الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يملك به شيئًا (1).
3 -
أن الزوج له حق على المرأة، يجوز لها أن تسقطه عن نفسها بعوض، فيجوز ذلك من غيرها، كما لو كان عليها دين (2).
• الخلاف في المسألة: ذهب أبو ثور إلى عدم صحة الخلع من الأجنبي (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن هذا الفعل سفه؛ لأن الأجنبي يبذل عوضًا في مقابلة ما لا منفعة له فيه، فإن الملك لا يحصل له (4).
2 -
أن الخلع عقد معاوضة يملك به البضع، والبضع لا يملك بالعوض إلا زوج بنكاح، أو زوجة بخلع، فما لم يملكه الأجنبي -كالخلع- يقتضي أن يكون فاسدًا (5).
النتيجة:
عدم صحة ما ذكر من الاتفاق على أن الخلع يصح من الأجنبي؛ وذلك لوجود خلاف عن أبي ثور، القائل بعدم صحته، إلا أن يحمل الاتفاق على أنه اتفاق الأئمة الأربعة.
[13 - 172] حصول البينونة بالخلع:
إذا طلق الرجل امرأته على مال، فهو طلاق بائن (6)، ونقل الاتفاق على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الاتفاق:
1 -
ابن عبد البر (463 هـ)، حيث قال:"لم يختلفوا أن الخلع طلاق بائن، لا ميراث بينهما فيه"(7).
(1)"الحاوي"(12/ 345).
(2)
"البيان"(10/ 14).
(3)
"الحاوي"(12/ 344)، "عيون المجالس"(3/ 1205)، "المغني"(10/ 309).
(4)
"المغني"(10/ 310).
(5)
"الحاوي"(12/ 345).
(6)
قال ابن عبد البر: معنى البينونة: انقطاع العصمة إلا بنكاح جديد، فكأنها رجعية بانت بانقضاء عدتها. انظر:"الاستذكار"(6/ 82).
قلت: إلا عند من اعتبر الخلع طلاقًا، فإن كان الخلع وقع بعد طلقتين، فإنه طلاق بائن لا تحل له إلا من بعد زوج، وهم الحنفية، والمالكية، والإمام الشافعي في الجديد، والإمام أحمد في رواية عنه، وابن حزم. انظر "المبسوط"(6/ 171)، "التفريع"(2/ 81)، "العزيز شرح الوجيز"(8/ 397)، "المحلى"(9/ 511).
(7)
"الاستذكار"(6/ 82).
2 -
البغوي (516 هـ)، حيث قال:"واتفق أهل العلم على أنه إذا طلقها على مال، فقبلت؛ فهو طلاق بائن"(1).
3 -
ابن رشد (595 هـ)، حيث قال:"فإنهم اتفقوا على أن البينونة إنما توجد من قبل عدم الدخول، ومن قبل عدد التطليقات، ومن قبل العوض في الخلع"(2).
4 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: ". . . ولهذا كان حصول البينونة بالخلع مما لم يعرف فيه خلاف بين المسلمين"(3).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على حصول البينونة بالخلع، وافق عليه الحنفية (4)، وهو قول عثمان، وعلي، وابن مسعود رضي الله عنه، وسعيد ابن المسيب، والحسن، وعطاء، وقبيصة، وشريح، ومجاهد، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي، والشعبي، والزهري، ومكحول، والأوزاعي، والثوري (5).
• مستند الاتفاق:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة (6).
2 -
أن القصد من الافتداء في الخلع هو حصول البينونة؛ ولهذا جاز الخلع لدفع الضرر الذي يلحق بالزوجين أو أحدهما، ولو كان غير بائن للحق بالمرأة ضرر؛ من إرجاع الزوج لها (7).
(1)"شرح السنة"(5/ 144).
(2)
"بداية المجتهد"(2/ 103).
(3)
"مجموع الفتاوى"(33/ 155).
(4)
"المبسوط"(6/ 171)، "الاختيار"(3/ 156).
(5)
"الإشراف"(1/ 196)، "المغني"(10/ 274)، "عمدة القاري"(20/ 260).
وانظر: ما ورد عن عثمان، وعلي، وابن مسعود في:"سنن سعيد بن منصور"(1/ 339)، و"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 112)، و"سنن البيهقي"(7/ 316).
قال ابن المنذر، وابن قدامة: ضعّف أحمد الحديث عنهم، وقال: ليس لنا في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس أنه فسخ.
انظر: "الإشراف"(1/ 196)، "المغني"(10/ 274، 275)، "زاد المعاد"(5/ 198).
(6)
أخرجه الدارقطني (3980)(4/ 31)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 316).
وفيه عبّاد بن كثير، قال البيهقي: وقد ضعّفه أحمد، ويحيى بن معين، والبخاري. وقال الزيلعي: هو متروك الحديث، قال شعبة: احذروا حديثه. انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 316)، "نصب الراية"(3/ 347، 348).
(7)
"مجموع الفتاوى"(33/ 155).
3 -
أن المرأة بذلت العوض من أجل الفرقة، والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ (1).
• الخلاف في المسألة: اختلف الفقهاء في البينونة بالخلع، هل هي طلاق بائن، أم فسخ، أم غير ذلك؟ وكان هذا الخلاف على قولين (2):
القول الأول: ذهب الإمام الشافعي في القديم (3)، والإمام أحمد في رواية عنه، هي المذهب (4) أن الخلع فسخ؛ إلا أن ينوي به الطلاق فهو طلاق. وهو قول ابن عباس، وطاوس، وعكرمة، وإسحاق، وأبي ثور (5).
• أدلة هذا القول:
1 -
ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه احتج بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: الآية 229] ثم قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: الآية 229] ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: الآية 230] فذكر تطليقتين، ثم الخلع، ثم طلقة، فلو كان الخلع طلاقًا لكان رابعًا (6).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة (7).
(1)"المغني"(10/ 275).
(2)
تظهر ثمرة الخلاف في أنه عند القول: إن الخلع طلاق بائن، فإن كان طلقها اثنتين قبل الخلع، فيعتبر الخلع تطليقة ثالثة، فلا تحل له إلا من بعد أن تنكح زوجًا غيره. وعلى هذا فالخلع هنا ينقص به عدد الطلاق. وأما عند القول بأنه فسخ، فإن الخلع لا يؤثر في الطلاق، فلو طلقها اثنتين، ثم خالعها، فله أن يتزوجها بمهر جديد وعقد جديد، وتبقى طلقة واحدة، إلا أن ينوي بالخلع الطلاق. فلا ينقص بالخلع على هذا القول من عدد الطلاق.
انظر: "المبسوط"(6/ 172)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 133)، "المغني"(10/ 275).
(3)
"العزيز شرح الوجيز"(8/ 397)، "روضة الطالبين"(6/ 353).
(4)
"الإنصاف"(8/ 392)، "كشاف القناع"(5/ 216).
(5)
"المغني"(10/ 274)، "عمدة القاري"(20/ 260).
(6)
"المغني"(10/ 275)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 133).
(7)
أخرجه أبو داود (2229)(2/ 269)، والترمذي (1189) (2/ 401). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني.
انظر: "صحيح سنن أبي داود"(2/ 420).
3 -
عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء (1) أنها اختلعت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة (2).
• وجه الدلالة: في هذين الحديثين دليل على أن الخلع فسخ، وليس بطلاق؛ لأن المرأتين أُمرتا أن تعتدا بحيضة، ولو كان طلاقًا لاعتدتا بثلاث حيضات؛ لأن اللَّه سبحانه وتعالى يقول:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: الآية 228](3).
4 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الخلع فرقة، وليس بطلاق (4).
القول الثاني: يرى ابن حزم (5) أن الخلع طلاق رجعي، فللزوج أن يراجع امرأته في العدة أحبت أم كرهت، ما لم يكن طلقها اثنتين قبل الخلع، أو تكون غير مدخول بها.
• دليل هذا القول: بين اللَّه سبحانه وتعالى حكم الطلاق، وأن {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: الآية 228] وقال: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: الآية 2] فلا يجوز خلاف ذلك؛ فيكون الخلع طلاقًا رجعيًّا ما لم يكن آخر الطلاق، أو تكودط غير مدخول بها (6).
النتيجة:
عدم تحقق الاتفاق على أن الخلع تطليقة بائنة؛ وذلك لما يأتي:
1 -
وجود خلاف عن الإمام الشافعي في القديم، والإمام أحمد في رواية هي المذهب، وهو قول ابن عباس، وطاوس، وعكرمة، وإسحاق، وأبي ثور، في أن الخلع فسخ، وليس بطلاق.
(1) هي الرُبَيّع بنت معوذ ابن عفراء الأنصارية، من بني عدي بن النجار، غزت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت من المبايعات تحت الشجرة بيعة الرضوان، اختلعت من زوجها سنة (35 هـ)، في حصار عثمان رضي الله عنه بجميع ما تملك.
انظر ترجمتها في: "أسد الغابة"(7/ 108)، "الإصابة"(8/ 132).
(2)
أخرجه الترمذي (1188)(3/ 401)، والنسائي (3498)(6/ 135)، وابن ماجه (2058) (1/ 646). وصححه الألباني. انظر:"صحيح سنن ابن ماجه"(1/ 350).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 133)، "نيل الأوطار"(7/ 36).
(4)
أخرجه الدارقطني (3824)(3/ 220)، والبيهقي (7/ 317).
قال ابن حجر: إسناده صحيح، قال: وقال الإمام أحمد: ليس في الباب أصح منه.
انظر: "التلخيص الحبير"(3/ 205)، "الإشراف"(1/ 196)، "المغني"(10/ 274 - 275)، "زاد المعاد"(5/ 198).
(5)
"المحلى"(9/ 511).
(6)
"المحلى"(9/ 518).