الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
تحقق الإجماع على أن الخلع مشروع، وأنه مستمر الحكم غير منسوخ، ولا يلتفت لخلاف بكر بن عبد اللَّه المزني؛ لما يأتي:
1 -
قبل بيان أسباب تحقق الإجماع لا بد أن يقال: كأن الحديث لم يثبت عند بكر؛ أو لم يبلغه (1)، فيلتمس له العذر بهذا.
2 -
إن بلغه هذا الحديث؛ فإن قوله هذا مخالف للسنة الثابتة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين أمر ثابت بن قيس بن شماس أن يأخذ من زوجته ما أعطاها، ويفارقها (2).
3 -
هذا القول شاذ مخالف للإجماع، الذي عليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم، على جواز أخذ الزوج الفدية من زوجته عند الكراهية، ونفور الحال، وعدم استقامته (3).
4 -
إن آية سورة النساء حرّم اللَّه فيها على زوج المرأة أخذ شيء مما آتاها إذا أراد استبدال زوج بزوج من غير أن يكون هناك نشوز وكراهية، وهناك استقامة للحال (4).
5 -
لا يستقيم القول بالنسخ إلا عند العلم بالمتقدم في النزول والمتأخر، وعدم إمكان الجمع، وهما منتفيان فيما ذهب إليه بكر بن عبد اللَّه المزني (5).
[2 - 161] جواز الخلع مع استقامة الحال:
إذا كانت الحال بين الزوجين مستقيمة، وليس فيها إضرار من أحدهما على الآخر، وطلبت المرأة الخلع من زوجها، فإنه يجوز على هذه الحال، ونقل الاتفاق على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الاتفاق:
1 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: "واتفقت الأمة عن بكرة أبيها على أن الخلع يجوز مع استقامة الحال"(6).
2 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه يصح الخلع مع استقامة الحال
(1)"فتح الباري"(9/ 477).
(2)
"الاستذكار"(6/ 77).
(3)
"تفسير الطبري"(2/ 472)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 129)، "زاد المعاد"(5/ 193).
(4)
"تفسير الطبري"(2/ 472).
(5)
"فتح القدير"(4/ 212)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 129).
(6)
"عارضة الأحوذي"(5/ 128).
بين الزوجين" (1). ونقله عنه ابن قاسم (2).
3 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "واتفق الأئمة على أن المرأة إذا كرهت زوجها لقبح منظر، أو سوء عشرة؛ جاز لها أن تخالعه على عوض، وإن لم يكن من ذلك شيء وتراضيا على الخلع من غير سبب جاز، ولم يكره"(3).
4 -
الشعراني (973 هـ) فذكره كما قال قاضي صفد (4).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره الجمهور من الاتفاق على جواز الخلع مع استقامة الحال، وافق عليه الحنفية (5). وهو قول الثوري، والأوزاعي (6).
• مستند الاتفاق: قال تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: الآية 229].
وقال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: الآية 4]. وجه الدلالة من الآيتين: خصّ اللَّه سبحانه وتعالى حالة خوف التقصير في حقوق كل من الزوجين على الآخر بالذكر؛ لأنه الغالب في جريانهم، فإن أعطته المرأة شيئًا جاز بطيب نفسها، وإن لم يكن هناك ضرورة ولا خوف (7).
• الخلاف في المسألة: يرى الإمام أحمد في رواية عنه، رجحها ابن قدامة (8)، وابن المنذر (9)، وابن حزم (10)، أن الخلع مع استقامة الحال غير جائز، ولا يجوز إلا إذا كرهت زوجها، وخافت ألا توفيه حقه، أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها.
• أدلة هذا القول: قال تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ
(1)"الإفصاح"(2/ 117).
(2)
"حاشية الروض المربع"(6/ 461، 462).
(3)
"رحمة الأمة"(ص 226).
(4)
"الميزان"(3/ 207).
(5)
"الهداية"(1/ 293)، "فتح القدير"(4/ 212).
(6)
"المغني"(10/ 271).
(7)
"عارضة الأحوذي"(5/ 128).
(8)
"الإنصاف"(8/ 382)، "الكافي"(4/ 406)، وانظر:"المغني"(10/ 271).
قال ابن قدامة: والحجة مع من حرّمه، وخصوص الآية في التحريم، يجب تقديمه على عموم آية الجواز.
(9)
"الإقناع"(ص 247).
(10)
"المحلى"(9/ 511).