينتان فتعارضتا، نريه القافة:
إذا ادعى اللقيط اثنان، وليس لأحدهما بينة، أو كان لكل منهما بينة، لكنهما متعارضتان، فتسقط البينتان، ونريه القافة، فمن ألحقته فهو له، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "إذا لم تكن به بينة، أو تعارضت به البينتان، وسقطتا، فإنا نريه القافة معهما، أو مع عصبتهما عند فقدهما، فنلحقه بمن ألحقته به منهما، . . . لأن عمر رضي الله عنه قضى به بحضرة الصحابة، فلم ينكره منكر فكان إجماعًا"(2).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره ابن قدامة من الحنابلة من إجماع الصحابة على أن اللقيط إذا ادعاه اثنان، ولا بينة لهما، أو كان لهما بينتان فتعارضتا، فإنا نريه القافة -وافق عليه الإمام مالك في الإماء خاصة دون الحرائر، وقال أشهب من المالكية: يكون في الحرائر دون الإماء، وهو اختيار ابن عبد البر (3)، والعمل بالقافة في الإماء والحرائر هو قول الشافعية (4). وهو قول عمر في إحدى الروايتين عنه، وابن عباس، وأنس رضي الله عنهم، وعطاء، والأوزاعي، والليث بن سعد، وأبي ثور (5).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: "ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد وأسامة -ورأى
(1)"المغني"(8/ 368).
(2)
"المغني"(8/ 371 - 372).
(3)
"المدونة"(2/ 551)، "الاستذكار"(7/ 175).
(4)
"البيان"(8/ 27)، "العزيز شرح الوجيز"(6/ 415).
(5)
"الاستذكار"(7/ 173)، "البيان"(8/ 28)، "المغني"(8/ 371).
أقدامهما-: إن بعض هذه الأقدام من بعض" (1).
• وجه الدلالة: دل الحديث على جواز الاعتماد على القافة، وإلا ما سر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا اعتمد عليه (2).
2 -
كان عمر بن الخطاب يليط (3) أولاد الجاهلية (4) بمن يدعيهم في الإسلام، فأتى عمر رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر قائفًا، فنظر إليهما، فقال: لقد اشتركا فيه. فضربه عمر بالدرة. ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا -لأحد الرجلين- يأتيني، وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى تظن، ويظن أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها، فأهريقت عليه دمًا، ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو؟ فكبر القائف. فقال عمر للغلام: وال أيهما شئت (5).
• وجه الدلالة: هذا عمر قضى بالقافة بمحضر من الصحابة، ولو لم يكن العمل بقول القائف لما أخذ به عمر (6).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية إلى القول بعدم اعتبار القافة هنا، فإن قدم أحدهما علامة على جسده، وكانا مسلمين، فهو لصاحب العلامة، وإن لم يقدم أحدهما علامة، واستويا في الدعوى ولا مرجح فيها، فهو ابنهما جميعًا (7). وهو قول عمر في الرواية الأخرى، وعلي رضي الله عنهما، والنخعي، والثوري، وإسحاق بن راهويه (8).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن أبي قلابة أن رجلين وقعا على امرأة في طهر واحد، فحملت، فنفست غلامًا، فأبصر القافة شبهه فيهما، فقال عمر: هذا أمر لا أقضي فيه شيئًا، ثم قال للغلام: اجعل نفسك حيث شئت (9).
(1) أخرجه البخاري (4/ 200)، ومسلم (1459)"شرح النووي"(10/ 35).
(2)
"المغني"(8/ 372).
(3)
يليط، أي: يلحق في النسب. انظر: "الاستذكار"(7/ 171).
(4)
قال ابن عبد البر: كان عمر بن الخطاب يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، وهذا كان خاصًا في ولادة الجاهلية، وأما في الإسلام فلا يجوز عند أحد من العلماء أن يلحق ولد من زنى. انظر:"الاستذكار"(7/ 172).
(5)
أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 568)، والبيهقي في "الكبرى"(10/ 263)، وصححه الألباني. انظر:"إرواء الغليل"(6/ 25).
(6)
"المغني"(8/ 372).
(7)
"بدائع الصنائع"(8/ 324)، "فتح القدير"(6/ 113).
(8)
"مصنف عبد الرزاق"(7/ 360)، "شرح مسلم، (10/ 36).
(9)
أخرجه عبد الرزاق في "المصنّف"(13478)(7/ 361).