الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: مسائل الإجماع في الخطبة
[1 - 4] الخِطبة على الخِطبة
(1):
إذا خطب رجل مسلم امرأة، وأجابته إلى ما أراد، فإنه يحرُم على أخيه المسلم أن يتقدم إلى خطبتها، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: "لا خلاف في أنه لا يجوز لأحد أن يخطب على خطبة غيره"(2).
2 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "ولا يخلو حال المخطوبة من ثلاثة أقسام: أحدها: أن تسكن إلى الخاطب لها فتجيبه، أو تأذن لوليها في إجابته وتزويجه، فهذه يحرم على غير خاطبها خطبتها. . . ولا نعلم في هذا خلافًا بين أهل العلم"(3). ونقله عنه ابن قاسم (4).
3 -
ابن أبي عمر (682 هـ) فذكره كما قال ابن قدامة (5).
4 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على
(1) تعريف الخِطبة في اللغة: الخِطبة بالكسر: مصدر بمنزلة الخَطْب، وهي بمنزلة قولك: فلان حسن القِعدة والجِلسة. وخَطب المرأة خَطبًا وخِطبة وخِطِّيبي. يقال: خطبتُ المرأة خِطبةً بالكسر. والخطيبُ: الخاطب. والخِطبُ: الرجل الذي يخطب المرأة، ويقال أيضًا للمرأة المخطوبة. ويقال أيضًا: هي خِطبُهُ وخِطْبَتُهُ للتي يخطبها. انظر: "لسان العرب"(1/ 360)، و"الصحاح"(1/ 184)، و"القاموس المحيط"(ص 103).
تعريف الخِطبة في الاصطلاح: عند الحنفية: طلب التزويج. عند المالكية: فعل الخاطب من كلام، وقصد، واستلطاف بفعل، أو قول. عند الشافعية: التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة. عند الحنابلة: خِطبة الرجل المرأة لينكحها.
انظر: "حاشية ابن عابدين"(4/ 66)، و"الجامع لأحكام القرآن"(3/ 173)، و"مغني المحتاج"(4/ 219)، و"المغني"(9/ 567).
(2)
"عارضة الأحوذي"(5/ 56).
(3)
"المغني"(9/ 567).
(4)
"حاشية الروض المربع"(6/ 242).
(5)
"الشرح الكبير"(20/ 73).
خطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صُرِّح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن، ولم يترك" (1). ونقله عنه ابن حجر (2)، والشوكاني (3).
5 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم، وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك"(4). وقال أيضًا: "لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه إذا أجيب إلى النكاح، وركنوا إليه باتفاق الأئمة"(5).
6 -
الصنعاني (1182 هـ) حيث قال: "وقد أجمع العلماء على تحريمها إذا كان قد صرّح بالإجابة، ولم يأذن، ولم يترك، فإن تزوج والحال هذه، عصى اتفاقًا"(6).
7 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "أن تجيبه، أو تأذن لوليها في إجابته، فتحرم الخطبة بلا خلاف"(7)
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على تحريم خطبة الرجل على خطبة أخيه، وافق عليه الحنفية (8)، وابن حزم (9).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تناجشوا، ولا يبع المرء على بيع أخيه، ولا يبع حاضر لباد، ولا يخطب المرء على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق الأخرى لتكتفئ (10) ما في إنائها"(11).
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب (12).
(1)"شرح مسلم"(9/ 166).
(2)
"فتح الباري"(9/ 141).
(3)
"نيل الأوطار"(6/ 218).
(4)
"مجموع الفتاوى"(32/ 7)، وانظر:"مختصر الفتاوى المصرية"(ص 430).
(5)
"مجموع الفتاوى"(32/ 9).
(6)
"سبل السلام"(3/ 43)، وانظر:(3/ 221).
(7)
"حاشية الروض المربع"(6/ 243).
(8)
"فتح القدير"(5/ 239)، و"حاشية ابن عابدين"(4/ 87).
(9)
"المحلى"(9/ 165).
(10)
تكتفئ: أي: تفتعل، من كفأت القدر إذا كببتها لتُفرغ ما فيها. يقال: كفأت الإناء وأكفأته إذا كببته، وأملته. وهذا تمثيل لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها.
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(4/ 157)، و"لسان العرب"(1/ 140).
(11)
أخرجه البخاري (5144)(6/ 166)، ومسلم (1413)"شرح النووي"(9/ 167).
(12)
أخرجه البخاري (5142)(6/ 166)، ومسلم (1412)"شرح النووي"(9/ 166).
3 -
ومما استدل به على أن المنهي عنه في حال الركون والموافقة للخاطب الأول: حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها (1)، قالت: ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبي سفيان (2)، وأبا جهم (3) خطباني، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهتهُ. ثم قال: "انكحي أسامة"، فنكحته، فجعل اللَّه فيه خيرًا، واغتبطتُ (4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب لأسامة بن زيد على خطبتهما، وذلك أنها لم تجب أيًّا منهما، ولو كانت قد أجابت أيًّا منهما؛ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليفعل ما يَنْهى عنه، وأن فاطمة لم تخبره برضاها بواحد منهما، فلو أخبرته؛ لم يشر عليها بغير الذي ذكرَت (5).
4 -
وفي خطبة الرجل على خطبة أخيه إفساد على الخاطب الأول، وإيقاع للعداوة بين الناس (6).
النتيجة:
تحقق الإجماع على أنه يحرم أن يخطب الرجل على خِطبة أخيه، حتى يدع؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
(1) هي فاطمة بنت قيس بن خالد الفهرية القرشية، أخت الضحاك بن قيس، كانت من المهاجرات الأول، لها عقل وكمال، وهي التي طلقها أبو حفص بن المغيرة، فأمرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وتزوجت بعده أسامة بن زيد. انظر ترجمتها في:"أسد الغابة"(7/ 224)، و"الإصابة"(8/ 276).
(2)
هو معاوية بن صخر بن حرب: "الأموي القرشي، أسلم عام الفتح، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينًا، وكان مع أخيه يزيد حين سيره أبو بكر إلى الشام، فلما مات يزيد استخلفه بعده، فلم يزل واليًا على الشام إلى أن مات عثمان، واستقل بالشام زمن الفتنة، تولى الخلافة بعد الحسن بن علي، مات سنة (60 هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (5/ 201)، و"الإصابة" (6/ 120).
(3)
هو أبو جهم بن حذيفة العدوي القرشي، قيل: اسمه عامر، وقيل: عبيد، أسلم عام الفتح، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان معظّمًا في قريش مقدمًا فيهم، عالمًا بالنسب، وكان من المعمرين؛ حيث شهد بناء الكعبة مرتين؛ مرة في الجاهلية، ومرة في عهد ابن الزبير. انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(6/ 56)، و"الإصابة"(7/ 60).
(4)
أخرجه مسلم (1480)"شرح النووي"(10/ 78).
(5)
"الأم"(5/ 242)، و"سنن الترمذي"(2/ 372)، و"الاستذكار"(9/ 382).
(6)
"المغني"(9/ 567).